السودان في طرابلس... لماذا الآن؟

29 فبراير 2024
استقبل المنفي البرهان بمراسم رسمية (الأناضول)
+ الخط -

لم تعلن حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عن سعيها إلى التوسط بين أطراف النزاع في السودان بشكل رسمي، لكنها لم تنف ذلك أيضاً، خاصة وأن استضافتها لرئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، يوم الاثنين الماضي، وقريباً سيحل رئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ضيفاً عليها، يشير إلى ذلك بوضوح.

لكن السؤال الذي لا يزال يفرض نفسه في الحدث، هو ماذا يمكن لحكومة تقع في دائرة نزاع عاصفة في بلادها، أن تقدم لحالة شبيهة بحالة بلادها من حلول. "أليس من الأولى أن تلتفت هذه الحكومة لنفسها ووضع النزاع في بلادها" يقول أحد المتابعين، مجملاً أسئلة كثيرة طُرحت على منصات التواصل الاجتماعي.

صحيح أن الحكومة في طرابلس لم تعلن عن موقف واضح ينحاز لأي من طرفي النزاع في السودان، لكن استضافتها للبرهان، واستقباله بمراسم رسمية من قبل نظيره رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الذي يحمل صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن ثم إعلان المنفي في مؤتمر صحافي مشترك مع البرهان تفعيل اتفاقيات سابقة بين البلدين، يشي بالاعتراف بسيادة البرهان وشرعية مجلسه، أما دقلو فسيأتي استقباله تالياً.

تحدث المنفي، خلال مؤتمره الصحافي مع البرهان، عن العلاقات المشتركة بين البلدين، ومنها حدود مشتركة تقع في أقصى الجنوب الشرقي.

ومن جانبه شكر البرهان ليبيا على استضافة الآلاف من السودانيين النازحين في الكفرة، التي تقع هي الأخرى في الجنوب الشرقي للبلاد. وكلا الأمرين في الواقع يقعان تحت سيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يتخذ من الكفرة مركزاً رئيسياً لنقل المعدات والدعم العسكري لحليفه دقلو، وعبر تلك الحدود المشتركة التي يمر منها كذلك المقاتلون المرتزقة الموالون لقوات الدعم السريع، بل وقريباً من تلك المواقع يتواجد مرتزقة "فاغنر" الروس الداعمون أيضاً لقوات الدعم السريع.

ويبرز سؤال آخر يتعلق بقبول البرهان دعوة طرابلس، وهو الذي رفض مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) في السابق، بسبب رئاسة كينيا للمبادرة التي اتهمها بالانحياز لدقلو. فماذا عن ليبيا التي يتواجد فيها طرف عسكري يفرض نفسه على الأرض، ويقدم الدعم العسكري لطرف دقلو ضمن حلف بين الطرفين لا يمكن إنكاره.

تتشابه الأزمتان في ليبيا والسودان، وسبق أن نجحت مفاوضات عسيرة في ليبيا في وقف إطلاق النار. والمعلوم أن تلك المفاوضات لم تنجم عن قناعة بالشراكة السياسية، بل فرضتها نتائج الحرب على طرابلس لمدة عام ونصف العام، ولا تزال ثابتة بسبب توازن القوى العسكرية المتدخلة من الخارج، وتحديداً تركيا وروسيا.

فهل ستكون مبادرة طرابلس عنواناً جديداً لوقف قتال طال أمده في السودان، ويكون وراءها توافق دولي لفرض وقف إطلاق النار برضا من طرفي الصراع في السودان؟

ربما يكون ذلك، خاصة مع توفر بعض المعطيات، كقبول البرهان دعوة لزيارة طرابلس والاستماع له، وهو يعلم جيداً أن دقلو سيزورها من بعده، وكوجود المنفي ضمن المبادرة، وهو المقرب من حفتر ولا يمكنه الذهاب في اتجاه يخالف سياسات حفتر، أو على الأقل يهدد وضعه ويكشف علاقته بالأحداث في السودان.

المساهمون