الملف الليبي نحو التدويل الفعلي؟

28 يوليو 2022
قال سلامة إن أساس الصراع هو النزاع على الموارد (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

لا يبدو أن المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة كان مخطئاً عندما قال إن الصراع الليبي "أساسه نزاع من أجل السيطرة على موارد البلاد".

يبدو واضحاً النزاع على الموارد، فلا تفسير للتقارب بين الخصمين، عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر، سوى سعيهما لاستفادة كل منهما من أدوات وإمكانيات الآخر، فالأول يسيطر على قرار تصدير النفط ووارداته من خلال مؤسسة النفط، والثاني يسيطر على منابعه في الحقول والموانئ.

وما أن يحصل تقارب للسيطرة على موارد المال، يصبح التقارب العسكري سهلاً، ورأينا أبرز قادة قوات الطرفين يلتقون في طرابلس، وقريباً في بنغازي، لتسمية رئيس أركان موحد.

صحيح أن مصير هذه الخطوات لا يزال غامضاً، خصوصاً أنها مرتبطة في أحد طرفيها بحفتر، المعروف بقراراته وخطواته المتقلبة والمفاجئة، لكن الاستشهاد بهذه التطورات لتفسير أسباب الصراع يبدو ممكناً. وليس مستبعداً أن يكون السبب نفسه هو الذي دفع لتحالف كان قائماً بين فتحي باشاغا وحفتر، قبل تفككه.

عندما كان مؤملاً أن يسيطر باشاغا على طرابلس وحركة مؤسسات المال فيها، لم يجد حفتر غضاضة في استقباله ومصافحته، أما بعدما فشل باشاغا في دخول طرابلس وتبيّن عجزه عن تنفيذ ميزانيته التي وافق عليها مجلس النواب، لم يعد يخدم قضية حفتر.

الأحداث المتتالية جعلت من حقيقة هذا التفسير تقترب من الواقع، لكن الأمر الذي لا يزال خفياً هو الجانب الآخر من كلام سلامة، المتعلق بأن حل الأزمة في إدارة موارد البلاد وتقسميها بالتساوي بين الجهات، أو ما يعرف تاريخياً بالأقاليم الثلاثة. فالمواقف والخطوات والتصريحات الأخيرة لساسة تابعين لعواصم الدول الكبرى، تشير إلى وصول الأزمة الليبية إلى بدايات اقتراح مثل هذا الحل، لكن بإدارة دولية. فقبيل قرار الدبيبة إعادة تشكيل مجلس إدارة مؤسسة النفط، اقترح السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند لجنة دولية بمشاركة محلية للإشراف على الإنفاق الحكومي ومراقبة حركة حسابات مؤسسة النفط.

حتى الآن لا يزال مقترح السفير الأميركي "مبدئياً"، إن جاز التعبير، لكن السكوت الدولي عن خطوة تغيير مجلس إدارة مؤسسة النفط، وإعادة تصدير النفط، يشير إلى أن الفكرة في طور النضوج، وإمكانية تحصينها بقرار من مجلس الأمن أمر ممكن ووارد، خصوصاً أن الصراع الأميركي الروسي في بعض جوانبه يتعلق بالطاقة، والنفط تحديداً. وما يعزز إمكانية تحصين الفكرة بقرار أممي، اضطلاع بريطانيا بوظيفة المقرر في مجلس الأمن بشأن الملف الليبي، فهي التي تقدّم المقترحات بشأن أغلب القرارات الخاصة بالشأن الليبي، كما هو معروف.

وصول الأزمة الليبية إلى هذا المستوى، وتجاوز لغة الدم إلى لغة المال، يعني وصول الملف إلى مرحلة التصريح بخروجه من أيدي الأطراف المحلية التي زادته انسداداً وقتامة، وأفشلت كل الخيارات المطروحة لاستبعادها، وعلى رأسها إجراء انتخابات لإفراز طبقة سياسية جديدة.

المساهمون