العراق: ناشطون سياسيون تحت طائلة قانون تجريم التطبيع مع الاحتلال

16 أكتوبر 2024
من تظاهرة في البصرة ضد العدوان على لبنان - أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تلقى القضاء العراقي شكاوى ضد ثلاثة ناشطين ومدونين عراقيين في الخارج بسبب تصريحات مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي، مما يندرج تحت قانون "تجريم التطبيع"، وقد تؤدي الشكاوى إلى عقوبات تصل إلى السجن المؤبد.
- من بين المتهمين، غيث التميمي، المحلل السياسي الذي انشق عن التيار الصدري، ويواجه اتهامات بالتطبيع بسبب تصريحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى منعه من الظهور الإعلامي محلياً.
- قانون "حظر التطبيع" الذي أقره البرلمان العراقي في 2022 يجرم التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، ويفرض عقوبات تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد.

علم "العربي الجديد" أن القضاء العراقي تلقى خلال الأيام الماضية، شكاوى بحق ثلاثة من الناشطين السياسيين والمدونين العراقيين، بعضها رفع ضدهم من قبل مواطنين، تتعلق بمواقفهم من الاحتلال الإسرائيلي، والتي اعتبرت أنها تندرج ضمن قانون "تجريم التطبيع" مع الاحتلال، النافذ في البلاد.

واليوم الأربعاء، قالت مصادر سياسية عراقية في العاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن السلطات القضائية تلقت شكاوى بحق ثلاثة ناشطين سياسيين ومدونين بسبب تصريحات ومواقف لهم، اعتبرت مؤيدة لجرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان.

ولا يُقيم هؤلاء في العراق، حيث إنهم في دول أوروبية وأجنبية مختلفة، لكن القضاء العراقي يتيح تحريك شكاوى من هذا القبيل على حاملي الجنسية العراقية، والتي قد تصل إلى السجن المؤبد.

وخلال الأسابيع الماضية مرّر ناشطون سياسيون ومدونون عراقيون يقيمون في الخارج العديد من العبارات التي تحمل في مضمونها، تأييدا لقوات الاحتلال في جرائمه الحالية على لبنان ومن قبلها غزة، تحت ما يصفونه برفض "المحور الإيراني"، لكن تصريحاتهم هذه لاقت ردود فعل شعبية غاضبة بالعراق واعتبرت أنهم يُجاملون الدول التي يقيمون بها وتعلن تأييدا مفتوحا للاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب مصادر سياسية في بغداد، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن ما لا يقل عن ثلاث شخصيات تنشط في مجال السياسة والإعلام بينهم مُدوّن والآخر محلل سياسي، سيواجهون اتهامات ضمن قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني المعمول به في العراق. يأتي ذلك فيما تحدث مسؤول بوزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد"، عن أن "الشخصيات المُتهمة تخطت مرحلة الانتقاد أو التحليل للأحداث، واتجهت إلى تأييد عمليات وجرائم الاحتلال في جنوب لبنان بالفترة الأخيرة، وهذا غير كونه من الجرائم المُخلة بآدمية الشخص، فإنه يندرج ضمن التطبيع مع الاحتلال"، وفقا لقوله. وقال في اتصال عبر الهاتف طالبا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح، أن المحلل السياسي المعروف غيث التميمي، "أحد الذين يواجهون تهمة التطبيع مع الاحتلال وستكون خلال الساعات القادمة إجراءات عملية بحقه".

والتميمي عضو بارز في التيار الصدري، لكنه انشق عنه قبل سنوات عديدة، وأعلن تحوله للتيار الليبرالي الذي يتبنى مواقف مناهضة من إيران والفصائل المرتبطة بها في العراق.

وعُرف التميمي بمواقف حادة في قضايا مختلفة، وتقرر محليا الشهر الماضي، منعه من الظهور على وسائل الإعلام العراقية، لكنه يستخدم منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، لإظهار مواقف تحمل ضمنيا تأييدا للاحتلال وجرائمه في غزة ولبنان.

