نواب تونسيون يعتزمون الدخول بإضراب جوع رفضاً لقرارات سعيّد والمرزوقي سيشارك "بصفة رمزية"

23 ديسمبر 2021
تصاعدت وتيرة التنديد بإعلان الحكم الغيابي على المرزوقي (Getty)
+ الخط -

قررت مجموعة من أعضاء مجلس النواب في تونس الدخول في إضراب جوع رفضاً للانقلاب، واحتجاجاً على جميع القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد منذ 25 يوليو الماضي.

وأكد القيادي في حزب قلب تونس، النائب في مجلس الشعب، رفيق عمارة لـ"العربي الجديد"، قرار مجموعة من النواب خوض إضراب جوع، رفضاً لقرارات سعيّد، مشيرا إلى أنه "ستلتحق النائبة الأولى لرئيس البرلمان سميرة الشواشي بإضراب الجوع رفضاً للانقلاب..".

وأضاف عمارة "أن المضربين عن الطعام سيخوضون معركة الأمعاء الخاوية حتى يسقط الانقلاب وتعود الديمقراطية"، داعياً "المنظمات الحقوقية الدولية والبرلمانات الدولية وكل أحرار العالم لمساندة المضربين عن الطعام".

وفي ذات السياق، دعا الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي إلى النزول للشارع والاحتجاج على قيس سعيد، مبيناً أنه سيشارك في إضراب الجوع الذي يخوضه نواب وسياسيون تونسيون "ولو بصفة رمزية".

وشدد المرزوقي في تسجيل فيديو على أنه "لابد من إنهاء الانقلاب في أسرع وقت لكي يعود الاقتصاد ولا يجوع التونسيون"، داعياً الجهات والمواطنين إلى النزول للشوارع، إلى غاية يوم 14 يناير القادم، ذكرى الثورة في تونس، حتى يكون من جديد يوم التونسيين ويوم عيد وطني.

وأضاف أن "على الطبقة السياسية أن تتحد، وقد حسمت الدولة العميقة في مصير هذا الرجل ومستقبله وراء ظهره، والمتعلقون به يضيعون الوقت وعليهم المراهنة على جواد آخر لأن الدولة العميقة بدأت تجهز البديل، ومن الضروري العودة للشرعية وإلى الشعب من خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية".

وأشار إلى أن تونس "تعيش عزلة غير مسبوقة وهذا الرجل يتهمني بالخيانة".

ومن بين البرلمانيين الذين عبّروا عن توجههم الدخول في إضراب جوع، الدكتور يسري الدالي، رئيس المكتب السياسي لحزب ائتلاف الكرامة، والنائبة عن حزب النهضة فائزة بوهلال.

وفي السياق، قال المناضل عز الدين الحزقي في ندوة إعلامية لـ"مواطنون ضد الانقلاب" إنه "لم يعد أمام القوى الديمقراطية إلا الدفاع عن الحرية بأجسادهم"، مطالباً بـ"إطلاق سراح كل الموقوفين والتوقف عن هرسلة القضاء والإعلام، والنأي بالمؤسسة الأمنية عن الصراعات السياسية".

وقال إنه "ثبت بوضوح أن سعيد يتجه لتثبيت أركان الحكم الفردي تحت شعارات شعبوية، والانقلاب ماض للإجهاز على ما تبقى من المسار الديمقراطي".

 من جانبه، قال رئيس المكتب السياسي لحزب ائتلاف الكرامة النائب يسري الدالي في تصىريح لـ"العربي الجديد"، إن مجموعة نواب وشخصيات حقوقية ونشطاء قرروا الدخول في إضراب جوع رفضا للانقلاب وهم كل من يسري الدالي وأمين الميساوي وزياد الهاشمي وعمر الغريبي عن ائتلاف الكرامة، ورفيق عمارة عن قلب تونس، وفايزة بوهلال عن حزب النهضة، وطارق البراهمي عن كتلة الإصلاح، ومجموعة من الشخصيات الوطنية على غرار المناصل عز الدين الحزقي والعجمي الوريمي وأحمد الغيلوفي وجريح الثورة زهير الصمعلي..".

وبين الدالي أن "مقر إضراب الجوع والأنشطة الإعلامية والسياسية المناهضة للانقلاب سيكون بمقر حراك تونس الإرادة السابق" وسط العاصمة تونس.

وأكد المتحدث أن إضراب الجوع أيضاً يأتي احتجاجاً على المحاكمات العسكرية ضد النواب سيف الدين مخلوف المسجون بسبب 3 قضايا وهمية ونضال السعودي ومحمد العفاس وماهر زيد وأحمد بن عياد.

وتابع "احتجاجاً كذلك على المحاكمات الجائرة وسجن السياسيين والمعارضين والمدونين والصحافيين..".

تنديد واسع بمحاكمة معارضين لسعيد

وتعيش تونس على وقع رفض حزبي واسع وتنديد حقوقي غير مسبوق بالمحاكمات التي استهدفت نشطاء سياسيين معارضين للرئيس قيس سعيّد، وتصاعدت وتيرة التنديد بإعلان الحكم الغيابي على الرئيس السابق المنصف المرزوقي مساء أمس الأربعاء.

