المستوطنون يرحلون بالقوة تجمع السخن البدوي في الضفة الغربية

21 مارس 2024
اعتداءات المستوطنين تتم تحت أنظار قوات الاحتلال (أرشيف/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في تجمع السخن البدوي بنابلس، اضطرت عائلة محمود بشارات وخمس عائلات أخرى للرحيل بسبب اعتداءات المستوطنين، مما أثر على مصدر رزقهم المعتمد على الرعي وإنتاج الحليب والأجبان.
- التجمع البدوي، الذي يضم حوالي 200 شخص، يعاني من "الاستيطان الرعوي" المدعوم من حكومة الاحتلال، حيث يكفي وجود مستوطن واحد لتهجير تجمع سكاني بأكمله.
- منظمة "البيدر" تنتقد إهمال السلطة الفلسطينية للبدو وعدم دعمهم في مواجهة التهجير، مشيرة إلى ترحيل قسري لـ28 تجمعاً بدوياً وتسجيل 1124 انتهاكاً بما في ذلك هدم مدارس بالضفة منذ أكتوبر 2023.

لم يجد الراعي الفلسطيني محمود بشارات أمامه خياراً آخر سوى الرحيل مع عائلته، اليوم الخميس، من تجمع السخن البدوي شرقي نابلس، ومعه من بقي من عائلات كانت تقطن هناك وتعتاش على رعي المواشي وتربيتها، وتنتج الحليب والأجبان وتبيعها في مدن الضفة الغربية المحتلة.

وبالإضافة لبشارات وإثر سلسلة اعتداءات خطيرة للمستوطنين، رحلت قبل يومين خمس عائلات من تجمع السخن القريب من الأغوار الوسطى بالضفة الغربية رغم أنها تقطن فيه منذ سبعينيات القرن الماضي، نظرا لأراضيه الرعوية وينابيع المياه الموجودة في محيطه.

وينضم بذلك تجمع السخن الذي يبلغ تعداد أفراده نحو 200 شخص إلى عشرات التجمعات البدوية التي جرى ترحيلها بالقوة من الاحتلال الإسرائيلي استجابة لرغبات المستوطنين، الذين بدورهم شنوا هجمات دموية على الأهالي هناك لتخويفهم ودفعهم للهجرة.

القصة بدأت قبل أسبوعين فقط، كما يقول بشارات لـ"العربي الجديد"، بعدما نصب مستوطن خيمة على مسافة قريبة جدا من خيام البدو هناك، وأحضر معه خمس بقرات، وشرع بالاعتداء على الرعاة بملاحقتهم وسرقة أغنامهم، وإتلاف خطوط المياه.

وأضاف: "بعد ثلاثة أيام، حضرت قوة كبيرة من جيش الاحتلال لحمايته بعد أن ادعى أننا اعتدينا عليه".

 لكن الحدث المفصلي وفق بشارات، كان فجر الأحد الماضي، عندما هاجم مستوطنون وكان معهم ذلك المستوطن التجمع، وهددوا الأهالي بالقتل والحرق أحياء إن بقوا في المكان، وخلال مغادرتهم أعطبوا سيارة وقتلوا عددا من الأبقار والخراف، كرسالة تهديد مباشرة.

تجمع السخن فريسة "الاستيطان الرعوي"

وأشار الناشط في مقاومة الاستيطان أيمن غريب، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "التجمع هو أحدث ضحية لما بات يعرف بالاستيطان الرعوي، الذي يحظى بحماية ودعم مطلق من حكومة الاحتلال وجيشه".

وتابع غريب: "وجود مستوطن واحد مع بقرتين كفيل بتهجير تجمع سكاني كامل. هذا المستوطن مسلح ومحمي، وأينما تصل بقراته فهي أرضه، ولا يسمح للبدوي الفلسطيني أن تطأ أقدامه تلك الأراضي، ولا حتى أن يرعى أغنامه فيها".

وأوضح غريب أن اختيار المستوطنين للمواقع التي يستهدفونها ليس عشوائياً، مضيفاً: "تجمع السخن مقام على أراض عالية الخصوبة الزراعية، وحوله عدد من ينابيع المياه، وتتصل به المراعي على امتداد 15 كيلومترا، وصولا لمنطقة قريبة من الحدود الأردنية".

وأضاف غريب أن "أسبوعين كانا كافيين لمحو تجمع السخن عن الخريطة. لا يمكن أن تلوم البدوي الذي يفكك خيمته ويرحل مع عائلته وأغنامه. فهو وحيد في مواجهة آلة القتل. ما لا يدركه البعض أننا لا نواجه مستوطناً واحداً، وإن بدا الأمر كذلك، بل منظومة متكاملة. الشرطة الإسرائيلية تفرض علينا غرامات مالية باهظة بادعاء أن أغنامنا ترعى في مناطق مصنفة أنها محميات طبيعية".

وأردف أنه "قد تتم مصادرة القطيع كاملاً ومركباتنا معه بقرار من مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، الذي بدأ حديثا بتسيير دوريات مكونة من 4 -5 مستوطنين مسلحين في الأرياف والمناطق الرعوية والغورية، ويلاحقون الرعاة والمزارعين، وكثيراً ما اعتدوا عليهم أو أطلقوا الرصاص في اتجاههم".

تهجير مشابه لما قبل النكبة

أما منسق منظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات، فشن هجوما على حكومة السلطة الفلسطينية وهيئاتها المختلفة التي قال إنها "أهملت البدو تماماً، ولا تلقي بالاً لما يتعرضون له من تهجير يشابه تماما ما كان يحدث قبل النكبة عام 1948".

وأكد مليحات لـ"العربي الجديد" أن "التجمعات البدوية تحديداً في الأغوار التي تمتد من بيسان شمالاً إلى أريحا جنوباً تتعرض لأكبر عملية تطهير عرقي منذ النكبة، نتيجة إرهاب المستوطنين وانعدام الدعم من أي جهة كانت".

وتابع: "رعاة عزل لا يقدرون على مواجهة دولة الاحتلال من جهة، وجيش المستوطنين من الجهة المقابلة. منذ سنوات طويلة ونحن نحذر من إخلاء الأغوار والمناطق المصنفة (ج) بحسب اتفاق أوسلو، بأكملها من الوجود الفلسطيني، لكن لم يتحرك أحد، وكان العمل على مدار عقدين من الزمان يتم بهدوء، ولكنه اليوم كما يقول المثل (على عينك يا تاجر)، لأن المستوطن يعلم أن حكومته تحميه وتدافع عنه وتمنح له كل الإمكانيات للبقاء، بالمقابل، ماذا قدمنا نحو مئات التجمعات البدوية التي مسحت عن الوجود!!!".

ووفق مليحات، فالترحيل القسري طاول 28 تجمعاً بدوياً بالضفة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يضاف إليها 4 تجمعات بدوية رحلت قبل هذا التاريخ، فيما بلغ عدد الانتهاكات حسب إحصائيات "البيدر" 1124 انتهاكا واعتداء في 2023.

وأشار مليحات إلى هدم "6 مدارس في التجمعات البدوية خلال 2023، وتخريب 6 مدارس أخرى".

المساهمون