العراق: التيار الصدري و"الإطار التنسيقي" يحشدان في الشارع

06 أكتوبر 2022
مخاوف من اندلاع صدام بين أنصار الطرفين (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يستعد التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، للنزول إلى الشارع مجدداً خلال الأيام المقبلة، لمنع الكتل والأحزاب السياسية من تشكيل حكومة برئاسة محمد شياع السوداني، فيما تحشد قوى "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع القوى الحليفة لإيران، أنصارها لتظاهرة مضادة ضد أي احتجاج صدري مرتقب، للضغط نحو تشكيل الحكومة وفق التوافق ما بين الكتل السياسية.

ويثير نزول أنصار الصدر إلى الشارع مقابل أنصار قوى "الإطار التنسيقي"، مخاوف سياسية وشعبية من تجدد الصدام المسلح ما بين الطرفين، كما حصل خلال الفترة الماضية داخل المنطقة الخضراء، وهي أحداث تسبّبت بسقوط عشرات القتلى والجرحى بصفوف الطرفين.

اعتبر قيادي صدري أنهم لا يملكون أي ورقة غير الشارع للضغط على الكتل لحل البرلمان

وشهد العراق خلال الأشهر الأخيرة أزمة سياسية بين الطرفين، تمثلت في اقتحام أنصار التيار الصدري المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، ومن ثم تطور المشهد إلى اشتباكات بينهم وبين جهات محسوبة على "الحشد الشعبي"، أوقعت عشرات القتلى والجرحى، قبل أن يوجه زعيم التيار مقتدى الصدر أنصاره بالانسحاب.

التيار الصدري يحشد للنزول إلى الشارع

وقال قيادي بارز في التيار الصدري، لـ"العربي الجديد"، إن "التيار يعمل حالياً على التحشيد من أجل النزول إلى الشارع مجدداً، لمنع الإطار التنسيقي من تشكيل حكومة برئاسة محمد شياع السوداني وفق منهج المحاصصة والتوافق. فالتيار لن يسمح بهكذا خطوة، وسيمنعها من خلال الاحتجاج الشعبي".

وأضاف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "أنصار التيار الصدري ينتظرون حالياً صدور قرار النزول إلى الشارع خلال الأيام القليلة المقبلة من قبل الصدر أو وزيره (صالح محمد العراقي)".

وأوضح أن "التظاهرات المرتقبة لن تشمل العاصمة بغداد فقط، بل ستكون في غالبية المحافظات، من أجل الضغط نحو تشكيل حكومة مستقلة تكون مهامها فقط إجراء انتخابات مبكرة".

وذكر أن "اجتماعات عُقدت لعدد من قيادات التيار الصدري في بغداد والمحافظات من أجل التحشيد والتجهيز للتظاهرات المرتقبة، فهذا القرار تم اتخاذه". وأشار إلى أن "الصدريين حالياً لا يملكون أي ورقة غير ورقة الشارع للضغط على الكتل لحل البرلمان، وتحديد موعد للانتخابات المبكرة، وتشكيل حكومة مستقلة وليس حكومة إطارية".

وكشف أن "دخول الخضراء مجدداً أمر وارد جداً لمنع البرلمان من عقد أي جلسة يراد منها انتخاب رئيس الجمهورية، وتكليف السوداني بمهام تشكيل الحكومة بشكل رسمي".

"الإطار التنسيقي" يستعد للتظاهر

في المقابل، قالت ما تعرف بـ"اللجنة التحضيرية للحراك الجماهيري"، التابعة لقوى في "الإطار التنسيقي"، في بيان لها صدر أمس الأربعاء: "نعلن بدء الاستعدادات لتظاهرات شعبية عارمة للضغط على الأطراف السياسية للإسراع بإنهاء الأزمة الحالية، والإسراع بتشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات".

وأضافت أن "الحكومة الجديدة يجب أن تعمل على إنهاء الفوضى والانفلات الأمني ومحاسبة المفسدين، وإنجاز موازنة العام المقبل، والحد من الغلاء المعيشي ومخاطر الأزمة الاقتصادية المقبلة والإسراع بانتخاب رئيس الجمهورية، وتكليف المرشح لرئاسة الحكومة. وسيتم إعلان زمان ومكان التظاهرات لاحقاً".

وجاء بيان اللجنة، بعد دعوات للتحشيد لتظاهرات من قبل أنصار التيار الصدري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع إعادة تنشيط قنوات التيار الصدري على منصة "تيليغرام" (قنوات "ثورة عاشوراء") التي قادت عملياً نقل أخبار وتعليمات حراك الصدريين خلال اقتحام المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان العراقي، في الفترة الماضية.

عدم جدوى استخدام الشارع

من جهته، قال القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الكل أدرك عدم جدوى استخدام الشارع العراقي في حل الخلافات والأزمات السياسية، فاستخدام هذه الورقة سوف يعمّق الخلاف والصراع، ولن يحله إطلاقاً، بل ربما يدفع إلى الصدام، وهذا ما لا نريده".

