العراق: تسليح أميركي جديد للبشمركة يزعج حلفاء إيران

20 سبتمبر 2020
خلال تسليم المساعدات الأميركية لقوات البشمركة الثلاثاء الماضي (الأناضول)
+ الخط -

يخشى مسؤولون في بغداد من زيادة تسليح قوات البشمركة الكردية عبر المساعدات الدولية التي تقدمها الولايات المتحدة تارة وبلدان أوروبية تارة أخرى، فيما يرى البعض أنّ القوات العراقية التي تتعرّض على نحو مستمر لهجمات ينفذها ما تبقى من خلايا تنظيم "داعش" في المناطق العراقية الشمالية والغربية، أولى بهذه الأسلحة، في حين تُشكك الفصائل المسلحة، وتحديداً الأجنحة الموالية لإيران، في نوايا واشنطن ومساعداتها لـ"البشمركة" ومدها بالمعدات العسكرية. وأعلن السفير الأميركي لدى العراق، ماثيو تولر، قبل أيام، عن تقديم بلاده مساعدات تتضمن معدات ولوازم عسكرية إلى وزارة البشمركة في إقليم كردستان، بقيمة 250 مليون دولار، إضافة لتخصيص فريق لتدريب البشمركة على تلك المعدات. وجاء إعلان تولر، خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء الماضي، جمعه مع وزير "البشمركة" شورش إسماعيل، الذي اعتبر هو الآخر أنّ "هذه المساعدات دليل على اهتمام واشنطن بقوات البشمركة، وتقدير لدورها في محاربة الإرهاب"، لافتاً إلى أنّ "التعاون بين الجانبين سيستمر من أجل إحلال الأمن في العراق والمنطقة".


مسؤول كردي: واشنطن هي التي تبادر إلى تقديم مساعدات عسكرية للقوات الكردية

ويأتي الإعلان عن المساعدات عقب لقاء تولر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني الإثنين الماضي. وقد أبدى السفير الأميركي بعد اللقاء، استعداد بلاده لتعزيز التعاون الاقتصادي مع إقليم كردستان، وحثّ المستثمرين الأميركيين على الاستثمار في الإقليم. كما جاءت المساعدات بعد الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي العراقي الأميركي الذي استضافته واشنطن الشهر الماضي، حيث ضغط مسؤولون أميركيون على نظرائهم العراقيين حينها، لتسوية خلافاتهم مع أربيل بما يتوافق مع الدستور العراقي، ويحقّق مطالب الأكراد.

ويأتي ذلك وسط مراقبة الجارين تركيا وإيران لهذه الخطوات في الإقليم الذي خرج قبل أقل من ثلاث سنوات من محاولة انفصال فاشلة، اتخذت على إثرها الدولتان خطوات ضد الإقليم وفرضتا عليه عقوبات مشددة، وأغلقتا حدودهما وأجواءها معه، قبل تنظيم بغداد حملة ضغط كبيرة على الإقليم دفعته إلى التراجع عن الخطوة.

ويقول مسؤول كردي رفيع لـ"العربي الجديد"، إنّ "المساعدات الأميركية، وتحديداً ما يتعلّق بالجانب العسكري، لا تأتي جراء تقديم طلبات كردية، بل إنّ واشنطن هي التي تبادر في ذلك، من أجل تعزيز القوة العسكرية والأمنية للقوات الكردية، وتأمين حدود إقليم كردستان"، موضحاً أنّ "الحكومة في الإقليم تدرك أهمية أن تبقى العلاقة جيدة مع الولايات المتحدة، كما أنّ الأخيرة تدرك أهمية الإبقاء على دعم إقليم كردستان بكل ما يحتاجه، كونه يستضيف واحدة من أهم القواعد العسكرية لقوات التحالف الدولي في العراق (قاعدة الحرير)".