وأظهرت وثيقة تداولتها وسائل إعلام عراقية محلية، تحمل توقيع النائب في البرلمان العراقي عن محافظة البصرة، فالح الخزعلي، يُقدم فيها شكوى إلى القضاء ضد التميمي، الذي يتهمه فيها تمجيد بـ"إسرائيل". وتطالب الشكوى، بإدراج أفعال التميمي "جريمة تطبيع مع الكيان الصهيوني ومعاقبا عليها وفقاً لأحكام المادة 7 من قانون تجريم التطبيع الكيان الصهيوني".

كما أكد ذلك النائب الخزعلي عبر حسابه في موقع إكس، وقال إنه: "دعما لأطفال ونساء غزة ولبنان وتثمينا لتضحيات مجاهدي المقاومة بدأنا بتحريك الشكاوى ضد المحتوى التطبيعي".

وتنص المادة السابعة من قانون "تجريم التطبيع"، أنه "يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من طبّع أو تخابر مع الكيان الصهيوني أو روج له أو لأية أفكار أو مبادئ أو آيديولوجيات أو سلوكيات صهيونية أو ماسونية بأية وسيلة كانت علنية أو سرية بما في ذلك المؤتمرات، أو التجمعات، أو المؤلفات، أو المطبوعات، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو أي وسيلة أخرى".

وإلى جانب التميمي تلقى القضاء العراقي شكاوى ضد مدونين عراقيين يقيمون بالخارج، أبرزهم مدون يُدعى مهدي كريم، ويقيم في إحدى الدول الأوروبية.

وحول ذلك يقول الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي إنه "لغاية الآن مثل هؤلاء لا يتجاوزن أصابع اليد الواحد، وهذا شيء مهم للحديث عنه، حالات شاذة والأهم الاستنكار الشعبي الكبير لمواقف وآراء هؤلاء".

ويضيف النعيمي أن "بعض المدونين أو أصحاب الرأي في العراق يستعملون منصات التواصل أو الظهور الإعلامي، للتحدث بما يظهر أنه تأييدا للاحتلال، وهذا يخضع لقانون التجريم المعمول به عراقيا، وهنا أتفق تماما مع كون هذه الآراء لا تعتبر حرية رأي، بل تأييد لجرائم إبادة بحق المدنيين من قبل الاحتلال". ووفقا للنعيمي فإن ظهور وثائق براءة من بعض العشائر والقبائل العراقية لأمثال هؤلاء "حالة صحية ومهمة داخل العراق، ويجب أن تستمر".

جريمة إنسانية

الناشط وعضو التيار المدني العراقي محمد حسين الوكيل، قال لـ"العربي الجديد"، إن "أي موقف لا يحمل إدانة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان، يعتبر جريمة إنسانية. نؤيد إجراءات القضاء أو الحكومة مكافحة داعمي قتلة الأطفال والنساء".

ووفقا للوكيل فإن "المسألة ليست خلافا سياسيا أو تباين آراء على ملف حزبي أو موقف حولها، إنما عن آلة قتل تفتك بالمدنيين العزل منذ أشهر، وتأييدها يعني بشكل أو آخر قبولا أو تحريضا على قتل المزيد من الأبرياء على يد الاحتلال، لذا نعم مع ملاحقة هؤلاء".

ومنتصف العام 2022 صوّت البرلمان العراقي على قانون "حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني"، بالإجماع، في أول قانون من نوعه يجري تشريعه في البلاد، التي اعتمدت بالعقود السابقة على فقرات دستورية تنص على أن العراق بحالة حرب مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتفرض عقوبات إعدام والسجن المؤبد بحق المتعاونين أو المتعاملين معه.

ويتضمن القانون عددا من الفقرات المهمة، أبرزها تجريم أي نوع من التعاون أو التعامل السياسي والأمني والاقتصادي والفني والثقافي والرياضي والعلمي، وتحت أي نشاط أو عنوان كان، مع الكيان الصهيوني". وأيضاً التأكيد أن العراق بحالة حرب مع دولة الاحتلال وكل ما يصدر من أفراد، أو مؤسسات، أو جماعات، أو حركات، أو أحزاب، يخل بهذا المفهوم بما يصب في دعم وجود الاحتلال مادياً أو معنوياً، يدخل ضمن جرائم الخيانة العظمى التي توجب أحكاما بين الإعدام والسجن المؤبد، وفقاً لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل. كما يتضمن القانون حظر التعامل مع الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع هذا الكيان أو تعتبر داعمة له أو ترتبط به.