وأصدرت أحزاب وائتلافات مدنية وسياسية بيانات منددة بما وصفته بالمحاكمات السياسية للمعارضين في تونس وتوجيه القضاء من قبل الرئيس سعيّد لتصفية خصومه.

واعتبرت الأحزاب أن ما تعيش تونس على وقعه من محاكمات، أمر خطير يعكس تقهقر منظومة الحقوق والحريات التي جاءت بها الثورة، ويضمنها الدستور.

ونددت حركة النهضة بشدة بالحكم الصادر ضد الغنوشي، مشيرة إلى أنها تعتبره "تدشيناً لمرحلة من المحاكمات السياسية للرافضين للانقلاب على الدستور والشرعية وتجسيدا حيّا لخطر تجميع السلطات بيد رئيس الجمهورية، الذي ما انفك يمارس ضغوطات على القضاء بقصد تطويعه لتصفية خصومه السياسيين بعد شيطنتهم والتحريض عليهم".

ونددت أحزاب "التيار الديمقراطي"، و"الجمهوري"، و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، في بيان مشترك، اليوم الخميس "بتواصل الانتهاك الممنهج للحقوق والحريات عبر تواصل محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية والضغط على القضاء في محاولة لتسخيره للتنكيل بالخصوم السياسيين والتضييق عليهم، وشجبها للحكم بالسجن النافذ الصادر في حق الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي بتوجيه مباشر من رئيس السلطة القائمة، وفي سابقة خطيرة يتوجب الوقوف في وجهها قبل استفحالها".

واستنكرت الأحزاب "تكرار مثول المدونين أمام المحاكم وإصدار أحكام سالبة للحرية في حقهم، وتعلن تضامنها مع السيدة مريم البريبري التي صدر في حقها حكم صادم بالسجن".

وعبّر حزب ائتلاف الكرامة في بيان رسمي عن "تنديده الشديد بهذه المهزلة القضائية التي لم يعرف القضاء التونسي مثيلاً لها في تاريخه"، كذلك عبّر عن استنكاره "للتوظيف الفاضح للقضاء لتصفية الخصوم السياسيين للرئيس المنقلب".

 

وجاء في البيان نفسه أن "هذا الحكم الجائر حكم باطل وغير شرعي وصادر إثر الهرسلة التي تعرضت لها وزيرة العدل والنيابة العمومية في مجلس وزاري سابق طلب فيه الرئيس المنقلب صراحة التتبع القضائي ضد الرئيس المناضل محمد المنصف المرزوقي، ما يعد تدخلاً واضحاً وفاضحاً في القضاء التونسي".

من جانبه، اعتبر حزب حراك الإرادة (الذي أسسه المرزوقي)، أن الحكم على المرزوقي "يمثل خطراً داهماً على حريات جميع المواطنين، واختراقاً خطيراً للقضاء من طرف سلطة الانقلاب، وهو يدشن حقبة سوداء جديدة من المحاكمات السياسية".

واعتبرت مبادرة "توانسة من أجل الديمقراطية" التي تضمّ سياسيين ومحامين ونشطاء، في بيان لها، "أن الإيقافات والمحاكمات تُعَدّ سلسلة من المحاكمات السياسية التي يستخدمها سعيّد لقمع معارضيه".

وأضاف البيان أن "هذه المحاكمات تنمّ عن رغبة سعيّد في إسكات كل الأصوات الرافضة للانفراد بالسلطة وتعليقه الدستور وتعطيله المؤسسات الدستورية".

"تدخل صارخ" في عمل القضاء التونسي

أما الحقوقي والمحامي الحبيب بن سيدهم، فقد اعتبر، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن المحاكمات التي تستهدف نشطاء سياسيين ومدونين ونشطاء في المجتمع المدني بسبب معارضتهم للرئيس سعيّد وبسبب آرائهم ومواقفهم "ضرب لحرية التعبير وللحقوق والحريات، وتدخل صارخ في عمل القضاء".

ونبه بن سيدهم إلى خطورة الوضع الحقوقي والسياسي "بسبب تواصل المحاكمات العسكرية والمحاكمات السياسية لعدد من نواب ائتلاف الكرامة ولمعارضين، الذين اعتصموا في شارع الحبيب بورقيبة للتعبير عن موقفهم الرافض للانقلاب".

وأشار إلى أن "أحكاماً غيابية وأحكاماً جناحية بالسجن وإيقافات تلاحق معارضين"، وأنه "أُطلِق سراح ثلاثة نشطاء أمس، وسُجن ثلاثة آخرون بتهم الاعتداء بالعنف من بين موقوفي اعتصام 17 ديسمبر، وستكون جلسة محاكمتهم يوم 29 ديسمبر المقبل، ويتزامن ذلك مع إعلان فضيحة الحكم بأربع سنوات على المرزوقي...".

بدوره، رأى المدير التنفيذي لحزب أمل وعضو تنفيذية "مواطنون ضد الانقلاب"، رضا بلحاج، أن "كل هذه الممارسات تثبت أن قيس سعيّد ماضٍ في تركيز دكتاتورية بحكم فردي مطلق".