إذا صدقت السعودية في وعدها الجديد بتشكيل الحكومة اليمنية نهاية هذا الأسبوع، وذلك بعد نحو 5 أشهر من المشاورات، فلا شيء يبعث على التفاؤل حتى الآن بعد مشاهدة خلطة واسعة من التشكيلات المسربة لقائمة معين عبد الملك والـ24 وزيراً.
ولأنّ الأمور جرت بالتوافق، وكل طرف قام بالاطلاع على قائمة مرشحي الطرف الآخر لشغل الوزارات وسرّبها لمصادره، فلن يكون الواقع بعيداً عن التسريبات، ولن تشهد الحكومة التي تضم فصائل من الذئاب التي تريد نهش بعضها بعضاً، أي نوع من الاستقرار، بل قد تقود اليمن إلى مزيد من الفوضى.
بعد أشهر من مراضاة "المجلس الانتقالي الجنوبي" لتقديم تنازلات والاقتناع بـ5 حقائب فقط وليس 12 كما كان يريدها مناصفة، وإقناع الرئيس عبدربه منصور هادي بالتخلي عن الأسماء التي طرحها لتقلد الوزارات السيادية، بدأت القيادات النسوية باستخدام حق الفيتو ضدّ تشكيلة حكومة لا تضم أي امرأة، وهددن بالتصعيد.
بعيداً عن عدالة القضية وضرورة إشراك النساء في مؤسسات الدولة كلها، كشف الحراك النسوي الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي، عن صورة مصغرة لما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلاً في حال تشكيل حكومة الشراكة اليمنية، وكيف ستقود المحاصصة الحزبية والمناطقية والفئوية، اليمن إلى نفق جديد وصراع ديكة من طاولة واحدة هذه المرة.
الحكومة تُقرأ من عنوانها، وبدلاً من خروج الجميع للمطالبة بحكومة كفاءات لا تنتمي للأحزاب ولا مجال فيها للمحاصصة، أو حكومة حرب مصغرة من 6 وزارات فقط، يسيل لعابهم أكثر على نهش ما تبقى من روح في جسد اليمن المعتل.
أمام الصراع الذي خرج إلى العلن، من المتوقع أن تُثمر الثورة الإلكترونية النسوية عن إشراك المرأة في الحكومة، وهو حق مشروع لها، فـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي ظفر بـ5 حقائب لأنه يمتلك عصا القوة، ليس أفضل من النساء، في زمن البث المباشر من مواقع التواصل، وهو سلاح نسوي ثقيل، يوازي المليشيات المتواجدة على الأرض، وسيجعل السعودية تبتكر حلاً سريعاً للأزمة، سواء بتوسيع الحكومة إلى 28 وزيراً بدلاً من 24، أو طرح آلية جديدة مزمّنة لمدة 30 يوماً.
لا مؤشرات إيجابية من الحكومة الجديدة، وحتى في حال اكتمال فصول مسرحية الانسحابات الحاصلة في عدن ومدينة زنجبار بأبين، فإنه لا توجد أي بوادر أمل بأن المتحاصصين سيعملون على كبح انهيار العملة المحلية التي يقولون إنها من أولوياتهم.
هذا ليس تشاؤماً إطلاقاً، فالطريقة التي يدير بها الوسطاء السعوديون اتفاق الرياض، تقول إنّ أتعس الأيام لم تأت بعد، وإنّ المحاصصة وتدوير الوجوه الملوثة والفقاعات التي لم تقدم شيئاً منذ سنوات، ستطلق العنان للريال وتجعلنا نقول إنّ الحرب الأهلية في اليمن بدأت 2021.