انطلقت، اليوم الأربعاء، في الخرطوم أولى جلسات الحوار المباشر بين أطراف الأزمة السودانية، الذي دعت إليه الآلية الثلاثية المشتركة.
وكان لافتاً خلال الجلسة الأولى، غياب "قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي"، بما فيها "حزب الأمة القومي".
وأكد حزب "الأمة القومي"، في بيان، التزامه قرار تحالف قوى الحرية والتغيير، بعدم المشاركة في الحوار، بسبب ما قال إنه "حرصاً على وحدة الصف الوطني والسعي للوصول إلى حلول ذات مصداقية تؤدي إلى حلّ الأزمة الوطنية لا تعقيدها".
غير أن الحزب أشاد بجهود الآلية الثلاثية ومساعيها لجمع الصف وتوحيد السودانيين. وقاطع كذلك، "الحزب الشيوعي السوداني" و"تنسيقيات لجان المقاومة"، و"تجمع المهنيين" وأحزاب وتيارات سياسية أخرى عديدة، بلغ عددها 7 تحالفات وأحزاب، جلسات الحوار المباشر.
وشاركت أيضاً أحزاب كانت شريكة في نظام الرئيس المعزول عمر البشير مثل "الحزب الديمقراطي الأصل"، بقيادة محمد عثمان الميرغني، وقوى "الحراك الوطني الموحد"، بقيادة التجاني السيسي، وحزب "المؤتمر الشعبي"، الذي أسسه الراحل حسن الترابي، والذي كان أيضاً شريكاً في حكم البشير.
وفي تصريحات صحافية عقب الجلسة الافتتاحية، قال مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد حسن ود لباد، إن "البداية طيبة، على أمل أن تكون النهايات طيبة أيضاً".
وأشار إلى أن الآلية ترغب في عدم إقصاء أي طرف من الأطراف الفاعلة التي بدونها لن يتحقق أي حل للأزمة.
من جهته، أوضح الأمين العام لتحالف الحرية والتغيير، فصيل ميثاق التوافق الوطني، مبارك أردول، أن الجلسة الأولى كان من المقرر اختيار رئيس للحوار، لكن فُضل تفويض الآلية الثلاثية بالاستمرار في تسهيل الحوار، وتأخير خطوة انتخاب الرئيس إلى حين انضمام مزيد من المجموعات المعارضة، مشيراً إلى أن الأبواب ستظل مفتوحة للجميع للالتحاق بالعملية السياسية.
وقال عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر إن الجلسة أملت إشراك كل السودانيين دون إقصاء وأن يكون الحوار سودانياً سودانياً، وذلك للوصول إلى اتفاق لإدارة الفترة الانتقالية.
من جهته، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، في كلمة له أمام الجلسة الافتتاحية، اليوم الأربعاء، إن الآلية الثلاثية مهمتها الأساسية تسهيل الحوار بين أطراف الأزمة السودانية، على أن يقوم السودانيون بأنفسهم بالاتفاق على موضوعات الحوار، بما فيها تكوين مجلس سيادة وصلاحياته، والاتفاق على الترتيبات الدستورية وآلية اختيار رئيس وزراء.
بدوره، أبدى ممثل الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) إسماعيل وايس، تفهمه لغياب أطراف رئيسة عن جلسة اليوم، لكنه أبدى في المقابل امتعاضه الشديد من غياب أحزاب سبق أن التزمت المشاركة.
كذلك، عُقد اجتماع لمنظمات وناشطين سودانيين بعد ساعات من انعقاد الجلسة الافتتاحية للحوار، وكشفت مصادر داخل الاجتماع، لـ"العربي الجديد"، عن نيّة تلك المنظمات المدنية رفع مذكرة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لإبعاد محمد الحسن ود لباد عن الوساطة "لعدم التزامه بالحياد ومخالفته قواعد سلوك الموظف في المؤسسات الدولية والإقليمية، وإصراره على تخريب توجهات المجتمع الدولي للضغط على العسكر لتسليم السلطة للمدنيين".
وأشار مصدر داخل الاجتماع إلى أنّ "العملية السياسية التي تبنتها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد ثبت فشلها اليوم الأربعاء، بعد مشاركة أطراف الانقلاب وحدها في الحوار لتبدو أنها تفاوض نفسها"، محمّلاً المبعوث الأممي النسبة الكبرى من ذلك الفشل.
لماذا لم تشارك قوى إعلان الحرية والتغيير؟
وأكد كمال بولاد القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير التي رفضت المشاركة في الحوار، إنّ هذه القوى سبق وأن اجتمعت بالآلية الثلاثية وأبلغتها بموقفها الذي يشترط النظر للأزمة من باب الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الذي فرمل الفترة الانتقالية وعملية التحول الديمقراطي، مع التدقيق في تحديد أطراف الأزمة، و"حينما لم يتحقق ذلك اعتذر تحالف الحرية والتغيير عن المشاركة"، كما يقول لـ"العربي الجديد".
وأضاف بولاد أنّ "ما تم من جلسة افتتاحية فيه تجاوز لرؤية التحالف حيث قدمت الدعوات لمجموعات ليست لها مشكلة مع ما حدث يوم 25 أكتوبر، وبعضها كان مشاركاً في النظام السابق ما أكد صحة موقف الحرية والتغيير بالاعتذار عن المشاركة"، مجدداً التأكيد على "استعدادنا مواصلة العمل مع الآلية الثلاثية وكافة من يرى في نفسه إمكانية الإسهام في إنهاء الانقلاب والعودة للمرحلة الانتقالية لاستكمال مهماتها وصولاً إلى إرادة الناخبين السودانيين لاختيار من يحكمهم".
واستبعد بولاد التحاق تحالف إعلان الحرية والتغيير بالحوار "في ظل استمرار التشخيص الخاطئ للأزمة، والخطأ بتحديد أطرافها وعدم استكمال شروط تهيئة البيئة المطلوبة من خلال وقف القتل وسط الثوار السلميين".
وكانت الآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد)، قد بدأت منذ يناير/كانون الثاني عملية سياسية لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين لحل الأزمة التي خلّفها انقلاب البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.