دعا رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، اليوم الجمعة، زعماء الأحزاب السياسية إلى اجتماع عاجل بعد الظهر، وذلك في خضم تطورات متسارعة منذ قرار الرباط تحريك قواتها لوضع حدّ لإغلاق معبر الكركرات الحدودي من قبل عناصر موالية لجبهة "البوليساريو"، منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وبحسب مصادر حكومية، فإن اجتماع العثماني بقيادات الأحزاب المغربية يأتي في سياق مباشرة الحكومة المغربية تعبئتها السياسية والحزبية، بعد المستجدات الجديدة في ملف الصحراء المتمثلة في تحرك القوات المسلحة الملكية نحو المنطقة العازلة في الكركرات رداً على استفزازات جبهة "البوليساريو"، متوقعة في حديث مع " العربي الجديد" أن يجري رئيس الحكومة اجتماعاً مماثلاً مع رؤساء المنظمات النقابية الممثلة وغير الممثلة في البرلمان، لدراسة مآلات الوضع في المنطقة وحشد الأصوات الداعمة لرد الفعل المغربي.
وفيما ينتظر أن يحضر اجتماع اليوم، بالإضافة إلى قادة الأحزاب المغربية، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، أكدت مصادر مغربية متطابقة لـ"العربي الجديد" أن عناصر الموالية لـ"البوليساريو" التي كانت تغلق معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قد انسحبت بعد العملية التي قادها الجيش المغربي، كاشفة عن أن التدخل المغربي الذي تم بشكل احترافي وسلمي تم توثيقه من قبل أعضاء في بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء.
ويأتي ذلك، في وقت تحدثت فيه وسائل إعلام محلية عن إقدام "البوليساريو"، بعد تراجعها من الكركرات، على محاولة شن أعمال عدائية بخط الدفاع المغربي في منطقة المحبس، الواقعة بالمنطقة العازلة من الصحراء، مشيرة إلى أن "عناصر الجبهة الانفصالية فروا هاربين بعد محاولة تنفيذهم هذا الاعتداء".
وفي أول تعليق رسمي لها على تدخل القوات المسلحة الملكية لاستعادة الحركة في معبر الكركرات، أعلنت "البوليساريو" اتخاذها لقرار العودة إلى حمل السلاح، متهمة، في بيان لها، المغرب بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، ومعلنة "اندلاع الحرب".
وعادت طبول الحرب لتدق من جديد في الصحراء بعد أن قرر المغرب، اليوم الجمعة، التدخل لطرد جبهة "البوليساريو" من منطقة الكركرات، وذلك بعد نحو ثلاثة أسابيع من التوتر الشديد جراء إقدام موالين لها على إغلاق المعبر الحدودي الفاصل بين المغرب وموريتانيا.
وقالت الخارجية المغربية، في بيان، إنه "أمام الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لمليشيات البوليساريو وفي المنطقة العازلة الكركرات في الصحراء المغربية، قرّر المغرب التحرك في احترام تام للسلطات المخولة له".
وأوضحت الخارجية المغربية أنه "بعد أن التزم بأكبر قدر من ضبط النفس، لم يكن أمام المغرب خيار آخر سوى تحمل مسؤولياته من أجل وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري"، مشيرة إلى أن "البوليساريو" ومليشياتها، التي تسللت إلى المنطقة منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قامت بأعمال عصابات هناك، وبعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، وكذلك التضييق باستمرار على عمل المراقبين العسكريين للمينورسو".
واعتبرت أن "هذه التحركات الموثقة تشكل بحق أعمالاً متعمدة لزعزعة الاستقرار وتغيير الوضع بالمنطقة، وتمثل انتهاكاً للاتفاقات العسكرية، وتهديداً حقيقياً لاستدامة وقف إطلاق النار. كما أنها تقوض أية فرص لإعادة إطلاق العملية السياسية المنشودة من قبل المجتمع الدولي".
ولفتت إلى أنه منذ 2016، ضاعفت "البوليساريو" هذه التحركات الخطيرة وغير المقبولة في هذه المنطقة، في انتهاك للاتفاقات العسكرية، ومن دون اكتراث لتنبيهات الأمين العام للأمم المتحدة، وفي خرق لقرارات مجلس الأمن التي دعت "البوليساريو" إلى "وضع حد" لهذه الأعمال الهادفة إلى زعزعة الاستقرار.
وفي وقت لاحق، كشفت القوات المسلحة الملكية عن تفاصيل تدخلها في منطقة الكركرات، مشيرة، في بيان لها، إلى أنه "على إثر الحصار الذي قام به نحو ستين شخصاً تحت إشراف عناصر مسلحة من البوليساريو بمحور الطريق الذي يقطع المنطقة العازلة بالكركرات ويربط المملكة المغربية والجمهورية موريتانيا الإسلامية، وتحريم حق المرور، انتقلت القوات المسلحة الملكية ليلة الخميس إلى الجمعة، إلى إقامة طوق أمني من أجل تأمين السير العادي للبضائع والأشخاص في المنطقة".
وكان لافتاً تأكيد الجيش المغربي أن هذه العملية غير هجومية، ومن دون أي نية قتالية، وتتم وفقاً لقواعد واضحة للاشتباك، تتطلب تجنب أي اتصال بالناس المدنيين وعدم اللجوء إلى استخدام السلاح إلا للدفاع عن النفس.
ويأتي قرار المغرب بالتحرك، في ظل التوتر الشديد الذي ساد في معبر الكركرات الحدودي، وفي المنطقة العازلة المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار الصامد منذ عام 1991، جراء تحركات "البوليساريو"، وذلك بالتزامن مع إعلان قيادتها أن "تخطّي القوات المغربية للجدار الرملي يعني العودة إلى الحرب"، واعتبارها أن إغلاق المعبر "قرار نهائي لن تتراجع عنه"، وأن نشطاءها بالمنطقة "باتوا يتحركون بكل أريحية وصولاً إلى شواطئ المحيط الأطلسي".