من المنتظر أن يزور قضاة المحكمة العليا في دولة الاحتلال الإسرائيلي عدة سجون على خلفية وفاة ستة أسرى فلسطينيين، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في ظل تقارير وشهادات على العنف والتعذيب المتزايدين ضد الأسرى الفلسطينيين، الأمر الذي أكده الأسرى الفلسطينيون المفرج عنهم في إطار صفقة الأسرى الأخيرة.
وكان رئيس المحكمة العليا بالإنابة، عوزي فوجلمان، أعلن الأسبوع الماضي أنه أمر بتجديد إجراء الزيارات استجابة لتوجه "جمعية حقوق المواطن"، وقال في بيان صادر عن مكتبه "نحن ملتزمون بإيجاد التوازن المناسب بين ضرورة مواصلة زيارة السجون وبين ما تفرضه هذه الفترة".
ورصدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الاثنين، زيادة في "عدد الشهادات حول العنف الشديد الموجه ضد الأسرى" منذ 7 أكتوبر.
وكانت هآرتس قالت، بداية ديسمبر/كانون الأول الحالي، إن أربعة فلسطينيين فارقوا الحياة في سجون مصلحة السجون الاسرائيلية، كما توفي اثنان على الأقل، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في مراكز الاعتقال التابعة للجيش الإسرائيلي، مضيفة أنه "على الرغم من وجود أدلة على أعمال عنف سبقت وفاتهم أو وجود إهمال طبي، لم يتم تحديد سبب الوفاة (في الأوراق الرسمية)".
وفضلاً عن تزايد حالات العنف ضد الأسرى في الأسابيع الأخيرة، هناك أدلة كثيرة حول تدهور ظروف الاعتقال في سجون الاحتلال، وقال العديد من المحامين، الذين يمثلون الأسرى الفلسطينيين، إنه منذ بداية الحرب تقوم سلطة السجون تحت ذرائع مختلفة بتقييد دخولهم إلى السجون للقاء موكليهم، أو منعهم تماماً من ذلك.
ونقلت "هآرتس" عن محامٍ زار سجن عوفر، لم تسمّه، قوله إن الأسرى اشتكوا من إجبارهم على النوم على الأرض، والزنازين التي كانت تؤوي ستة أسرى من قبل تضم الآن ما بين عشرة إلى اثني عشر أسيراً، ولا يُسمح لهم بالتوجه إلى العيادات أو لقاء الأطباء ويحصلون على القليل من الطعام الرديء.
عنف وتعذيب بحجة الحرب
وكان الكنيست الإسرائيلي صادق، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على تعديل لقانون السجون يسمح بزيادة الاكتظاظ في أماكن معيشة الأسرى ونوم بعضهم على فرشات على الأرض بدل الأسرّة.
وبعد فترة قصيرة من الموافقة على التعديل، رفضت المحكمة العليا بشكل قاطع عدة التماسات ضد السياسة الجديدة وقررت أنه لا يوجد مبرر للتدخل بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، واعتبر القضاة أن "قياس انتهاكات حقوق الإنسان في أوقات الحرب لا يمكن مقارنتها بقياسها في حالات السلم"، ويشير ذلك إلى تماهي المحكمة العليا في دولة الاحتلال مع سياسات التضييق على الأسرى واستخدام العنف والتعذيب ضدهم، بذريعة الحرب والأوضاع الاستثنائية.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل منشآت الاعتقال في إسرائيل منذ بداية الحرب بمنظومة طوارئ يتم في إطارها تجميد الزيارات العائلية، ومنع استخدام الهواتف العمومية والأجهزة الكهربائية.
ويشار في هذا السياق إلى أن التضييق على الأسرى شهد تصاعداً ملحوظاً منذ ما قبل الحرب لا سيما منذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، قبل أكثر من عام، مع تولية اليميني المتطرف إيتمار بن غفير حقيبة وزارة الأمن القومي، حيث عمل منذ اليوم الأول على استهداف الأسرى.
واعترف بن غفير ومصلحة السجون، في إطار ردهما على الطعون المقدّمة بهذا الشأن، بأن المعتقلات أصبحت بالفعل أكثر اكتظاظاً وأنه، وفقاً للتعليمات الجديدة، قُطع التيار الكهربائي عن المقابس التي يستخدمها الأسرى، ومُنعوا من الوصول إلى الكانتينا (متجر يشتري منه الأسرى احتياجاتهم)، واعترفت سلطة سجون الاحتلال أيضاً بفرض قيود على الإضاءة خلال النهار وتحديد وقت استحمام الأسرى.
في غضون ذلك لا يُتوقع الكثير من زيارة القضاة للسجون، ذلك أن ما تذرّعوا به من ظروف الحرب والطوارئ لا يزال قائماً، كما أن التضييق على الأسرى الفلسطينيين، وإن اشتد منذ بداية الحرب، إلا أنه كان قائماً قبلها.