العراق: جلسة برلمانية جديدة لانتخاب رئيس بلا توافق

30 مارس 2022
أخفق البرلمان في انتخاب رئيس السبت الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

من المقرر أن يعقد البرلمان العراقي، اليوم الأربعاء، جلسة جديدة مخصصة للتصويت على منصب رئيس الجمهورية، بعد فشل جلسته الأخيرة يوم السبت الماضي، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لها.

لكن شكوكاً تبقى قائمة بإمكانية نجاح جلسة اليوم في اختيار الرئيس الجديد بسبب استمرار التقاطعات السياسية بين الأفرقاء، فضلاً عن عدم وجود ضمانات أكيدة بأن جهود استمالة النواب المستقلين الذين لم يشاركوا في الجلسة الماضية، من قبل التيار الصدري وحلفائه، قد حققت مرادها.

وأخفق البرلمان العراقي، السبت الماضي، بحسم استحقاق انتخاب رئيس جديد للبلاد، بسبب عدم اكتمال نصاب الجلسة، إذ يجب حضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائباً من مجموع 329.

وكشف مصدران سياسيان في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن حراكاً إيرانياً جديداً بدأ فعلاً لتحقيق توافق بين قوى "الإطار التنسيقي" من جهة، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر من جهة أخرى، يهدف إلى إيجاد مقاربات جديدة بين المعسكرين تتعلق حصراً بملف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

اهتمام إيراني بحلّ المشكلة

وأكد أحد المصدرين، أن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، والسفير السابق في بغداد حسن دنائي فر، والحالي إيرج مسجدي، إلى جانب قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني، "مهتمون بحل الأزمة على طريقة لا غالب ولا مغلوب بين القوى السياسية الشيعية في ملف تشكيل الحكومة".

ولفت إلى أن عقدة الكتلة الكبرى تمثل محل خلاف واسع، إذ تصر قوى "الإطار التنسيقي" على حظر تشكيل الحكومة من خارج القوى السياسية الشيعية، وتعتبر خطوة الصدر في تشكيل تحالف "إنقاذ وطن" مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف "السيادة"، "سلباً لحق الأكثرية في الحكم"، على حد تعبيره. وأقر بأن جانباً غير بسيط من الأزمة الحالية في العراق لها طابع شخصي، وآخر تنافس على نفوذ ومصالح داخل مؤسسات الدولة.


الإيرانيون مهتمون بحل الأزمة على طريقة لا غالب ولا مغلوب بين القوى الشيعية

وبشأن جلسة اليوم المرتقبة، قال القيادي في "الإطار التنسيقي" أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إن "جلسة اليوم ستفشل كما فشلت السابقة".

وأضاف أن تحالفه ما زال "يملك الثلث الضامن، بل قد تجاوزه لأكثر من هذا العدد، فهناك نواب انضموا إلينا بعد حوارات جرت معهم خلال اليومين الماضيين"، من دون أن يكشف عن أسمائهم.

ولفت إلى أنه "بعد إخفاق البرلمان في تحقيق النصاب في جلسة السبت الماضي، لم تجر أي حوارات بيننا وبين أطراف تحالف إنقاذ وطن، ولا مع التيار الصدري تحديداً، وهذا ما يؤكد أن جلسة اليوم ستفشل من جديد".

وتابع: "شرط الإطار التنسيقي، ما زال ثابتا ولا تغيير فيه، فلا دخول لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية إلا بعد الاتفاق مع التيار الصدري، على تشكيل الكتلة الكبرى، وحصر تسمية شخص رئيس الوزراء بالبيت السياسي الشيعي حصراً، ومن دون تحقيق هذا الشرط، لا حل للازمة السياسية والانسداد السياسي باق بلا حلول".

واعتبر أنه "من الممكن في حال استمرار فشل جلسات البرلمان التوجه إلى المحكمة الاتحادية، لحسم الفراغ الدستوري الحالي، لكن نأمل خلال هذه الفترة تغليب المصلحة الوطنية من مختلف القوى السياسية والجلوس للحوار".

