قال العاهل المغربي محمد السادس، اليوم الثلاثاء، إن "حالة الانسداد في العملية السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لا تخدم السلام الذي نتطلع إلى أن يسود المنطقة"، معتبرا أن "المبادرات الرامية لإشاعة الازدهار والرخاء في المنطقة، ستظل، رغم أهميتها، غير كافية في ظل صراع طال أمده وبات يرهن مستقبل الأجيال المقبلة".
جاء ذلك في رسالة وجهها العاهل المغربي، اليوم، إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف شيخ نيانغ، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يصادف 29 من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل سنة.
وأشاد ملك المغرب بـ"الإشارات الإيجابية والمبادرات المحمودة المبذولة لإعادة بناء الثقة بهدف إطلاق مفاوضات جادة كفيلة بتحقيق حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية، وعلى أساس حل الدولتين باعتباره خيارا واقعيا".
واعتبر أن "غياب الأفق السياسي للقضية الفلسطينية، والإجراءات الأحادية التي تقوض فرص السلام، فسحت المجال للقوى المتطرفة للإمعان في استباحتها للمقدسات ونشر ثقافة العنف والكراهية، الأمر الذي ينذر بتحول النزاع من صراع سياسي إلى صراع عقائدي قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها".
وتابع: "لئن كانت أزمات دولية طارئة تحظى الآن بأولوية اهتمام المجتمع الدولي ومؤسساته، فإن القضية الفلسطينية ستظل، باعتبارها أقدم القضايا، مفتاح السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لذلك، فإن أمن المنطقة واستقرارها يتطلب مساعي وجهودا متواصلة للخروج من منطق الصراع والعنف إلى منطق السلام والتعاون وبناء فضاء مزدهر لجميع شعوبها".
إلى ذلك، جدد الملك التأكيد على موقف المغرب الثابت والواضح من عدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في أمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل.
وشدد على أن مدينة القدس الشريف تحظى بمكانة متميزة في وجدان الشعوب العربية والإسلامية لما تنطوي عليه من بعد روحي وعقائدي، فضلا عن كونها مدرجة ضمن قضايا الوضع النهائي التي يتعين إيجاد حل لها في إطار المفاوضات المباشرة.
ودعا إلى الحفاظ على الوضع القانوني والحضاري والديني للمدينة المقدسة باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية وأرضا للقاء ورمزا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاث، لافتا إلى أن وكالة بيت مال القدس الشريف تحت إشرافه تقوم بإنجاز وتنفيذ مشاريع ملموسة، سكنية وصحية، وتعليمية واجتماعية لفائدة المقدسيين، وتروم في أساسها صيانة الهوية الحضارية للمدينة المقدسة وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للساكنة المقدسية ودعم صمودها.
وأكد على أن "ما تقوم به المملكة المغربية من جهود ومساع لصالح القضية الفلسطينية هو التزام صادق وموصول تدعمه إجراءات ميدانية ملموسة تلقى كل التقدير والإشادة من لدن القيادة والشعب الفلسطينيين"، داعيا في هذا السياق إلى النأي بهذه القضية العادلة عن المزايدات العقيمة والحسابات الضيقة التي لا تخدمها في شيء.
كما دعا الملك محمد السادس كافة الفرقاء الفلسطينيين للعمل بروح الفريق الواحد لبناء مؤسسات فلسطينية قوية بقيادة محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني إلى الحرية والاستقلال والعيش الكريم.
وكان العاهل المغربي قد قال في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مباشرة بعد إعلان التطبيع بين الرباط وتل أبيب في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2020، إن "المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء".
وشدد على أن "عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربية الصحراء لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة"، مشيرا إلى أنه سيواصل انخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط.
ويشهد المغرب، اليوم الثلاثاء، فعاليات عدة في مختلف المناطق للتضامن مع الشعب الفلسطيني بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين، من أبرزها وقفة احتجاجية منتظرة مساء اليوم دعت إليها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط.