المرحلة الثالثة من حرب غزة: وهم تخفيف القصف والتهجير

29 يوليو 2024
تهجير الفلسطينيين من خانيونس، السبت الماضي (سعيد جرس/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تصعيد الاحتلال في المرحلة الثالثة من حرب غزة**: زاد الاحتلال الإسرائيلي من عمليات التهجير والقصف الجوي والتوغل البري في مناطق مثل تل الهوى والشجاعية وخانيونس ورفح، مما أدى إلى زيادة معاناة السكان الفلسطينيين.

- **استمرار الجرائم الإسرائيلية وتصاعد المقاومة**: أكد المتحدث باسم حركة حماس، جهاد طه، أن جرائم الاحتلال تتزايد، مشيراً إلى استهداف مخيمات النزوح والقصف العنيف، مع استمرار المقاومة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني.

- **تخبط الاحتلال وفشل تحقيق الأهداف**: أشار الباحث السياسي محمد الأخرس إلى أن الاحتلال فوجئ بقدرات المقاومة، مما أدى إلى إطالة أمد الحرب وفشل تحقيق النصر المطلق، مع استهداف المدنيين كاستراتيجية للضغط على القيادة السياسية للمقاومة.

خلال المرحلة الثانية من حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، كانت المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية للاحتلال تروّج فكرة أن المرحلة الثالثة من حرب غزة ستكون أقل حدة وأكثر تركيزاً، لكن مع بداية هذه المرحلة في الأيام الأخيرة، كُشف خداع الاحتلال ومحاولته التلاعب بالرأي العالم الدولي والمجتمع الفلسطيني بشأن هذه المرحلة من ناحية الكثافة النارية ومن ناحية التهجير. واتضح في المرحلة الثالثة من حرب غزة، التي باشرها الاحتلال خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، تعمّده استمرار تهجير الفلسطينيين، إلى جانب زيادة القصف الجوي وزيادة عمليات التوغل البري بين منطقة وأخرى. وشهدت هذه الأسابيع عمليات توغل في مناطق تل الهوى والشجاعية والأجزاء الشرقية لخانيونس، إضافة إلى أجزاء من رفح والمنطقة الوسطى، في انعكاس لتضليل الرواية الإسرائيلية، علاوة على تقليص المساحة الإنسانية.

تقليص المساحة الإنسانية

وخلال الأيام الأخيرة، قرر الاحتلال تقليص المساحة الإنسانية بعد قرار تنفيذه عملية عسكرية شرقي خانيونس وفي أطراف من المناطق الوسطى في القطاع، ثم دعوته سكان المنطقة الجنوبية من خانيونس إلى إخلاء المنطقة، وهو ما عزز حركة التهجير. وعكس السلوك الإسرائيلي رغبة في عدم استقرار السكان، لا سيما في المناطق الشرقية للقطاع، وتكرار حركة التنقل من مكان إلى آخر، عدا عمليات القصف العنيف التي تطاول مختلف المناطق وانعدام حقيقة وجود مناطق آمنة. وسبق أن نفذ الاحتلال الإسرائيلي مجازر عدة في المناطق التي يصفها بالآمنة عبر القصف المشدد لمناطق مواصي خانيونس ورفح ودير البلح، مؤكداً غياب حقيقة وجود مناطق آمنة وجاعلاً المرحلة الثالثة من حرب غزة شبيهة بالمراحل السابقة.

جهاد طه: جرائم الاحتلال لا تميز بين مرحلة وأخرى بل تزيد حدتها

وقال المتحدث باسم حركة حماس جهاد طه إن سياسة الاحتلال الهمجية في استمرار ارتكاب المجازر والجرائم هي واحدة ومستمرة ولا تميز بين مرحلة وأخرى، بل تزيد من حدتها. وأوضح طه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ذلك يتضح من خلال استهداف مخيمات النزوح بالقصف والقتل أمام عجز وصمت المجتمع الدولي ومؤسساته الأممية التي فَقَدت مصداقيتها نتيجة فقدانها ميزان العدل في التعامل مع هذه المجازر وحرب الإبادة، التي ينتهك خلالها الاحتلال كل معايير الإنسانية والأعراف القانونية الدولية. وأضاف المتحدث باسم "حماس" أن المقاومة ستبقى في موقع الدفاع عن شعبها ومقاومة الاحتلال ومشاريعه الإجرامية، ولن توفر جهداً أو وسيلة في الدفاع عن شعبها وأرضها ومقدساتها أمام الاحتلال. وشدد طه على أن استمرار الجهود والمساعي لإنجاح المقترح الحالي للتوصل إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق نار يتطلب من الجميع الضغط على الاحتلال من أجل إيقاف المسلسل الدموي من المجازر والجرائم.

