العراق: تراجع أمني في محافظة صلاح الدين ومسؤول أمني يتحدث عن تطورات في التحقيق بمجزرة الفرحاتية
تشهد محافظة صلاح الدين، شمالي العراق للأسبوع الخامس على التوالي، تراجعاً أمنياً واضحاً، إذ سُجلت عمليات اغتيال وخطف وتفجيرات بواسطة عبوات ناسفة محلية الصنع، وذلك بالتزامن مع إعلان مسؤولين في إقليم كردستان وصول عوائل نازحة من المحافظة بفعل التراجع الأمني الذي تشهده عدة مدن فيها.
ويعزو مسؤولون ذلك إلى فوضى المليشيات، إذ تسجل مدن المحافظة الرئيسة السبع وجود 27 فصيلاً مسلحاً، عدا عن الفصائل التي تعرف باسم "الحشود العشائرية"، وهي من ضمن النسيج الاجتماعي والعشائري للمحافظة،.
وأكد المسؤولون أن جزءاً من الجرائم التي تحدث تتورط به تلك المليشيات، وساعد تراجع حكومة مصطفى الكاظمي عن وعودها في الكشف عن منفذي مجزرة الفرحاتية الشهر الماضي، التي راح ضحيتها 12 مدنياً، بينما ما زال مصير الآخرين المختطفين مجهولاً، في زيادة تسلط تلك المليشيات التي ترفض الانسحاب من مراكز المدن والقرى بالمحافظة.
وسجّلت المحافظة، يوم أمس الأربعاء، عدة حوادث أمنية، من ضمنها هجوم على سيارة تقل عناصر أمن وتسبب بمقتل عنصر وجرح أربعة آخرين، كما اختطفت مجموعة مسلحة شخصين كانا يرعيان الأغنام شمالي المحافظة، في وقت تم اغتيال شخصين غربي المحافظة أيضاً، إضافة لعملية سرقة صاحب مكتب صرافة تم اعتراض طريقه شرقي المحافظة من قبل مجموعة مسلحة.
ويجري ذلك، على الرغم من تنفيذ القوات عمليات أمنية مستمرة في المحافظة، لضبط أمنها وحدودها، إذ يواصل الجيش حملة انتشار وتمشيط لحدود المحافظة الرابطة مع محافظتي ديالى والأنبار، إذ تم تمشيط مناطق حاوي العظيم، ومنها قرى حوض الميتة، والبوعواد، والبوكنعان، والتي تصل مساحاتها إلى آلاف الكيلومترات.
كما تنفذ وزارة الداخلية حملات دهم وتفتيش بمناطق المحافظة، وقالت الوزارة في بيان أصدرته، أمس الأربعاء، إنّ "مديرية شرطة محافظة صلاح الدين نفذت حملة تفتيش واسعة لتنفيذ أوامر القبض ضد مطلوبين بالمحافظة، وقد تمكنت من القبض على 20 متهماً بمواد قانونية مختلفة". وأضافت، أن "عمليات الاعتقال نفذت ببلدات تكريت، والطوز، والدجيل، وسامراء".
والسبت الماضي، أُعلن عن وصول 18 عائلة جديدة نازحة من صلاح الدين إلى أربيل، وأكد مسؤولون في المدينة أن مؤسسة البارزاني الخيرية استقبلت العوائل الجديدة النازحة وقدمت المساعدات لها.
وقال الشيخ جاسم الجبوري، أحد وجهاء عشيرة الجبور في صلاح الدين والذي يقيم في مدينة السليمانية، لـ"العربي الجديد" إن المحافظة (صلاح الدين)، تحت رحمة المليشيات.
وأضاف الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن الكثير من رجال الأعمال والميسورين مالياً نزحوا إلى إقليم كردستان لأنهم ليسوا في مأمن، مشيراً إلى أن "المسؤولين بالمحافظة أضعف من مواجهة المليشيات والحكومة خذلت أهل ضحايا مجزرة الفرحاتية". واستدرك بالقول "الجميع يعرف منفذي الجريمة، لكن المحافظة تحت سيطرة الفصائل التابعة لإيران والتحدث بالتفاصيل بمثابة انتحار".
وأكد أن قسما من العمليات الإرهابية، إما تم التغاضي عنه، أو أن غير "داعش" هو من نفذه، خاصة حالات الخطف والسرقة واستهداف بعض الشخصيات المحلية المعروفة".
وعزا مسؤولون أمنيون في المحافظة، التراجع الأمني، لوجود المليشيات التي خلقت فوضى واضحة بالملف الأمني، سيما أن العمليات الأمنية لا تستهدف وجودها.
ووفقاً لضابط برتبة مقدم في قيادة شرطة المحافظة، فإن "الأسبوعين الفائتين، سجلا نحو 12 عملية عنف، تنوعت ما بين تفجيرات واغتيالات وأعمال خطف".
وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ بعض عمليات العنف مصطنعة أو يتم اختلاقها لغايات كثيرة من بينها وقف مطالبات إخراج الفصائل من المدن، إذ إنّ عودة شبح تنظيم "داعش" الإرهابي وعمليات عنف تنسب له يعني وقف مطالبات المسؤولين المحليين ونواب البرلمان وشيوخ العشائر بأن يمسك المحافظة الجيش والشرطة ويخرجوا أفراد الفصائل منها.
وكشف عن أن الحكومة لم تنفذ أيا من وعودها بعد مجزرة الفرحاتية الشهر الماضي، رغم أن أسماء بعض المتورطين بالجريمة وهم من مليشيا عصائب أهل الحق، معروفة"
ورجح أن "يستمر التصعيد الأمني في المحافظة خلال الفترة المقبلة، وأن تلك الجماعات ستواصل أعمالها سيما وأنها لم تعاقب على مجزرة الفرحاتية".
وأمس الأربعاء، نقلت وسائل إعلام محلية عراقية عن مسؤول في المحافظة تأكيده، قيام فصائل في الحشد الشعبي بسحب الكاميرات الحرارية في بلدة الصينية الواقعة قرب تكريت.
واتهم المسؤول ذاته تلك الفصائل بأنها قامت بهذه الخطوة لتنشيط هجمات تنظيم "داعش" الإرهابي لكي تستغل تلك الهجمات كحجة لبقائها في تلك المناطق، ومن أجل كسب التعاطف الشعبي وإظهارها بمظهر المدافع عن المدينة والأهالي، إذ إن وجود تلك الكاميرات كان يمنع قيام داعش بالهجمات لكونه يدرك أنها ستكون بلا فائدة نتيجة الرصد"، بحسب وكالة "باسنيوز"، العراقية المقربة من حكومة إقليم كردستان العراق.
يُشار إلى أن إحدى المليشيات المسلحة الناشطة بالمحافظة وهي "عصائب أهل الحق" التي تتهم بارتكاب "مجزرة الفرحاتية" التي وقعت الشهر الفائت، والتي راح ضحيتها 12 رجلاً، وغيّب فيها 26 آخرون، ما زالت ناشطة مع جماعات وفصائل أخرى بالمحافظة، كما أن مجريات التحقيق لم تدنها بالمجزرة، رغم وجود أدلة على تورطها.