يواجِه مرشح تحالف "الإطار التنسيقي" لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة محمد شياع السوداني، عدة مواقف تعارض وصوله إلى رئاسة الوزراء.
فبعد ساعات قليلة من إعلان التحالف، المدعوم من إيران، عن السوداني مرشحاً رسمياً له، صدرت عدة مواقف لمقربين من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تكشف عن رفض مسبق له، إلى جانب مواقف رافضة لقوى "تشرين"، المتمثلة بالحراك المدني في العراق، وغموض في موقف تحالف "السيادة"، الممثل عن العرب السنة، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان شمالي البلاد.
وهذه المرة الأولى التي يتم فيها ترشيح شخصية ممن يعرفون بـ"عراقيي الداخل" لرئاسة الوزراء، إذ إن جميع الحكومات السابقة، كانت من خلال شخصيات المعارضة التي قدمت مع القوات الأميركية إبان احتلالها العراق عام 2003.
التيار الصدري يرفض ترشيح السوداني
وصدرت عدة إشارات من التيار الصدري بشأن رفض القبول بمرشح تحالف "الإطار التنسيقي"، كان من أبرزها لـ"صالح محمد العراقي"، المعروف بوزير الصدر والذي يتولى عملياً إصدار مواقف وتوجيهات مقتدى الصدر عبر موقع "تويتر".
ونشر "العراقي" تغريدة استخدم فيها صورة رمزية لشخص يصافح ظله، معلقاً بالقول "السوداني يصافح ظله"، في إشارة إلى علاقته برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وعلق مدير مكتب الصدر في بغداد إبراهيم الموسوي على تصريحات زعيم جماعة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي التي قال فيها إن "أنفاس الزهراء كانت حاضرة في اختيار السوداني"، بالقول إن "أنفاس مصفى بيجي حاضرة في تسمية السوداني"، في إشارة إلى مصفى بيجي النفطي شمالي البلاد الذي توجه أصابع الاتهام لجماعة "العصائب"، بتفكيكه وسرقته عام 2015 خلال فترة المعارك مع تنظيم "داعش".
كذلك رد عضو التيار الصدري حسين الكربلائي على الخزعلي، متهكماً في تغريدة له بالقول إنها "أنفاس قاآني"، في إشارة لزعيم فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني.
ونفى مقرب من الصدر، في حديث لـ"العربي الجديد"، الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام عراقية محلية وسياسيون حول أخذ الضوء الأخضر من الصدر قبل تسمية السوداني. وقال إن تلك المعلومات غير صحيحة على الإطلاق.
وبيّن أن "موقف الصدر ما زال ثابتاً فيما يتعلق بشكل الحكومة ومن يجب أن يتولى إدارة المرحلة المقبلة، والسوداني لا تنطبق عليه أي من هذه المواصفات". ولفت إلى أن زعيم التيار الصدري "لن يدعم ترشيح السوداني، ومن المرتقب صدور موقف رسمي يتضمن رفض الترشيح".
من جهته، قال عضو الحراك المدني في بغداد حسين هادي، لـ"العربي الجديد"، إن "اجتماعاً مرتقباً لقوى تشرين المدنية للإعلان عن رفض ترشيح السوداني، سيكون اليوم الأربعاء أو غداً الخميس".
ترشيح السوداني نكسة لمطالب المتظاهرين
وأوضح أن "ترشيح السوداني يمثل نكسة لمطالب المتظاهرين الذين كانوا سبباً في إجراء الانتخابات المبكرة المطالبة بالإصلاحات، ووجود رئيس وزراء من داخل الإطار التنسيقي، يمثل تحدياً لمطالب الشارع".
على الجانب الآخر من المشهد، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، لـ "العربي الجديد"، إنهم ليسوا بصدد وضع أي فيتو على مرشح الإطار التنسيقي ما دام يتعهد بالبرنامج الحكومي ومطالب إقليم كردستان العراق، معتبراً أن اختيار رئيس الوزراء من "مهام القوى السياسية الشيعية". وبين أن "الخلاف الكردي – الكردي بشأن مرشح رئاسة الجمهورية ما زال مستمراً".
وأضاف: "لن نشارك في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، إذا تم تحديدها من دون الوصول إلى اتفاق مسبق مع الاتحاد الوطني الكردستاني، فحضورنا جلسة الانتخاب يعتمد على حصول الاتفاق. ولهذا الكل ينتظر الآن حصول الاتفاق الكردي – الكردي على مرشح رئاسة الجمهورية، حتى يتم تحديد موعد جلسة الانتخاب".
صعوبات كبيرة بوجه السوداني لتشكيل الحكومة
في المقابل، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "إعلان الإطار التنسيقي عن مرشحه لرئاسة الوزراء، لا يعني تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، فهناك صعوبات كبيرة وكثيرة سوف تواجه محمد شياع السوداني من أجل تشكيل حكومته".
وبين الشريفي أن "أبرز الصعوبات التي سوف تواجه محمد شياع السوداني من أجل تشكيل حكومته رفض التيار الصدري له، ورفضه من قبل متظاهري تشرين، إضافة إلى الشروط والمطالب التي سوف تفرض عليه من قبل الأطراف السياسية السنية والكردية، وبل وحتى الشيعية من داخل وخارج الإطار التنسيقي".
حسين هادي: ترشيح السوداني يمثل نكسة لمطالب المتظاهرين
وأضاف الخبير في الشأن السياسي العراقي أن "فشل مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بمهام تشكيل الحكومة الجديدة أمر وارد جداً، خصوصاً أنه أخفق، خلال الفترة الماضية، مكلفان بهذه المهام. ولهذا فإن الإخفاق وارد جداً للسوداني، خصوصاً مع معارضة الصدر لهذا الترشيح وكذلك ضغط الشارع من قبل متظاهري تشرين، والذي يمكن أن يندلع بأي لحظة".
ومنذ أكثر من 9 أشهر تتواصل واحدة من أعقد الأزمات السياسية في العراق، عقب إجراء الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، والتي أفرزت نتائج غير تقليدية لتوزيع القوى السياسية داخل البرلمان.
وسبق للصدر، مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2019 التحفظ على ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة عقب استقالة عادل عبد المهدي، ووافق على اختيار مصطفى الكاظمي، وهو ما يجعل من المشهد السياسي في البلاد غير مكتمل، من ناحية مخاوف تصعيد الصدريين ضد السوداني باعتباره آتياً من مدرسة حزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، فيما يرى آخرون أن موافقة القوى السياسية العربية السنية والكردية على الاسم يبقى رهناً بتمريره في البرلمان.