انطلقت المحادثات التي تستضيفها السعودية حول الحرب في أوكرانيا في جدة بعد ظهر اليوم السبت، وفق ما ذكرت وسائل إعلام سعودية رسمية.
ويأتي الاجتماع، الذي يستمر يومين، في إطار ضغط دبلوماسي كبير من أوكرانيا لحشد دعم يتخطى نطاق الداعمين الغربيين الأساسيين من خلال التواصل مع دول النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، التي لا تزال "مترددة" في توضيح موقفها حيال صراع أضرّ بالاقتصاد العالمي، رغم عدم وجود توقعات بأن تحقّق هذه الاجتماعات اختراقا في النزاع مع روسيا.
وأعلنت الرياض، مساء الجمعة، عقد "اجتماع لمستشاري الأمن الوطني وممثلي عدد من الدول" السبت في جدة الساحلية من أجل بحث "الأزمة الأوكرانية"، وفق ما جاء في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية.
وأكد البيان "استعداد المملكة للقيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم".
وأفاد دبلوماسيون في الرياض مطلعون على الاستعدادات بأنّ الدعوات وجّهت إلى حوالي 30 دولة، وروسيا ليست من بينها.
يأتي ذلك في أعقاب المحادثات التي أجريت في يونيو/حزيران في كوبنهاغن، والتي لم تسفر عن بيان رسمي.
وقال الدبلوماسيون إن هدف المحادثات إشراك مجموعة من الدول في نقاشات حول مسار السلام، ولا سيما أعضاء كتلة "بريكس" التي تضم، إضافة إلى روسيا، كلا من البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا، وهي بلدان تبنّت مواقف أكثر حيادية بشأن الحرب، فامتنعت عن الوقوف بجانب أوكرانيا من دون دعم الغزو الروسي.
وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد "مجموعة الأزمات الدولية" جوست هيلترمان إنّه "من خلال استضافتها الاجتماع (حول أوكرانيا)، تريد السعودية تعزيز محاولتها لتصبح قوة وسيطة عالمية لديها القدرة على التوسط في النزاعات".
استراتيجية توازن
لكن أزمة الطاقة التي تسبّبت بها الحرب على أوكرانيا عزّزت أهمية المملكة على الصعيد العالمي، وساعدت في ترميم صورتها بسبب ملفات كثيرة، بينها حرب اليمن وقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقال هيلترمان إنّ الرياض "تريد أن تكون في الخندق ذاته مع الهند أو البرازيل، لأن هذه القوى المتوسطة إن عملت كفريق فيمكن أن تأمل أن يكون لها تأثير على المسرح العالمي كقادة لحركة عدم الانحياز المتجددة".
والهند من الدول التي أكدت حضورها في جدة، واصفة ذلك بأنه يتماشى "مع موقفنا الراسخ" بأن "الحوار والدبلوماسية هما السبيل إلى الأمام".
وتشارك الصين في محادثات جدة من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا لي هوي، وقد أبدت بكين تصميمها على "مواصلة لعب دور بناء من أجل تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية". كذلك أبلغت جنوب أفريقيا أنها ستشارك في الاجتماع.
ويذكر أنّ المملكة أيّدت قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدين الغزو الروسي، وكذلك ضم روسيا أراضي في شرق أوكرانيا.
ومع ذلك، ندّدت واشنطن العام الماضي بتخفيضات إنتاج النفط التي قادتها الرياض وموسكو للمساعدة على رفع الأسعار، والتي جرت الموافقة عليها في أكتوبر/ تشرين الأول، ووصفتها بأنها ترقى إلى "التحالف مع روسيا" في الحرب.
وفي مايو/ أيار الماضي، استضافت السعودية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في قمة جامعة الدول العربية في جدة، حيث تحدث عن "غضّ الطرف" من بعض القادة العرب عن أهوال الغزو الروسي.
ويرى الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام عمر كريم أنّ الرياض تبنّت "استراتيجية توازن كلاسيكية" يمكن أن تخفّف من أي موقف روسي مناهض لاجتماعات جدة. وتابع: "هم يعملون مع الروس في عدة ملفات، لذا أعتقد أن روسيا لن تعتبر مبادرة كهذه (...) أمرا غير مقبول".
(رويترز، فرانس برس)