قال رئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني اليوم السبت، إن حزب العدالة والتنمية لا يمكنه أن يقع في تناقض واصطدام مع اختيارات الدولة، ومع توجهات العاهل المغربي الملك محمد السادس في ما يخص قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
واعتبر العثماني، في افتتاح الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب المنعقدة اليوم، أنه "بفضل هذا الموقف القوي، فقد خاب ظن خصوم الحزب الذين كانوا يراهنون ويتمنون أن يقع ذلك التناقض، كما راهنوا من قبل ولا يزالون على أن تتعمق الخلافات الداخلية للحزب، لتصل بحسب أماني بعضهم إلى انقسامه الداخلي".
وأوضح في سياق رده على الانتقادات التي وجهت إليه بعد توقيعه على قرار استئناف العلاقات مع تل أبيب، أن الرهان الاستراتيجي للحزب كان دوما وسيظل هو النجاح في ثلاثة امتحانات كبيرة هي: "امتحان الوفاء لجلالة الملك والوفاء للثوابت الوطنية الجامعة، والانسجام مع الاختيارات الاستراتيجية للدولة، وامتحان إسهام الحزب في الإصلاح السياسي والاجتماعي من منطلق خيار المشاركة من موقع المسؤولية الحكومية، مع الوعي بكل صعوباتها وإكراهاتها في ظل نسق سياسي مركب، وامتحان "صيانة الوحدة السياسية والتنظيمية للحزب".
وردا على ما يطرحه بعض أعضاء الحزب والمتعاطفين معه والمساندين لخطه السياسي من أسئلة حول إخلاله بمبادئه المذهبية والسياسية خاصة في الموقف من القضية الفلسطينية ومن الاحتلال الإسرائيلي، قال زعيم الحزب الإسلامي: "وجب التأكيد على أنه لم يصدر عن الحزب أي تصريح أو تلميح يتعلق بالتخلي عن تلك المبادئ أو الدعوة إلى مراجعتها أو التراجع عنها".
وأشار العثماني إلى أن "الحزب وجد نفسه مطوقا بأمانة الإسهام من موقعه في رئاسة الحكومة في دعم المجهود الوطني الذي يقوده جلالة الملك حفظه الله للدفاع عن سيادة الوطن وتكريس مغربية الصحراء، وفي الوقت نفسه الاستمرار في مواقفه تجاه القضية الفلسطينية التي لها مكانة خاصة لدى عموم المغاربة، ولدى أعضاء الحزب".
وأوضح أن موقف "العدالة والتنمية المبدئي من القضية الفلسطينية ثابت لم يتغير ولن يتغير. وهو الدعم المستمر للشعب الفلسطيني، والتأكيد المستمر المتواصل على حقه في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وعلى حق العودة ورفض الانتهاكات المتواصلة للاحتلال الإسرائيلي من هدم للبيوت وتجريف الأراضي وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس والاعتداء على حرمات المسجد الأقصى".
العثماني: موقف "العدالة والتنمية المبدئي من القضية الفلسطينية ثابت لم يتغير ولن يتغير".
واعتبر العثماني أن "أي مكسب يحققه المغرب باستكمال سيادته على أقاليمه الجنوبية المسترجعة بالتأكيد سيعود قوة في دعم بلادنا لفلسطين"، مضيفا: "من هنا فالضروري بالنسبة للحزب أمام هذا التلازم الإقدام بدل الإحجام والإيجابية بدل السلبية، ولا يمكن اعتماد منطق التباكي أو الانهزامية أو التخوين، بل المطلوب هو الوضوح في المواقف والثبات عليها والقوة في التحرك على أساسها، مع التحلي باليقظة وبروح المقاومة، فالمعركة معركة متجددة للبناء والمقاومة في نفس الوقت، لصالح القضيتين".
من جهة أخرى، أعرب أمين عام "العدالة والتنمية" عن رفضه الشديد للانتقادات التي وجهت إلى المغرب وحزبه بعد التوقيع على اتفاق استئناف العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقال في هذا السياق: "لقد تابعنا بيانات ومواقف صدرت مع الأسف من هيئات خارجية هنا وهناك، ذهبت إلى انتقاد الموقف المغربي وانتقاد الحزب، ومع احترامنا للرأي المخالف وللنقد وتفهمنا لهما، فإننا نرفض رفضا باتا التهجم واتهام النوايا والتشكيك في موقف المغرب والتشكيك في موقف الحزب، وندعو الجميع للتحلي بالعدل والموضوعية وبالتواضع في نفس الوقت".
دور أكبر لنصرة القضية الفلسطينية
إلى ذلك، أكد رئيس المجلس الوطني للحزب إدريس الأزمي الإدريسي، أن دور حزبه في المرحلة الراهنة "كبير في الحفاظ على نصرة ومكانة القضية الفلسطينية، وهي أحوج اليوم للمزيد من المواقف الداعمة لما تقتضيه هذه القضية العادلة من أهمية استراتيجية وحيوية في الحفاظ على وحدة واستقرار أمتنا".
واعتبر الإدريسي، في افتتاح المجلس، أن المغرب القوي بسيادته ووحدته الوطنية الترابية وبمكانته "من شأنه أن يكون له دور أكبر في الانتصار لقضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية".
وأضاف في هذا الصدد: "اعتزازنا بالانتصار التاريخي والحاسم لبلادنا، لا يعادله إلا ثباتنا على مواقفنا المبدئية الراسخة ودعمنا ومساندتنا القوية لكفاح الشعب الفلسطيني البطل ونضاله ضد العدو الصهيوني الغاشم من أجل الحرية وجلاء الاحتلال وحق العودة واسترجاع حقوقه كاملة غير القابلة للتصرف وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
ومنذ العاشر من ديسمبر/كانون الأول الحالي، تاريخ إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، يعيش "العدالة والتنمية" على صفيح ساخن، جراء تباين مواقف هيئاته التنظيمية التي لم تستفق بعد من صدمة خطوة التطبيع، بين موقف رافض لها عبّر عنه كل من حركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوية للحزب، والتنظيم الشبابي، وآخر تجنّب إعلان موقف صريح مباشر تمثّل بالأمانة العامة.