وبيّن الفتلاوي أن "كل القوى السياسية لها جمهور وأنصار في الشارع العراقي، وبإمكان هذه القوى دعوة أنصارها للتظاهر"، معتبراً أن "دعوات التظاهر من قبل أنصار الإطار تهدف إلى إنهاء حالة الانسداد ونقل العراق إلى بر الأمان، وعدم جعل العراق يعيش أزمات اقتصادية ومالية خطيرة بسبب عدم وجود الحكومة والموازنة".


علي الفتلاوي: استخدام ورقة الشارع سيعمّق الخلاف والصراع

وأكد القيادي في "الإطار التنسيقي" أن "جميع القوى السياسية ماضية بعملية تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة، وأي تهديد بالشارع لن يوقف حراك تشكيل الحكومة"، مضيفاً أن "ورقة الشارع أصبحت محروقة، وعلى الجميع الركون إلى طاولة الحوار والتفاوض لحل الخلاف، والاتفاق على إدارة المرحلة المقبلة من قبل جميع الشركاء من دون تهميش أو إقصاء لأي طرف سياسي".

ويعيش العراق أزمة هي الأطول من نوعها، إذ حالت الخلافات بين القوى السياسية من دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.

مخاوف من عودة الصدام المسلح

عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم قال لـ"العربي الجديد"، إن "عودة تظاهرات الصدريين تقابلها تظاهرة أنصار الإطار التنسيقي أمر يشكل خطرا حقيقيا ومخاوف من عودة الصدام المسلح، وهذا الأمر ربما تكون له تداعيات خطيرة وكبيرة".

وأضاف عبد الكريم أن "عودة أي صدام مسلح ما بين أنصار القوى الشيعية خلال المرحلة المقبلة، ربما لا يكون محدوداً كما حصل سابقاً في المنطقة الخضراء، وهذا قد ينذر بحرب أهلية، تكون كل الأطراف فيها خاسرة. ولهذا يجب منع أي تصعيد جديد في الشارع من قبل أي طرف سياسي".

وحذر من أن "عودة أعمال العنف بسبب الصراع السياسي، ومع إحاطة الممثلة الأممية الخاصة جينين بلاسخارت في مجلس الأمن الدولي، ربما يدفع إلى تدخل دولي في الشأن العراقي من خلال فرض وصايا أو قرارات"، مضيفاً: "لهذا يجب حل الأزمة بالحوار والتفاهم لمنع أي أعمال عنف تعقد المشهد وتفتح الباب للتدخلات الخارجية بقوة".

الصدريون لا يملكون سوى ورقة الشارع

من جهته، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "عودة التظاهرات من قبل أنصار التيار الصدري، أمر متوقع جداً، خصوصاً ان الصدريين ليس لديهم أي ورقة غير الشارع لفرض ما يريدونه من خلال الضغط الشعبي، ولهذا عودة التظاهرات ستكون قريبة جداً وفق كل المعطيات والمعلومات".

وبيّن الشريفي أن "الإطار التنسيقي ومن معه من القوى السياسية يخشى أي حراك حقيقي لتشكيل الحكومة الجديدة عبر مجلس النواب، خشية من التحرك الصدري في الشارع. ولهذا الإطار ما زال يعمل ويحاول فتح قنوات حوار مع الصدريين قبل أي تحرك نحو تشكيل الحكومة عكس تصريحات قياداته في الإعلام".

وأضاف أن "كل الأطراف السياسية وحتى بعض القوى الإقليمية والدولية تدرك خطورة المضي بأي حكومة من دون موافقة التيار الصدري عليها"، معتبراً أن "أي حكومة تشكل من دون موافقة الصدريين لن تصمد طويلاً، والكل يخشى تكرار سيناريو حكومة عادل عبد المهدي، ولهذا تريد قوى الإطار موافقة صدرية قبل تشكيل أي حكومة جديدة لمنع إسقاطها بعد أشهر قليلة من تشكيلها".

أحمد الشريفي: أي حكومة تشكل من دون موافقة الصدريين لن تصمد طويلاً

وتتلخص محاور الأزمة العراقية حالياً في إصرار قوى "الإطار التنسيقي" على استئناف جلسات البرلمان ومعاودة عمله بشكل كامل. كما تتمسك بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات بدلاً من حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ثم الذهاب نحو تعديل قانون الانتخابات الحالي.

في المقابل، يرفض التيار الصدري ذلك، ويصر على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة خلال 9 أشهر. كما يطرح تعديل الفقرة 76 من الدستور المتعلقة بالكتلة الكبرى التي يحق لها تشكيل الحكومة. كذلك يرفع مطلباً آخر هو تعديل قانون المحكمة الاتحادية لتكون أكثر استقلالية عن الأحزاب السياسية التي تولت فعلياً منذ عام 2005 اختيار أعضاء هذه المحكمة، وعددهم 11 عضواً، بطريقة المحاصصة الطائفية والحزبية. إلى جانب ذلك يرفض التيار الصدري تعديل قانون الانتخابات.