في المقابل، تحدث عضو في التيار الصدري، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن النجاح في استمالة عدد من النواب المستقلين الذين لم يشاركوا في جلسة السبت المقبل. وأضاف أن "جلسة اليوم ستحتاج لنحو 18 نائباً غير الذين شاركوا في الجلسة الأخيرة (202) ونأمل أن يكونوا متواجدين".


إن لم يُنتخب الرئيس قبل 6 إبريل المقبل يُمكن حلّ البرلمان

من جهته، ذكر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، أنه "لا توجد أي ضمانات لنجاح البرلمان في عقد جلسته الخاصة بالتصويت على رئيس الجمهورية، فتحقيق النصاب لم يُحسم مع استمرار الخلافات بين التيار الصدري والإطار التنسيقي وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني".

وبيّن شنكالي في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنهم في تحالف "إنقاذ وطن"، اتجهوا خلال اليومين الماضيين لمحاورة قوى ونواب مستقلين وحثهم على مشاركتهم في الجلسة، لكن لم تحسم المواقف"، مضيفاً: "حسم هكذا مواقف، دائماً يكون في الدقائق الأخيرة، قبل عقد الجلسة".

واعتبر أن "استمرار فشل البرلمان في عقد جلسته الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، قد يدفع المحكمة الاتحادية إلى التدخل، وهنا يجري طرح تدخل عبر قرار بحل البرلمان والتوجه للانتخابات البرلمانية المبكرة، فلا يمكن بقاء الوضع معطلا بهذا الشكل، من دون حلول، مع دخول العملية السياسية بالفراغ الدستوري وبقاء الحكومة بلا صلاحيات كاملة". 

ملف حلّ البرلمان إلى الواجهة

وحول ذلك، قال الخبير القانوني علي التميمي، لـ "العربي الجديد"، إن "تجاوز المدة التي حددها الدستور بالمادة 72 منه لاختيار رئيس الجمهورية، وفقاً لتفسير المحكمة الاتحادية الأخير يتيح إمكانية تدخل جديد من المحكمة".

وأضاف أن "قرار المحكمة الاتحادية كان واضحاً وأتاح فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لمرة واحدة فقط، وبالتالي أمام رئاسة البرلمان مدة 30 يوماً من تاريخ 6 مارس/آذار الحالي لغاية 6 إبريل/نيسان المقبل، كي يتم خلالها انتخاب رئيس الجمهورية وبشكل ملزم".

ولفت إلى أنه "بعد فشل تمرير مرشح لرئاسة الجمهورية يوم السبت الماضي وفي حالة عدم حسم هذا الأمر، سيكون أمام رئاسة البرلمان أيام قليلة لغاية 6 إبريل، فإذا تم تجاوز هذه المدة، يتم حل البرلمان بطلب من ثلث الأعضاء وموافقة الأغلبية المطلقة لعدد النواب وفق المادة 64 من دستور أو استفتاء المحكمة الاتحادية".

وأضاف التميمي أن "المحكمة الاتحادية لها سلطة عامة وهذه السلطة تتيح لها تمديد مدة اختيار رئيس الجمهورية وفقاً للظروف، ولا يمكن لأحد ان يتوقع قرار المحكمة الاتحادية، لكن في حال التوجه نحو الانتخابات المبكرة فإن الحكومة الحالية ستستمر بتصريف الأمور اليومية". 

وحول المشهد السياسي العام في البلاد، قال رئيس مركز "التفكير السياسي"، إحسان الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن إمكانية نجاح البرلمان، في عقد جلسة للتصويت على رئيس الجمهورية، "أمر صعب".

ورأى أن "نجاح عقد الجلسة، يكون من خلال إقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، بالتنازل عن منصب رئاسة الجمهورية إلى الاتحاد الوطني الكردستاني حتى يضمن حضور نواب الأخير البالغ عددهم 18 نائباً، لكن حتى هذه اللحظة البارزاني مصر على تولي حزبه رئاسة الجمهورية خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف أن "نجاح جلسة البرلمان مرهونة بحصول اتفاق أو تقديم تنازل بين القوى السياسية، لكن هذه القضايا لا توجد حتى هذه الساعة، وهذا يعني أن جلسة البرلمان قد تفشل".