جدد الطيران الحربي الروسي قصفه لمناطق جنوب إدلب، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي من جانب قوات النظام السوري، وسط حركة نزوح للمدنيين من المنطقة خشية تصاعد العمليات العسكرية.
وذكر الناشط مصطفى محمد، لـ"العربي الجديد"، أنّ الطائرات الروسية شنّت، صباح اليوم الخميس، غارات على بلدة البارة ومحيط بلدة كنصفرة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، والتي تضم نقطة عسكرية تركية، دون معلومات عن خسائر بشرية.
من جهتها، قصفت قوات النظام السوري بالمدفعية والصواريخ مناطق عدة في ريف إدلب الجنوبي، دون الإعلان عن وقوع إصابات، بعد ساعات من إصابة ستة مدنيين بينهم امرأتان، جراء قصف مماثل استهدف الأحياء السكنية في مدينة أريحا جنوب إدلب فجر الخميس.
وذكر الدفاع المدني السوري على صحفته في "فيسبوك" أنّ قوات النظام استخدمت قذائف من الطراز الموجه بالليزر، حيث قامت فرقه بإسعاف المصابين إلى المشافي وتفقدت الأماكن المستهدفة.
وزعمت وزارة الدفاع الروسية أنّ الفصائل المسلحة المنتشرة في إدلب خرقت وقف إطلاق النار أكثر من 20 مرة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقال نائب مدير مركز التنسيق الروسي في حميميم اللواء البحري فاديم كوليت، في بيان له، إنه تم "رصد 23 اعتداء من المناطق التي تنتشر فيها التنظيمات المسلحة بمنطقة خفض التصعيد، شملت 10 اعتداءات في إدلب و8 في اللاذقية و1 في حماة و4 في حلب".
وتثير هذه المزاعم المتزامنة مع تصعيد متواتر للعمليات العسكرية خاصة باتجاه ريف إدلب الجنوبي؛ مخاوف السكان هناك، خشية أن يكون ذلك مقدمة لتصعيد ميداني جديد خاصة تجاه ريف إدلب الجنوبي، حيث لا تخفي روسيا والنظام رغبتهما بالسيطرة على المنطقة الواقعة جنوب الطريق الدولية حلب-اللاذقية، بغية السيطرة على هذه الطريق.
ويقول ناشطون إن النظام يلجأ قبل أي عمل عسكري في أي منطقة إلى استهداف بنيتها التحتية وتدميرها إضافة إلى استهداف المراكز الصحية بهدف إخراجها عن الخدمة، وسط تحذيرات من وقوع كارثة إنسانية جديدة وحركة نزوح لمئات الآلاف من الأهالي من مناطقهم إلى الشريط الحدودي مع تركيا في حال أقدم النظام والروس على شن حملة عسكرية في المنطقة.
تقرير حقوقي يتهم النظام وروسيا بارتكاب جرائم حرب
وفي تقرير لها اليوم الخميس، قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إن القوات الروسية وقوات النظام السوري ارتكبت انتهاكات تشكل جرائم حرب خلال هجمات غير مشروعة على منطقة جبل الزاوية وما حولها، مشيرة إلى مقتل نحو 61 مدنياً، 33 منهم على يد القوات الروسية بينهم 20 طفلاً، واستهداف 13 منشأة حيوية منذ يونيو/حزيران حتى الشهر الجاري.
وقال التقرير إنه رصد تصعيداً عسكرياً منذ مطلع يونيو/حزيران تجاه مناطق جبل الزاوية ومحيطها الخارجة عن سيطرة النظام السوري، من خلال هجمات على مناطق مدنية، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وأضرار مادية كبيرة في منشآت ومرافق حيوية، موضحاً أنَّ هذا التصعيد جاء بعد فترة هدوء نسبي امتدت لأشهر على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار التركي الروسي المبرم في مارس/آذار2020، والذي لم يمنع النظام السوري وحلفاءه من تنفيذ عمليات قصف تسببت في مقتل 83 مدنياً بينهم 44 طفلاً و17 سيدة في منطقة جبل الزاوية وجوارها منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار.