رأى الباحث المختص في الشأن السياسي محمد الأخرس أن المعطيات الميدانية والعملياتية لا تعطي انطباعاً بأن الاحتلال انتقل بالفعل إلى المرحلة الثالثة من حرب غزة في ظل حاجة الجيش لتنفيذ عمليات كبرى داخل القطاع. وقال الأخرس، لـ"العربي الجديد"، إن ما يجري حالياً مرتبط بعاملين، أولهما غياب الرؤية لليوم التالي للحرب في غزة، فالاحتلال كان يتحدث قبل أسابيع عن فرض مشروع الفقاعات الإنسانية شمالي القطاع، لكن الواقع الميداني منع الاحتلال من تنفيذه. أما عن العامل الآخر فهو، وفق الأخرس، سيرورة الحرب وشكلها، إذ كان الاحتلال يعتقد أن شكل المرحلة الثالثة من حرب غزة سيكون على شاكلة جز العشب، بعد العمليات التي جرت في الشجاعية وخانيونس وتل الهوى. وأضاف أن الاحتلال فوجئ بقدرات المقاومة وامتلاكها أدوات عسكرية، وبالتالي، فالاحتلال يعيش حالة صدمة عبّر عنها الوزير المستقيل من الحكومة ومجلس الحرب غادي أيزنكوت حينما كشف أن الحرب كان مخططاً لها أن تنتهي في يناير/كانون الثاني الماضي.

محمد الأخرس: الاحتلال فوجئ بقدرات المقاومة وامتلاكها أدوات عسكرية

وأشار الأخرس إلى أن عدم قدرة الاحتلال على تحقيق النصر المطلق، وفقاً لتعبير رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أدى إلى إطالة أمد الحرب، وهو ما أثبت الميدان فشله، وهو ما يتضح من موافقة المستوى الأمني والعسكري على الخروج من القطاع. ولفت إلى أن الاحتلال يمارس أقسى درجات التضليل على الحاضنة الشعبية والمقاومة، وبالتالي، هناك تكثيف للضغط العسكري أملاً في الضغط السياسي لتقليص مطالب المقاومة الفلسطينية. ووفقاً للباحث السياسي، فإن هذا السلوك يتضح من خلال أوامر الإخلاء التي صدرت خمس مرات خلال الشهر الأخير، ثلاث منها جنوبي الوادي ومرتان في خانيونس، وهي ورقة يأمل نتنياهو أن تضغط على المقاومة للتراجع عن مطالبها بالانسحاب من محور نتساريم ومحور فيلادلفيا.

ظروف المرحلة الثالثة من حرب غزة

من جهته، رأى مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد العطاونة أن المرحلة الثالثة من حرب غزة التي يتحدث عنها الاحتلال تبدو مخالفة لما سبق أن أعلنه عن أنها ستكون أقل حدة وكثافة. وقال العطاونة، لـ"العربي الجديد"، إن ما يجري مرتبط بحجم التخبط وحسم المعركة وهو وضع مجموعة من الأهداف لم يحقق أياً منها، إلى جانب المفاجآت التي تُحدثها المقاومة الفلسطينية بالنسبة للجيش. وأشار إلى أن الاحتلال استخدم استراتيجية منذ بداية الحرب تقوم على إلحاق الأذى بالمدنيين للضغط على القيادة السياسية للمقاومة الفلسطينية، في سعيه لتحقيق أهداف سياسية كاملة في حربه. وبحسب العطاونة، فإن هذه المجازر مقصودة لإنجاز أهداف سياسية، وهو ما يقصده نتنياهو من خلال تعبيره عن الضغط العسكري وزيادته لتحقيق أهداف الحرب، وبالتالي، هو يقصد إلحاق الأذى بالمدنيين.

المساهمون