مع بدء اللجنة الوطنية للانتخابات المستقلة بالصومال، تسلم أوراق المرشحين لعضوية مجلس الشيوخ الصومالي (54 مقعداً)، في 16 يوليو/تموز الحالي (الأربعاء الماضي)، باتت فنادق العاصمة مقديشو تعج بالحملات الانتخابية، إلى جانب انتشار منصات دعاية جديدة في مواقع التواصل الاجتماعي تابعة لمرشحين للانتخابات النيابية والرئاسية المقررة في البلاد، ما ينعش الآمال أخيراً بإجراء الانتخابات في الصومال، بعد طول انتظار استمر عامين، ومعها الآمال بحصول الشباب والنساء على فرصتهم في الحياة السياسية.
نتائج انتخابات مجلس الشيوخ ستظهر مدى قدرة الشباب على المنافسة في انتخابات مجلس الشعب
وفي خضم الحملات الانتخابية التي تملأ لافتاتها شوارع مقديشو، تبرز حملات لعدد من المرشحين الشباب، الذين يطمحون للوصول إلى البرلمان بغرفتيه (مجلسا الشعب والشيوخ). ويأمل الكثير من هؤلاء الشباب، إحداث تغيير جذري في المشهد السياسي في الصومال، الذي تحول إلى حلبة صراع للسياسيين الكبار ورجال القبائل فقط، ما حدّ من مشاركة شريحة الشباب والنساء في الحياة السياسية منذ ثلاثة عقود.
ومن المرتقب أن تجري الانتخابات النيابية (مجلس الشيوخ) في خمس دوائر انتخابية، في 25 يوليو الحالي، وبعدها يمكن أن تتضح الأمور حول المشهد الانتخابي ومدى فرص الشباب في الدخول إلى البرلمان المقبل بغرفتيه. فإذا حصلت هذه الشريحة على نسبة معقولة من مقاعد "الشيوخ"، يمكن أن يعوّل كثيرون على إمكانية فوزها بمقاعد في مجلس الشعب الصومالي (275 عضواً)، الذي ستجري انتخاباته في أغسطس/آب المقبل.
وفي السياق، أعلن الشاب عيسى محمود جوري، يوم الخميس الماضي، خلال مناسبة أقيمت في فندق الجزيرة جنوبي مقديشو، عن ترشحه لمقعد في مجلس الشعب الصومالي، متحدياً العقبات التي تواجهه، ومتسلحاً بقدراته وإنجازاته السابقة أثناء فترة عمله في بلدية مقديشو في الفترة ما بين عامي 2015 و2016، حيث شغل منصب مدير ناحية دينيلي (غربي مقديشو) وحي هدن (جنوبي العاصمة).
ويقول عيسى جوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن غياب دور الشباب في الحياة السياسية بشكل عام منذ عقود، وهيمنة رجال القبائل والسياسيين الكبار على مجريات الأحداث السياسية لسنوات مديدة، هي التي دفعته للترشح لعضوية البرلمان الصومالي، من أجل إحداث تغيير جذري في الحياة السياسية في بلده.
وحول العقبات والتحديات التي يمكن أن تعترض سبيل انضمامه إلى البرلمان، يقول جوري إن أهم عقبة تواجه أي شاب طامح لذلك، تكمن في رجال القبائل، لكنه يشير إلى أنه مدفوع من رجال العشيرة التي ينتمي إليها، لتمثيلهم في الحياة السياسية، مضيفاً أن المال ليس عامل حسم في الانتخابات النيابية، بل إن الأمر مرهون بمدى قدرة المرشح لعضوية البرلمان على التأثير في رجال العشائر والناخبين وكسب ودهم.
من جهتها، تقول منى أحلا، الشابة الصومالية المرشحة أيضاً لعضوية البرلمان، وخريجة كلية الإعلام في جامعة مقديشو كلية الإعلام، لـ"العربي الجديد"، إن دوافع ترشحها لعضوية البرلمان هي بسبب قربها من المجتمع المدني، كونها ناشطة شبابية عملت في المنظمات الشبابية بعد انتهاء دراستها الجامعية. وتعمل أحلا، مع 40 نقابة محلية، من بينها نقابات شبابية وأخرى من المدينة، إلى جانب خبرتها في الانخراط بالحياة الاجتماعية، ما يمكنها من المساهمة والمشاركة في الحياة السياسية، خصوصاً الانضمام إلى المجالس التشريعية في البلاد.
غياب عنصر المال عند الشباب هو العقبة الرئيسية أمام الترشح والفوز، إلى جانب الظروف الأمنية
وحول العقبات التي تواجهها لخوض المعترك الانتخابي، تقول أحلا إن "غياب عنصر المال عند الشباب هو العقبة الرئيسية، إلى جانب الظروف الأمنية التي يعيشها الصومال، فبعد إعلانك عن الترشح يمكن أن تصبح هدفاً، ما يخلق جواً من الحساسية والرعب لدى المرشحين الجدد، بالإضافة إلى تحدي رجال القبائل الذين لا يعطون أهمية لمشاركة المرأة في الحياة السياسية بقدر تمثيل الرجل". وتشير الشابة الصومالية إلى عقبة أخرى "تكمن في بعض المقاعد في البرلمان، فتخصيص مقعد للمرأة فيه، لا يزال مثار جدل حتى اليوم بين رجال القبائل".
وتأمل أحلا أن تفوز بعضوية البرلمان وألا يخلق ترشحها تحديات ومشاكل داخل عشيرتها، لكنها تؤكد أنها ستمضي قدماً نحو تقديم صوت جديد يمثل عشيرتها من جهة، ونقل أصوات الشباب التي لم تلق آذاناً صاغية منذ سنوات، من جهة ثانية.
وتوضح فرحية علي، المرشحة لعضوية "الشيوخ"، أن العاصمة مقديشو تشهد في الفترة الأخيرة اجتماعات مكثفة بين القيادات النسوية في البلاد، فهناك حالياً جهود تبذلها وزارة المرأة وحقوق الإنسان من خلال إقامة مركز لمراقبة ومتابعة مقاعد البرلمان بغرفتيه أثناء عملية الانتخابات، لضمان حصول النساء على نسبتهن المخصصة لهن من المقاعد، كما أن نسبة الوعي لدى الصوماليات ارتفعت حالياً لجهة المشاركة في الحياة السياسية.
وتشير علي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى وجود عقبات كثيرة تواجهها المرأة الصومالية بشكل عام للمشاركة في الحياة السياسية، لا سيما الانضمام إلى البرلمان المحلي، وهي عقبات تشترك في بعضها مع الشباب الراغبين في الدخول إلى البرلمان، لكن بعضها الآخر خاص بالنساء، مثل نظرة رجال القبائل الدونية تجاه تمثيل المرأة في الحياة السياسية. وتعلق علي آمالاً عريضة على حصول الكثير من السيدات على مقاعد في البرلمان، وبنسبة 30 في المائة حسب قولها (تبلغ نسبة عضوية النساء في البرلمان الحالي بمجلسيه 24 في المائة)، نظراً للآمال المرتبطة حالياً بإجراء انتخابات شفّافة ونزيهة في البلاد خلال الأشهر المقبلة.