خريطة تظهر أبرز المواقع في منطقة #جبل_الزاوية ومحيطها التي تعرضت لهجمات من قبل قوات الحلف السوري الروسي منذ 5/ حزيران حتى 1/ أيلول/ 2021، وأبرز القواعد العسكرية التابعة لهذه القوات التي شاركت في تنفيذ هذه الهجمات#سوريا
— الشبكة السورية (@SN4HR) September 9, 2021
للاطلاع على التقرير كاملاً:https://t.co/htk1BoTHft pic.twitter.com/PtWiuJH85v
واستعرض التقرير -الذي جاء في 22 صفحة تفاصيل الهجمات العسكرية خلال هذه الفترة، وما تسببت به من خسائر بشرية، إضافة إلى استهداف المراكز الحيوية والأحياء السكنية وما رافقها من دمار، بالاستناد إلى عمليات الرصد اليومية وشهادات مباشرة من ناجين أو من أقرباء لضحايا أو عمال إغاثة ونشطاء إعلاميين، وعرضَ ثماني شهادات منها.
وتحدَّث التقرير عن أهمية منطقة جبل الزاوية وسرد واقع السيطرة عليها من قبل أطراف النزاع، مشيراً إلى أبرز النقاط التي ميزت الحملة العسكرية الأخيرة عن الحملات السابقة، حيث رصدَ قصفاً كثيفاً إثرَ تحليق طائرات الاستطلاع، تركَّز على تجمعات الأشخاص، واستخداماً مكثفاً لذخائر ذات نوعية خاصة من حيث دقة إصابة الهدف والتدمير الكبير للمكان المستهدف، موجهة عبر دارة ليزرية، إضافة إلى القصف الصاروخي المكثف. كما ميَّز هذه الحملة، بحسب التقرير، استخدام ذخائر جديدة بكثافة غير مسبوقة.
وأكد التقرير أن "قوات الحلف السوري الإيراني الروسي خرقت بشكل لا يقبل التَّشكيك قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيَين بوقف الهجمات العشوائية، كما انتهكت قواعد القانون الدولي الإنساني الخاصة بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين".
وطالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، وحجب حق النقض عند ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. كما طالبه بفرض عقوبات أممية عسكرية واقتصادية على النظام السوري وبشكل خاص القادة المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
اعتقالات شرقي سورية
وفي شرق البلاد، شنت مليشيا "الدفاع الوطني" المدعومة من روسيا، أمس الأربعاء، حملة اعتقالات طاولت شباباً يعملون بصيد الأسماك، في ريف دير الزور الغربي الخاضع لسيطرة قوات النظام والمليشيات المساندة له، بتهمة العمل بالتهريب عبر مياه نهر الفرات.
من جهة أخرى، أشارت شبكة "عين الفرات" المحلية إلى أنّ قوات النظام السوري استولت خلال الآونة الأخيرة، على أراضٍ زراعية في عموم محافظة دير الزور، وأجبرت أصحابها على تركها بهدف عرضها في مزاد علني لاستثمارها لصالحه.
وأوضحت الشبكة أنّ النظام السوري شكل لجنة لإحصاء الأراضي الزراعية غير المزروعة ومصادرتها بحجة تنمية الموارد الزراعية واستثمارها، حيث ناقشت هذه اللجنة، خلال الأسبوع المنصرم، إعلانها للاستثمار الزراعي لموسم، 2021-2022 في اجتماع حضره محافظ دير الزور، وتضمنت أراضي مصادرة من أصحابها المهجرين. وقررت اللجنة إجراء المزادات على الأراضي اعتباراً من يوم الثلاثاء المقبل ولغاية يوم الخميس 23/09/2021، حيث يسعى النظام إلى الاستفادة من عائدات الأراضي الزراعية لصالح مؤسساته دون موافقة أصحابها، والذين يعتبرهم النظام "إرهابيين" لمجرد كونهم معارضين له.
من جهة أخرى، قتل رجل وزوجته وابنته وأصيب ابنه بانفجار لغم أرضي من مخلفات تنظيم "داعش" في منطقة البيارات الغربية غربي مدينة تدمر بريف حمص الشرقي وسط البلاد، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري.
وأوضحت الوكالة أن لغماً انفجر في منطقة البيارات الغربية غرب مدينة تدمر ما أدى إلى مقتل رجل وزوجته في العقد الخامس من عمرهما وابنتهما الطفلة وإصابة ابنهما بجروح وهم من سكان بادية تدمر.