قرار قضائي يستبعد المرشحين الجدد لرئاسة الجمهورية يُعمق الأزمة السياسية في العراق

01 مارس 2022
المحكمة الاتحادية تعد أعلى سلطة قضائية في العراق (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

أقرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الثلاثاء، بعدم دستورية قرار رئاسة البرلمان إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وهو ما يعني إبطال إجراءات الترشح الجديدة، ومن بينها مرشح الحزب الديمقراطي الحاكم في إقليم كردستان ريبر أحمد خالد، وأسماء أخرى، في خطوة من شأنها إعادة تدوير الأزمة السياسية.

ويسود التوتر المشهد السياسي العراقي منذ الأيام الأولى التي أعقبت إجراء الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وما نتج عنها من تصدر تحالف رجل الدين مقتدى الصدر، "التيار الصدري"، على حساب الأحزاب والكتل السياسية الحليفة لإيران، والمنضوية ضمن ما يعرف بـ"الإطار التنسيقي".

وجاء في بيان صادر عن المحكمة، التي تعتبر أعلى سلطة قضائية في البلاد، أنه "لا يوجد نص دستوري أو قانوني يمنح رئاسة مجلس النواب صلاحية إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية".

لكن المحكمة أشارت إلى "إمكانية إعادة فتح باب الترشح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية، لكن بقرار من مجلس النواب وليس من رئاسة المجلس".

ويترتب على قرار القضاء العراقي إلغاء ترشيح الأسماء التي تقدمت لشغل المنصب، ومنها مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبر أحمد خالد، وأسماء أخرى تقدمت للمنصب، مع الإبقاء على الأسماء الـ24 السابقة، ومنها الرئيس الحالي برهم صالح، الذي يسعى للحصول على ولاية ثانية بدعم من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني.

وجرى العرف السياسي المتبع في العراق منذ عام 2005 على منح القوى الكردية منصب رئيس الجمهورية، والذي توالى على شغله ثلاثة قياديين في "الاتحاد الوطني الكردستاني"، هم جلال طالباني، وفؤاد معصوم، وأخيراً الرئيس الحالي المنتهية ولايته برهم صالح، بينما لم يسبق لأي من قيادات "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي تصدّر نتائج الانتخابات الأخيرة على مستوى إقليم كردستان بـ31 مقعداً أن تولى المنصب.

ولتوضيح ما آلت إليه الأزمة السياسية في العراق عقب القرار القضائي الصادر عن المحكمة الاتحادية، قال الخبير القانوني العراقي، محمد القيسي، لـ"العربي الجديد"، إن القرار ألغى تسعة أسماء مرشحة لمنصب رئاسة الجمهورية من خلال قرار البرلمان بإعادة فتح باب الترشح.

وأضاف القيسي أن "القرار منح البرلمان إمكانية إعادة فتح باب الترشح من خلال طرح القرار للتصويت على أعضاء البرلمان، ما يعني أن هناك إمكانية لفتح باب الترشح، لكن بتصويت أغلبية أعضاء البرلمان، وليس من خلال رئاسة البرلمان فقط، وهو ما يتوقع أن يحصل، إذ يمكن للتحالف الثلاثي (التيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني)، تمرير التصويت على القرار بأريحية"، لكنه اعتبر أن القرار "سيطيل أمد الأزمة السياسية لشهر آخر على أقل تقدير".

وكانت رئاسة مجلس النواب العراقي قد أعادت في الثامن من الشهر الماضي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وذلك بعد انقضاء شهر على فترة الترشح الأولى التي بدأت في التاسع من يناير/ كانون الثاني الفائت، واستمرت 30 يوماً. 

إلى ذلك، تحدث القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، عماد باجلان، لـ"العربي الجديد"، عن "ضغوطات مورست على المحكمة منذ أيام من أجل منعنا من ترشيح أي مرشح لرئاسة الجمهورية، بعد قرار منع مرشحنا هوشيار زيباري بقرار سياسي أيضاً، وليس قضائيا".

وبيّن باجلان أن "التحالف الثلاثي قادر على عقد جلسة للبرلمان وإصدار قرار برلماني بأغلبية النواب على إعادة فتح باب الترشح، وهذا الأمر ستتم مناقشته في الساعات المقبلة، حتى يكون هناك مرشح رسمي لهذا التحالف، فلا يمكن التنازل عن هذا الاستحقاق إطلاقاً".

وأضاف أن "الحوار بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني متوقف منذ فترة طويلة، بسبب إصرار الاتحاد على حصوله على هذا المنصب عبر مرشحه برهم صالح، الذي لدينا الكثير من الملاحظات على عمله وأدائه طيلة الفترة الماضية".

إلى ذلك، قال المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "قرار المحكمة الاتحادية مطاط، فهو لم يكن مع جهة ضد جهة أخرى، وفي الوقت ذاته أعطى فرصة للقوى السياسية لإجراء حوارات وتفاوض من أجل حسم الخلافات حول تسمية رئيس الجمهورية الجديد، وتشكيل الحكومة العراقية".

وبيّن الشريفي أن "قرار المحكمة الاتحادية سيعمق الخلافات، خصوصاً أن التحالف الثلاثي سيذهب سريعاً في الأيام المقبلة لعقد جلسة والتصويت على قرار بإعادة فتح باب الترشح، وهذا الأمر أجازته المحكمة وفق قرارها اليوم".

ويعول الصدر في شراكته مع تحالف "السيادة"، الذي يضم كتلتي "تقدم" و"عزم"، بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، على تمرير مشروع حكومة الأغلبية، حيث تملك الثلاثة نحو 180 مقعداً في البرلمان، إلى جانب تأييد نواب مستقلين وممثلي أقليات في البرلمان للمشروع، وهو ما يمنحهم أكثر من 200 مقعد برلماني من أصل 329 مقعداً.

في المقابل، تلوح القوى الحليفة لإيران المنضوية في "الإطار التنسيقي" بورقة ما بات يعرف بـ"الثلث المعطل"، حيث يفرض الدستور تمرير استحقاق رئيس الجمهورية بتصويت ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 220 نائباً، إذ يسبق تسمية رئيس الجمهورية استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة، وفقاً للدستور النافذ منذ عام 2005.

وتواصل القوى الحليفة لإيران تحذيرها من مغبة إقصاء أي طرف سياسي من الحكومة الجديدة، كون الحكومة المقبلة لن تصمد أكثر من سنة.

المساهمون