من جهته، يؤكد مسؤول عراقي بوزارة الدفاع، لـ"العربي الجديد"، أنّ المساعدات "لم تقدم عبر بغداد، كما ينصّ عليه الدستور"، مشيراً إلى أنّ "تسليح قوات البشمركة يجب أن يكون ذا طبيعة محدودة، وليست تنافسية مع الجيش العراقي الذي يعتبر القوة الاتحادية الأعلى في العراق". غير أنّ عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، كاطع الركابي، يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ "كثيراً من القوات الأجنبية والأميركية انسحبت من القواعد العراقية التي كانت تستضيفها، وبالتالي، فإنّ الولايات المتحدة بادرت بإعطاء المعدات والعجلات العسكرية أميركية الصنع لقوات البشمركة ليس لأنها تريد مساعدة إقليم كردستان في شيء، بل لأنّ واشنطن لا تشعر بأنّ استرجاع هذه المعدات للبلاد أمر مهم، كما أنه يكلفها أموالاً، وبذلك رأت أنه من الجيد إعطاءها للبشمركة".


البياتي: القوات العراقية كانت أولى من قوات البشمركة بالمساعدة

ويرى الركابي أنه "من غير المنطقي التفكير بأنّ هذه المساعدات هي لدعم الجهود الكردستانية الساعية للانفصال عن العراق، لأنّ ملف الانفصال ليس عسكرياً، بل سياسياً ناعماً". ويلفت إلى أنّ "القوات الأميركية تواصل تدريب البشمركة في قاعدة الحرير بمحافظة أربيل، وبالتالي فإنّ التعاون العسكري متوفر بين الطرفين، وهناك ترابط عسكري وتنسيق دائم، ومن الطبيعي أن تساعد الحكومة الأميركية البشمركة"، مؤكداً أنّ "هناك معدات كثيرة سلمتها القوات الأميركية إلى القوات العراقية، وهو أمر طبيعي أيضاً نظراً للتعاون الأمني بين الجانبين".

بدوره، يرى الخبير الأمني العراقي، سرمد البياتي، أنّ "إقليم كردستان هو من ضمن المناطق المهمة بالنسبة للولايات المتحدة التي تعتبر أنّ الإقليم هو الأكثر أمناً لقوات التحالف الدولي في العراق، وبالتالي فإن التبرع بمعدات بقيمة 250 مليون دولار هو أمر طبيعي، وقد سبق لألمانيا وبلدان أخرى أن ساعدت إقليم كردستان". ويرى في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "القوات العراقية كانت أولى من قوات البشمركة بهذه المساعدة، كونها على تماس دائم مع تنظيم داعش، وهي تواجه هجماته بشكل شبه يومي، أمّا القوات الكردية، فليست عليها ضغوط أمنية".

من جانبه، يعتبر عادل الكرعاوي، المتحدث الرسمي باسم جماعة "أنصار الله الأوفياء"، وهي إحدى الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، أنّ "قيام القوات الأميركية بتسليح القوات الكردية أمر غير مفهوم وضبابي الملامح والأهداف، وقد تكون هناك مآرب ضارة بالقوات الأمنية العراقية أو بغداد"، مشيراً إلى أنه "من المفترض أن تتوجه الحكومة بخطاب إلى إقليم كردستان لمعرفة أسباب هذه المساعدة، إضافة إلى التحقّق من نوعية المعدات العسكرية عبر فريق أمني عراقي".


الكرعاوي: أي مساعدة تقدمها واشنطن إلى أي طرف مشكوك في غاياتها

ويرى الكرعاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "واشنطن لا تريد استقرار العراق وهي تسعى إلى إدامة تنظيم داعش على الأرض، وتعزيز الانقسام العربي ـ الكردي والسني ـ الشيعي، وبالتالي فإنّ أي مساعدة تقدمها إلى أي طرف، مشكوك في غاياتها".

وكان رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، زار أربيل، عاصمة إقليم كردستان، في وقتٍ سابق من الشهر الحالي، للمرة الأولى منذ تسلّمه منصبه، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات لبحث جملة من المواضيع أبرزها حلّ المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل من جهة، وتطوير التنسيق الأمني والعسكري لمواجهة "داعش" من جهة ثانية. والتقى الكاظمي رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، ورئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني. كذلك اجتمع مع رئيس الجمهورية برهم صالح في مدينة السليمانية قبل أن يتوجه إلى مدينة حلبجة.

المساهمون