انتخابات الصومال: إلغاء تمديد ولاية الرئيس ينزع فتيل الانفجار

03 مايو 2021
صوّت 140 نائباً لصالح مشروع إلغاء التمديد (Getty)
+ الخط -

يتجه الصومال، بعد إلغاء التمديد للبرلمان والرئيس محمد عبد الله فرماجو، أمس الأول، نحو مرحلة جديدة من الهدوء النسبي، عقب أيام من التوتر السياسي والأمني، خصوصاً في العاصمة مقديشو. ورحبت المعارضة السياسية بالعودة إلى اتفاقية 17 سبتمبر/أيلول الماضي التي تلحظ إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية غير مباشرة قبل انتهاء ولاية الرئيس (انتهت في 8 فبراير/شباط الماضي)، وإعادة النظر في نظام معقد ينتخب وفقه مندوبون خاصون يختارهم زعماء العشائر، البرلمانيين الذين ينتخبون بعد ذلك الرئيس. من جهته، أكد رئيس الحكومة محمد حسين روبلي، مساء السبت الماضي، "للشعب الصومالي والمجتمع الدولي والولايات الفيدرالية، عزم الحكومة الصومالية على تنظيم انتخابات شفافة".

رحب اتحاد المرشحين للرئاسة بتولي روبلي ملف الأمن

ووافق البرلمان الصومالي، في جلسة صباح السبت الماضي، على إلغاء مشروع كان أقره في 12 إبريل/نيسان الماضي، للتمديد للرئيس محمد عبد الله فرماجو والبرلمان لمدة عامين. وقال رئيس البرلمان محمد شيخ عبد الرحمن مرسل إن 140 نائباً (حضروا الجلسة من أصل 275 يتكون منهم المجلس) صوّتوا لصالح مشروع إلغاء التمديد، والعودة إلى اتفاقية 17 سبتمبر 2020، مضيفاً: لم تسجل أصوات معترضة، أو امتنعت عن التصويت لصالح هذا المشروع. وكان فرماجو استبق القرار، باستعراض إنجازاته الأمنية والسياسية في البلاد، وكلف روبلي بتنظيم الانتخابات النيابية والرئاسية، إلى جانب تسليمه ملف الأمن الشائك، والذي كان أكبر مبرر لرئيسي إقليمي بونتلاند، سعيد عبد الله دني، وجوبالاند، أحمد محمد إسلام مدوبي، لعدم الوثوق في دعوات فرماجو إلى عقد مؤتمر تشاوري لحل الأزمة. 
وسارعت دول عديدة إلى الترحيب بقرار البرلمان. وأعربت السفارة الأميركية، في تغريدة، عن أملها في أن "يؤدي هذا التطور إلى عودة مسار المفاوضات بين الأطراف السياسية للتوصل إلى اتفاق سياسي حول الانتخابات". كما رحبت السفارة التركية في مقديشو بقرار البرلمان الصومالي. وأملت، في تدوينة على "فيسبوك"، أن "يؤدي قرار إلغاء التمديد للعودة إلى طاولة المفاوضات بين الشركاء السياسيين في البلاد". ورحب اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية، في بيان أمس الأحد، "بتولي روبلي ملف الأمن وإدارة العملية الانتخابية". وأعربوا عن استعدادهم للعمل مع رئيس الحكومة الفيدرالية لإجراء الانتخابات في البلاد. وقال رئيس الجمهورية الأسبق والمرشح الرئاسي الحالي شيخ شريف شيخ أحمد، في بيان، "أرحب بقرار مجلس الشعب لصالح العودة إلى اتفاقية 17 سبتمبر للانتخابات"، واصفاً الأمر بأنه "خطوة إلى الأمام".

