يلتقي العاهل الأردني عبدالله الثاني الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الخميس، حول طاولة غداء في البيت الأبيض، فيما يسبق ذلك اجتماع وزير الخارجية أنتوني بلينكن بالملك عبدالله في مكان إقامته بواشنطن.
وهذه المرة الثالثة التي يعقد فيها العاهل الأردني مباحثات مع الرئيس، بعد زيارته لواشنطن في ربيع 2021 ثم محادثاته مع بايدن على هامش أعمال "منتدى الأمن الإقليمي" الذي انعقد في جدة في يوليو/ تموز 2022.
والثلاثاء، قام الملك عبدالله بزيارةٍ للكونغرس جمعته برئيس مجلس النواب كيفن مكارثي وعدد من أعضاء لجنة القوات المسلحة في المجلس، أعرب إثرها عن "شكري الدائم لما يعمله هذا الصرح – الكونغرس – للأردن".
والمعروف أن الكونغرس يتجاوب عموما مع تقديم المساعدات للأردن وتزويده الأسلحة. أخيراً جرى التوقيع على بيعه مقاتلات حديثة بقيمة 4,2 مليارات دولار. ومن المتوقع أن ينال مساعدة قدرها 825 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت واشنطن عن التزامها بتوفير مساعدات للأردن بقيمة 10,15 مليارات دولار على مدى ست سنوات بين 2023 و2029. وهذه نماذج عن سلاسة الدعم للمملكة الهاشمية والاستجابة لحاجاتها الأمنية والمالية وبما يجعلها ميسورة بشكل عام ومن دون صعوبات وإشكالات تواجه بلداناً أخرى في المنطقة من جانب الكونغرس، خاصة مبيعات الأسلحة.
في التقديرات أن ما في جعبة الملك في هذه الزيارة يتعلق "بتطورات المنطقة" في المدة الأخيرة ومدلولاتها الخطيرة، فالتصعيد الإسرائيلي الأخير الذي حرصت حكومة بنيامين نتنياهو على افتتاح عهدها به، من استباحة حرمة المسجد الأقصى إلى العدوان على مخيم جنين، زاد من "شكوك الملك" بنوايا رئيس الليكود. وهو الخبير فيها وصاحب تجربة معها.
يذكر أن نتنياهو سمع من الملك تلميحات حول هذه الشكوك عندما قام بزيارته في عمان يوم 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث دعاه إلى "احترام الوضع القانوني القائم للمسجد الأقصى"، في إشارة إلى استفزاز إيتمار بن غفير بدخوله إلى باحة الحرم الشريف. وقوع عملية جنين بعد يومين من زيارة نتنياهو المفاجئة إلى عمان، عززت الارتياب ويتوقع المراقبون أن يكون هذا التطور محور محادثات الملك الزائر مع مضيفه في البيت الأبيض.
ويضيف المراقبون أنه ليس مجازفةً التكهن بأن عودة الوزير بلينكن من لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين و"حقيبته فارغة إلا من القليل" – حسب آرون دافيد ميللر أحد كبار الباحثين في "مؤسسة كارنجي" للدراسات بواشنطن والخبير في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية – من شأنها أن تفاقم الهواجس الأردنية القديم منها والآني. خاصة وأن انفجار الوضع بالصورة التي جرت لم يكن ابن ساعته بقدر ما هو ترجمة لتوجه أطراف حكومية سبق وأعلنت عن أجندتها واشترطت الالتزام بها مقابل انضمامها إلى الحكومة. والإدارة تعرف ذلك جيداً.
تأتي زيارة العاهل الأردني التي توضع في خانة الزيارة الصعبة وربما الأصعب، في ضوء تعامل الإدارة الرخو مع إسرائيل ونتنياهو
مع ذلك وبالرغم من خطورة البدايات المتفجرة التي تعمدتها الحكومة، ذهب بلينكن إلى المنطقة بمسكّنات ومراهم سبق وثبت عدم جدواها.
تبدّى ذلك في خطابه الذي لم يخرج عن الموروث حتى في المفردات الخاوية التي تناقلتها الإدارات عن بعضها لتمرير اللحظة وشراء الوقت، مثل أن الإدارة "تعارض" كل ما يغير في الواقع القائم وأنها تدعو إلى "التهدئة والقيام بخطوات تؤسس لبناء الثقة المتبادلة" وغير ذلك من الوصفات الفارغة والمملة لكثرة ما ترددت منذ أوسلو. حتى أن الخارجية بلسان نائب المتحدث الرسمي، لم تقوَ على تصنيف الصفة الغربية بأنها أرض محتلة. قال إنها مكان "إقامة" للفلسطينيين، ليعود اليوم الأربعاء ويتراجع عن كلامه بعد الضجة التي أثارها، وليتكرم ويضعها في خانة الاحتلال.
على هذه الخلفية تأتي زيارة العاهل الأردني التي توضع في خانة الزيارة الصعبة وربما الأصعب، في ضوء تعامل الإدارة الرخو مع إسرائيل ونتنياهو، فزيارة بلينكن أوضحت أن الرئيس بايدن بالرغم من وعوده، ليس في وارد توظيف رأسمال سياسي وازن قادر على ردع نتنياهو وعلى انتزاع المطلب المتأخر منه، فالإدارة تعمل الآن على تسويق "تجميد" الوضع على أنه إنجاز يضع الأسس اللازمة للمضي في طريق حل الدولتين. هذا إذا استطاعت تجميده. والسوابق لا توحي إلا بالعكس.