المدرعات الألمانية في كورسك الروسية تنعكس سلباً على حزب المستشار شولتز

17 اغسطس 2024
ميكانيكي أوكراني يفحص مدرعة أميركية قرب الحدود الروسية 14 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصاعد التوترات بين ألمانيا وروسيا**: مشاهد المدرعات الألمانية في كورسك تثير مخاوف في برلين، حيث تستغل موسكو هذه المشاهد لإحياء ذكرى الغزو النازي، مما يزيد الضغوط على حكومة شولتز مع اقتراب الانتخابات.

- **ردود الفعل الألمانية والروسية**: كييف تعلن سيطرتها على مناطق في كورسك، مما يزيد قلق ألمانيا من رد الفعل الروسي، خاصة بعد تهديدات ميدفيدف بوصول الدبابات الروسية إلى برلين.

- **التأثير الداخلي على السياسة الألمانية**: السجال حول استخدام الأسلحة الألمانية في أوكرانيا يثير قلق حزب شولتز، مع تزايد المعارضة الداخلية وتساؤلات حول تأثير ذلك على الانتخابات المقبلة.

باتت مشاهد المدرعات والأسلحة الألمانية داخل منطقة كورسك الروسية مصدراً للمخاوف في برلين. فمن ناحية تستغلها موسكو لإعادة تنشيط الذاكرة الشعبية عن الغزو النازي للمنطقة، ومن الناحية المقابلة يقوم اليمين المتشدد واليسار الشعبوي باستغلالها داخلياً لزيادة مصاعب حكومة المستشار أولاف شولتز، على أمل صرفها في انتخابات محلية بولايات شرق ألمانيا بعد أسابيع، وقبل عام أيضاً من الانتخابات الاتحادية العامة.

ويثير إعلان كييف السيطرة على أكثر من ألف ومئة كيلومتر مربع داخل كورسك الروسية، بعد هجوم السادس من الشهر الحالي، قلقاً ألمانياً من الخطوة الروسية القادمة، خاصة بعد تزايد اتهام موسكو للولايات المتحدة والدول الغربية بالتورط المباشر في الهجوم.

وفي السياق نقلت صحيفة إزفيستيا الروسية عن نيكولاي باتروشيف، أحد مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قوله إنه لولا مشاركة الغربيين ودعمهم المباشر "لم تكن كييف لتغامر بدخول الأراضي الروسية". وكانت برلين زودت أوكرانيا بدبابات ليوبارد وبعدد كبير من مركبات المشاة القتالية ماردر، والأخيرة شوهدت في معركة كورسك وبعضها دمرته طائرات روسية.

وعلى المستوى الألماني الداخلي، لا يبدو الأمر أقل إزعاجاً لشولتز مع تنامي شعبية معسكر رافضي دعم كييف عسكرياً، فالسجال حول استخدام معدات ألمانية في اجتياح أرض روسية أصبح غير مريح مع استغلال اليمين المتشدد والشعبويين القصة.

المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية فولفغانغ بوشنر أجاب على هذا السجال بالقول إن "هذه أسلحة أوكرانية"، وأن الأوكرانيين يتحملون مسؤولية طريقة استخدامها.

وتحاول برلين إرسال رسائل خارجية وداخلية في محاولة النأي بنفسها عن مشهد تحرك آليات من صنعها داخل روسيا، ورغبة خفض التوتر مع موسكو واحدة من هذه الرسائل، بعد تصريحات للرئيس الروسي السابق، ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيدف، الذي اعتبر بُعيد هجوم كورسك أن روسيا تتعرض مرة أخرى لهجوم مباشر من الألمان. في إشارة واضحة إلى المرة الأولى التي حاول فيها الجيش النازي الألماني عام 1943 الغزو من نفس المنطقة، حيث سقط مليون قتيل، وخسر الألمان خسارة كبيرة في مواجهة الجيش الأحمر السوفييتي.

تحاول برلين إرسال رسائل خارجية وداخلية في محاولة النأي بنفسها عن مشهد تحرك آليات من صنعها داخل روسيا

وكان ميدفيدف خرج منذ بداية الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022 بتصريحات نارية، بما في ذلك إمكانية استخدام الأسلحة النووية الروسية، وتلويح بحرب عالمية ثالثة إذا واصل حلف شمال الأطلسي (ناتو) التدخل في الحرب. وعاد ميدفيدف قبل أيام للقول إن الدبابات الروسية الحديثة قادرة على الوصول إلى منطقة بلاتز في برلين، حيث مقرات الحكومة الألمانية، (Platz der Republik مبنى الرايخستاغ الألماني). وخشية من انزلاق توتر علاقة الطرفين وعدم استفزاز موسكو واصلت برلين معارضتها مد كييف بصواريخ توروس طويلة المدى.

إلى ذلك، لا يبدو أن السجال الداخلي الألماني حول استخدام أوكرانيا السلاح والمعدات الألمانية على الأراضي الروسية أقل سخونة وإثارة لقلق حزب شولتز الاجتماعي الديمقراطي. ففي غضون أسابيع قليلة ستشهد ثلاث ولايات في شرق ألمانيا انتخابات محلية، هي ساكسونيا وتورنغن وبراندبورغ. ويُنظر إلى التصويت في تلك الولايات باعتباره اختباراً آخر لحكومة شولتز، التي لم تعد تحظى بشعبية كبيرة قبل نحو عام من الانتخابات التشريعية العامة، ذلك بحسب استطلاعات الرأي المتتالية.

ومن المتوقع أنه يصبح الحزب اليميني المتشدد، البديل لأجل ألمانيا، أكبر الأحزاب في جميع الولايات الثلاث، بينما سيحقق حزب سارا فاغنكنشت، المصنف يساراً شعبوياً، تقدماً كبيراً لا يقل عن "البديل". ويعارض الحزبان توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، ويدعوان إلى مزيد من الحوار مع بوتين. ومع أن الانتخابات في ولايات شرق ألمانيا لها تأثير كبير على السياسة الخارجية إلا أنها تُقرأ داخل ألمانيا مؤشراً على استجابة شعبية لاعتبار الحزبين مسألة السلام أحد أهم المواضيع الانتخابية.

في غضون ذلك، أظهر استطلاع حديث لشبكة (ARD) إيه آر دي أن متوسط 36% من الألمان يعتقدون أن ألمانيا تجاوزت الحدود في ما يتعلق بتسليم الأسلحة الألمانية إلى أوكرانيا، بينما تصل النسبة إلى 50% في ولايات شرق ألمانيا.

ومع تزايد مؤشرات تنامي المعارضة الداخلية لاستخدام الأسلحة الألمانية أكثر فأكثر في الحرب الأوكرانية، بدأ قلق تأثير ذلك على الخريطة الحزبية يصل إلى صفوف قيادات مرموقة في حزب شولتز نفسه. فهؤلاء يخشون أن تتكرر تجربة خسارة يسار الوسط في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران الماضي، حيث لم يقتنع المقترعون بتسويق شولتز نفسه كـ"مستشار السلام".

غير بعيد عن ذلك خرج رئيس حكومة براندبورغ المحلية المنتمي لحزب شولتز، ديتمار فوديكي بطلب صريح من المستشار شولتز بالبقاء بعيداً عن الحملة الانتخابية في ولايته التي تشهد تقدم حزب البديل لأجل ألمانيا.

 

المساهمون