الشاب الفلسطيني خليل الأنيس يلحق برفيق دربه محمد سيف وعمه الشهيد خليل

15 يونيو 2023
تشييع جثمان الشهيد الشاب الفلسطيني خليل الأنيس (العربي الجديد)
+ الخط -

وقفت الفلسطينية رندة سمري (51 عاماً)، وهي تحاول أن تمنع نفسها من البكاء، وسط مجموعة من النسوة، وهن يودعن نجلها الشهيد خليل يحيى الأنيس (19 عاماً) في مخيم عين بيت الماء للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة نابلس، شماليّ الضفة الغربية المحتلة.

وشيّع الفلسطينيون في نابلس ومخيم عين بيت الماء، ظهر اليوم الخميس، جثمان الشهيد الأنيس، بعد ساعات من استشهاده برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت نابلس في وقت متأخر من ليل الأربعاء، واستمر الاقتحام حتى فجر اليوم، تخلله هدم منزل أسير.

طلبها ونالها

وما إن ابتعد الجثمان المرفوع على الأكتاف عن رندة سمري، حتى صاحت: "مع السلامة يمّا. طلبها ونالها، الله يرحمك يا خليل. سلّم على عمك خليل وصاحبك محمد".

"أم فادي"، وهي ناشطة مجتمعية، وصفت لـ"العربي الجديد"، ابنها خليل بالجريء، الذي لا يهاب الموت، فهو كما تقول: "مع كل اقتحام لقوات الاحتلال الإسرائيلي، سواء لنابلس أو لأي منطقة قريبة، يكون خليل في المقدمة. كثيراً ما طلبت منه أن ينتبه لنفسه، فكان يقول لي: "لا تخافي. عُمر الشقي بقي".

تشييع جثمان الشهيد الشاب الفلسطيني خليل الأنيس (العربي الجديد)
الشهيد هو الابن الثالث لعائلته ويصغره أخ رابع وشقيقتان، وكان يعمل على بسطة لبيع الخضار داخل المخيم، وقبلها عمل في مجالات مختلفة.

أما جاره محمود خالد، فيؤكد لـ"العربي الجديد"، أن خليل طيب القلب وبسيط ومحبوب من محيطه، ويقول: "كان نشيطاً ومبادراً منذ صغره، وهذه الصفات ميزته عن أقرانه، وجعلته محط احترام الجميع".

ويلفت إلى أن عائلة الشهيد معروفة بوطنيتها، "فهو يحمل اسم عمه الشهيد خليل الأنيس، الذي ارتقى في مواجهات مسلحة مع الاحتلال الإسرائيلي عام 2002، في البلدة القديمة في مدينة نابلس، وخليل يشبه عمه في كل شيء، رغم أنه لا يعرفه ولم يشاهده إلا عبر الصور، فقد وُلد بعد عامين على استشهاده".

نقطة التحول في حياة الشهيد الأنيس

التغيير الكبير في حياة الشهيد أنيس، تمثل باستشهاد رفيق دربه الشهيد المقاوم محمد سعيد سيف في الثالث من إبريل/ نيسان من العام الجاري، في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام سابق لها لنابلس.

يقول والده يحيى أنيس إن ابنه خليل انقلبت حياته تماماً بعد فقدانه لصديقه، حيث أصبح دائم الحديث عن الشهادة، ومنشوراته على صفحته على فيسبوك خير دليل على ذلك.

ويؤكد والده: "قبل أسبوع تماماً، قال لأمه ونحن جلوس إلى مائدة الطعام إنه اشتاق لمحمد ويُمني نفسه أن يلحق به، وكأن باب السماء كان مفتوحاً، وهو اليوم يرقد إلى جواره في مقبرة المخيم".

وداع مهيب

وكان مئات المواطنين قد شيعوا ظهر اليوم، الشهيد أنيس، انطلاقاً من مستشفى رفيديا الحكومي، مشياً على الأقدام نحو ميدان الشهداء وسط نابلس، قبل التوجه به لمسقط رأسه في المخيم.

وألقى ذوو الشهيد نظرة الوداع الأخيرة، قبل نقله إلى مسجد المخيم للصلاة عليه ومواراته الثرى.

وفي إشارة إلى مواصلتهم طريق المقاومة رداً على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، أطلق مسلحون وابلاً من الرصاص في الهواء، في وقت هتف المشاركون للشهيد، مؤكدين السير على دربه.

وكان الشهيد قد أُصيب بعد منتصف الليلة الماضية برصاصة في الرأس، أدت إلى تفجر الجمجمة، حيث لم يتمكن الأطباء من إنقاذ حياته.

وشهدت نابلس مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي ومئات الشبان الذين رشقوها بالحجارة والزجاجات الحارقة، بعد اقتحامها لنابلس وتفجير منزل الأسير أسامة الطويل، الذي نفذ برفقة اثنين آخرين عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، غربيّ نابلس.

المساهمون