قال نواب في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، إنّ كتلاً سياسية عدة بدأت قبل أيام، حراكاً واسعاً مع رئاسة البرلمان بهدف إجراء تعديل على اثنين من فقرات قانون الانتخابات الجديد، الذي تم إقراره نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي استجابةً لمطالب المتظاهرين في الاحتجاجات الشعبية.
الحراك البرلماني لتعديل القانون يأتي بعد نحو أسبوعين فقط على قرار رسمي اتخذته الحكومة ومفوضية الانتخابات، يقضي بتأجيل موعد الانتخابات من السادس من يونيو/حزيران المقبل إلى العاشر من أكتوبر المقبل. ويتعلّق تحديداً بتعديل فقرتي الدوائر الانتخابية ونظام التصويت البايومتري في قانون الانتخابات، بحسب عضو اللجنة القانونية في البرلمان، حسين العقابي. وأوضح الأخير لـ"العربي الجديد"، أنّ اللجنة القانونية تلقّت طلبين رسميين هذا الأسبوع من كتلتين سياسيتين في البرلمان، كلاً على حدة، لتعديل قانون الانتخابات الجديد، حول عدد وطريقة تقسيم الدوائر الانتخابية، واعتماد النظام البايومتري حصراً في التصويت، وحذف السماح باعتماد الهويات الاعتيادية للانتخاب".
هناك حملة حالياً لجمع تواقيع من نواب في البرلمان لدعم التعديلين
ويقصد بالنظام البايومتري أخذ بيانات الناخبين الحيوية؛ كبصمة الإبهام والصورة الشخصية للناخب، لغرض توثيقها قبل عملية الاقتراع، وصرف بطاقات ذكية للناخبين تضمن عدم حصول عمليات تزوير، كما حصل في الانتخابات السابقة، بعدما تبيّن وجود بطاقات لناخبين تم التصويت بدلاً عنهم، على الرغم من أنهم لم يقترعوا أساساً، وآخرين تبيّن أنهم متوفون، بينما صوّت الرجال عن نساء كذلك.
وبحسب العقابي، فإنّ "الطلبين لإجراء تعديل على القانون، ما زالا على جدول أعمال اللجنة القانونية في البرلمان، ويحتاجان لمراجعة قبل أن يُدفعا إلى القراءة الأولى في جلسات البرلمان"، مشيراً إلى أنّ "الكتلتين اللتين قدمتا طلب التعديل، لهما تحفظ على أصل القانون الانتخابي نفسه"، من دون أن يسمي هاتين الكتلتين. وأكد أنّ "هناك حملة حالياً لجمع تواقيع من نواب في البرلمان لدعم التعديلين". وتابع العقابي: "لا نستطيع كلجنة قانونية، تحديد مدى جدية المضي بالتعديلات، قبل جمع الأصوات الكافية لهذا الإجراء، وقد تتوسع مساحة التعديلات في حال طرحت للنقاش وقد تضيق".
من جهتها، كشفت مصادر برلمانية عراقية لـ"العربي الجديد"، أنّ "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، هو صاحب أحد الطلبين المتعلّق تحديداً بالدوائر الانتخابية. وبشأن ذلك، ردّ عضو ائتلاف "دولة القانون"، النائب كاظم الصيادي، على سؤال لـ"العربي الجديد"، حول الطلب، بالقول إنّ "القانون ولد في ظروف صعبة جداً، إذ كانت فترة تظاهرات، وبعض القوى دفعت إلى تمريره بصيغته الحالية". واعتبر أنّ "القانون فيه الكثير من المحاباة"، من دون أن يقرّ بكون كتلته صاحبة الطلب بالتعديل الذي قد يضيف عائقاً جديداً أمام إجراء الانتخابات المبكرة.
"ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، هو صاحب أحد طلبي التعديل
وقال الصيادي إنّ "القانون الحالي يؤسّس للانتخاب على أساس القومية والعرقية والإثنية، بسبب طريقة تقسيم الدوائر الانتخابية داخل المحافظات المختلطة، وكذلك التوزيع على أساس ولاء شخصي لهذه المدينة أو تلك". وتابع "الكل كان يريد أن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة، والقانون الحالي مزّق المحافظة الواحدة إلى عدد من الدوائر، حسب أمزجة جهات معينة، ونحن نريد على الأقل أن تكون المحافظة دائرة واحدة، والترشيح فردياً، كما نريد اعتماد النظام البايومتري". وأضاف: "نريد أن يكون العد والفرز داخل محطة الاقتراع نفسها، إذ نخشى التلاعب بالأجهزة الإلكترونية، لذا يجب أن يتطابق العد والفرز اليدوي مع الإلكتروني".
في الإطار ذاته، أكد رئيس كتلة "التغيير" الكردية، النائب يوسف محمد، أن "رئاسة البرلمان وعدت بإجراء التعديلات على القانون، بما يضمن نزاهة الانتخابات"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ كتلته "طالبت رسمياً بتعديل القانون، وأن التعديلات تأتي لضمان إجراء انتخابات نزيهة، عادلة، وبعيدة عن الشبهات التي شهدتها انتخابات عام 2018".
مقابل ذلك، يقف تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، الذي يوصف بأنه أكبر المستفيدين من الدوائر المتعددة، بسبب حفاظه نوعاً ما على جمهوره في الجنوب، على عكس الأحزاب العربية الشيعية الأخرى، بالضدّ من اقتراح التعديلات على القانون، محدداً شروطاً لإمكانية إجرائها.
وفي السياق، قال النائب عن التحالف، محمد الغزي، إنّ "إجراء أي تعديل على قانون الانتخابات يجب ألا يمسّ تعديل النظام الانتخابي والدوائر المتعددة"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنه يجب أن "يكون ذلك من دون ضغوط، والحكومة ورئاسة الجمهورية ومفوضية الانتخابات، كلها لم تبد أي رغبة بتعديل القانون".
حراك التعديل يأتي من قبل القوى التي كانت ترفض إقرار القانون أساساً
ويؤكد مختصون في الشأن السياسي العراقي، أنّ حراك التعديل يأتي من قبل القوى التي كانت ترفض إقرار القانون أساساً، وقد مررته تحت ضغط التظاهرات الشعبية. وقال الخبير في الشأن السياسي، عدنان الفراجي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "تلك القوى لا تريد انتخابات مبكرة أساساً، واليوم أيقنت أنّ القانون الجديد يرفع كثيرا من النقاط التي كان تمّ تفصيلها لصالحها بالانتخابات الماضية، وفقاً للقانون القديم". وأوضح أنّ "تلك القوى ترى أنّ الدوائر المتعددة تخلق منافسين لها داخل مناطق أو بؤر انتخابية كانت تعتبرها محسومة لصالحها، ونظام الدوائر المتعددة سيقلّل من هيمنة الأحزاب الكبيرة، لذا ستبذل جهدها لإجراء التعديل". وأشار الفراجي إلى أنّ "التيار الصدري يختلف عن تلك القوى، إذ له قاعدة أفقية، تتيح له الفوز وفق الدوائر المتعددة على حساب منافسيه الآخرين، في نفس تلك المناطق أو المحافظات"، مرجحاً أن "تفتح تلك التعديلات خلافات سياسية جديدة قد تؤدي في النهاية إلى تأجيل جديد للانتخابات، وهذا ما تسعى إليه القوى الرافضة لقانون الانتخابات الجديد".