وبحسب مراقبين، فإن قرار إلغاء التمديد كان متوقعاً لنزع فتيل التوتر من الشارع الصومالي، وفتح باب حوار جديد بين الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد، لإجراء انتخابات. كما أن هذا الأمر فرض حالة هدوء سياسي وأمني، خصوصاً بعد أن أسند ملف الانتخابات والأمن إلى روبلي الذي وعد بإجراء حوار جديد مع المعارضة وتنظيم مؤتمر تشاوري خلال أسابيع للاتفاق على آلية لتنظيم الانتخابات واستكمال تطبيق اتفاقية 17 سبتمبر 2020 بين الرئيس وخمسة من قادة المناطق.
وقال الصحافي نور محمد، لـ"العربي الجديد"، إن البرلمان تدارك خطورة الوضع الراهن، وأنقذ البلاد من حالة الفوضى وعدم الاستقرار، معتبراً أنه "قام بتصحيح ما أفسده سابقاً حتى لا يكون طرفاً في أزمة قد تعيد البلاد إلى المربع الأول". وأشار إلى أن تخلي فرماجو عن تمسّكه بمشروع التمديد قد يشكل انفراجة سياسية وأمنية في البلاد، لأن التمديد هو السبب الرئيس وراء التوتر الأمني الذي شهدته العاصمة في الأيام الماضية، وقد تساهم هذه الخطوة أيضاً في تبديد المخاوف الشعبية من إمكانية تجدد الأحداث الأمنية في مقديشو. واعتبر أن "تولي فرماجو ملف الانتخابات كان المعضلة الأكبر بالنسبة لرؤساء الولايات والمعارضة. كما أن تسليم ملف الانتخابات والأمن إلى روبلي يضفي مصداقية على قرارات الحكومة الصومالية، كون رئيس الوزراء ليس منافساً على كرسي الرئاسة".

مخاوف من محاولة فرماجو الالتفاف على القرار في وقت لاحق
 

لكن المحلل السياسي والكاتب الصومالي عبدالقادر ورسمة أعرب، في حديث مع "العربي الجديد"، عن خشيته من أن يحاول فرماجو الالتفاف على القرار الأخير إذا سنحت له الفرصة. وقد يعود إلى البرلمان متى شاء لإلغاء هذا الإجراء، لأن البرلمان يمثل جزءاً مكملاً لمخططاته. لكنه ذكّر بأن "دور المعارضة في إلغاء القرار، وإجبار فرماجو على التراجع، كان حاسماً". وأوضح أن "لدى رئيس الوزراء فرصة أكبر، خاصة عبر التحرك لحلحلة الوضع وإعادة القوات إلى ثكناتها، إذا تفاهم مع قوى المعارضة التي تقود التمرد المسلح الرافض للتمديد والاستهانة بالدستور الذي يعتبر الضمانة الوحيدة للحفاظ على المصالحة الصومالية الهشة".
وقال الصحافي الصومالي عدنان عبدي، لـ"العربي للجديد"، إن "فرص الحل كانت أفضل لو كانت رسالة فرماجو بالتخلي عن مسار العملية الانتخابية، أمنياً وسياسياً، لصالح رئيس الوزراء جدية، فهي تتطلب خطوات، بينها توقيع فرماجو مرسوماً يعلن فيه التخلي عن صلاحياته بسبب انقضاء ولايته، وحل البرلمان الذي أصبح أساس التوترات السياسية الأخيرة بسبب قرار التمديد وموجة العنف المسلحة التي أعقبت هذه الخطوة". وأضاف أنه "بعد هاتين الخطوتين، سيكون حل أزمة الانتخابات أسهل، والمفاوضات مثمرة، للتوصل إلى إجماع، وتوقيع البروتوكولات التنفيذية لاتفاق 17 سبتمبر حول الانتخابات". 
واعتبر الكاتب الصحافي الصومالي أويس عدو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن قرار إلغاء التمديد أوقف حدة الاحتقان السياسي في البلاد، ويمهد الطريق إلى مفاوضات جديدة بين الولايات الفيدرالية والحكومة الصومالية. كما أنه يساهم في عودة الكثير من الأسر الصومالية التي نزحت إلى مناطق أخرى من العاصمة قبل أسبوع (جراء الاشتباكات) إلى منازلها". وقال "إن مساعي الرئيس لتنظيم انتخابات مباشرة فشلت، بسبب ضغوط محلية ودولية، لكن تخليه عن التمديد، أكسبه تأييداً شعبياً جديداً". وأشار إلى أن "الرئيس فتح مجالاً واسعاً للمعارضة السياسية، التي كان وصفها بأنها كانت تعيق جهود تنظيم انتخابات مباشرة، وألقى الكرة في ملعبها".