رغم تقديم عدة طلبات من قبل كتل وقوى برلمانية مختلفة لاستدعاء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلا أن الأخير لم يستجب لأيٍّ منها، فيما يؤكد مقربون منه أن تلك الطلبات سياسية بامتياز، ومحاولات استعراض عضلات من قبل الكتل أمام الشارع لدواعٍ بعضها انتخابي، في الوقت الذي تواصل فيه قوى عدة شنّ حملات إعلامية عدة للتشهير بالكاظمي واتهامه بالخوف من أن يتحول الموضوع من استضافة إلى استجواب.
ووفقاً للنظام الداخلي في البرلمان العراقي، فإن من حق أعضائه التقدم بطلب سؤال لرئيس البرلمان، أو استضافته للإجابة عن موضوع ما في برنامجه الحكومي، ويمكن أن تتحول جلسة الاستضافة إلى استجواب إذا صوّت أغلب الحضور في الجلسة بعدم قناعتهم بأجوبة رئيس الوزراء أو الوزير، أو أي مسؤول تنفيذي آخر.
وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، تلقى الكاظمي عدّة طلبات برلمانية للحضور إلى البرلمان، بغية الحصول على إجابات حول ملفات عدة تقدمت بها كتل سياسية توصف عادة بأنها حليفة لإيران، منها "تحالف الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، وائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وكلها جهات غير داعمة للكاظمي، فضلاً عن دعوة وجهتها رئاسة البرلمان للاستضافة.
وتعلّقت طلبات الاستضافة بشكل عام بملفات عدّة، منها مصير القوات الأميركية في العراق، وإدارة الملف الأمني، والأزمة المالية، وقرار رفع قيمة الدولار، والاتفاقات الحكومية مع السعودية ومصر وتركيا والولايات المتحدة، وغيرها من الملفات الأخرى.
عضو لجنة الأمن البرلمانية، النائب بدر الزيادي، قال إن "لجنة الأمن قدمت طلبات عدّة إلى الكاظمي، إلا أنه لم يستجب لتلك الطلبات الرسمية"، مبيناً، في بيان له أن "اللجنة أرادت من حضور الكاظمي مناقشة ملف عمليات التهريب ودخول الحاويات غير المرخصة عبر المنافذ".
وأضاف الزيادي أن "مئات الحاويات تدخل المنافذ الحدودية يومياً من دون تفتيشها"، مشيراً إلى أن "هناك منافذ أصبحت عبارة عن ممرات لدخول الحاويات غير المرخصة، فضلاً عن وجود قسم من الأجهزة الأمنية متعاون لإدخال المخدرات إلى العراق".
تعلّقت طلبات الاستضافة بشكل عام بملفات عدّة، منها مصير القوات الأميركية بالعراق، وإدارة الملف الأمني، والأزمة المالية، وقرار رفع قيمة الدولار، والاتفاقات الحكومية مع السعودية ومصر وتركيا والولايات المتحدة
النائب عن "تحالف سائرون" بزعامة "مقتدى الصدر"، صباح الساعدي، وجه أصابع الاتهام نحو رئاسة البرلمان، مؤكداً أنها "تماطل" بملفات المساءلة الموجهة إلى الكاظمي.
وقال الساعدي، في إيجاز صحافي: "قدمنا طلبات لمساءلة الكاظمي في البرلمان، تتعلق بعدد من الملفات، منها ملف إخراج القوات الأميركية من البلاد، والبعثة الدبلوماسية المتعلقة بالسفارة الأميركية، وعن العاملين في السفارة، وغيرها، إلا أن تلك الطلبات لم يُستجَب لها حتى الآن، على الرغم من مرور فترة ليست بالقصيرة على تقديمها"، واتهم رئاسة البرلمان بـ"التقصير بهذا الملف، وأنها لم تحدد حتى يومنا الحاضر أي موعد للاستضافة، أو حتى للإجابة عن السؤال الشفاهي الذي قدمناه أيضاً إلى الكاظمي".
وانتقد عدم "حسم هذا الملف، ولا سيما أن البرلمان له الحق بالاطلاع ومناقشة تلك الملفات مع الحكومة والوقوف على خطواتها وإجراءاتها بهذا الشأن".
ولا يخلو ملف المساءلة من البعد "السياسي" وفق ما يراه مقربون من الكاظمي، الذين عدّوا إثارة تلك الملفات تنطوي على محاولات استغلالها سياسياً وليس مهنياً.
وقال مسؤول في مكتب رئيس الحكومة ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "أغلب القوى التي تحاول مساءلة الكاظمي تسعى لأجل تحقيق مكاسب سياسية من ذلك"، كاشفاً عن "قرار مسبق بعدم التجاوب مع تلك الطلبات، بما أنها غير ملزمة مثل طلب الاستجواب"، لكنه بالوقت نفسه أكد أن الكاظمي "يتواصل مع رئاسة البرلمان باستمرار، وهناك تنسيق مستمر، لذا طلبات الاستضافة تُخضَع لحسابات نفعها للناس من عدمها"، وفقاً لتعبيره.
واتهم بعض الكتل بأنها "تحاول ابتزاز الكاظمي للحصول على مكاسب من خلال تلك الطلبات، وأن مكتب الحكومة مفتوح أمام أي برلماني يرغب في لقاء الكاظمي والاستفسار منه عن أي ملف".
وأوضح أن "الأجندات السياسية لبعض القوى من تلك الملفات، هي التي تحول دون حضور الكاظمي إلى البرلمان".
الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي، اعتبر طلبات الاستضافة المتكررة للكاظمي في البرلمان "عملية استعراض سياسي لبعض الكتل"، مبيناً أن "النظام الداخلي للبرلمان منح الاستجواب أدوات وصلاحيات كبيرة غير تلك التي منحها للاستضافة في ما يتعلق بالمسؤول التنفيذي، لذا مثل هذه الطلبات تندرج ضمن محاولات الاستعراض الشعبي أيضاً، وليس السياسي فقط، وقد تكون محاولة إحراج أو استهداف للكاظمي إذا ما حضر للبرلمان أمام وسائل الإعلام. لذلك، رئاسة البرلمان لم تتفاعل مع هذه الطلبات، لكونها تدرك وجود ما هو أهم منها".