- القاهرة تتواصل مع طهران والحوثيين لفهم الرد الإيراني المحتمل عبر مليشيات تابعة لها، في محاولة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
- التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران يقلق الشرق الأوسط، مع جهود مصرية وإقليمية لتهدئة الأوضاع واحتواء التصعيد لتجنب مواجهة إقليمية مفتوحة وتأثيراتها السلبية.
قال مصدر مصري لـ"العربي الجديد" إن الاتصالات التي تقوم بها القاهرة لمنع التصعيد العسكري في المنطقة لا تتوقف، قبل وبعد الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق في الأول من شهر إبريل/ نيسان الحالي، ومع جميع الأطراف الإقليمية، بما فيها إيران وسورية وجماعة الحوثيين في اليمن. وأضاف المصدر أن مصر "حذرت مراراً وتكراراً من اتساع دائرة الصراع القائم في قطاع غزة، لتشمل مناطق أخرى في الإقليم بما يهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وتفجير الأوضاع بما يضر بالجميع، بما فيه الولايات المتحدة".
ورأى المصدر أنه "على الرغم من أن الضرر سوف يلحق بالجميع في حال توسع المواجهات، إلا أن الضرر الذي سيقع على مصر تحديداً سيكون الأخطر، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تمر به البلاد، لأسباب عدة، أحدها هو تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة أكبر من 40 في المائة، بفعل التوترات جنوبي البحر الأحمر، واستهداف السفن من قبل الحوثيين".
مصدر مصري: التقديرات الرسمية المصرية ترجح أن الرد الإيراني سوف يكون عبر مليشيات فقط تابعة لإيران
ولفت المصدر إلى أن "التقديرات الرسمية المصرية ترجح أن الرد الإيراني على الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الإيرانية في دمشق، والذي يشتبه بأنه نُفذ بطائرات حربية إسرائيلية، سوف يكون عبر مليشيات فقط تابعة لإيران، ومنها جماعة الحوثيين، وليس بشكل مباشر، ولذا فإن الإدارة المصرية حرصت على تفعيل قنوات الاتصال مع طهران وجماعة الحوثيين في اليمن، لمحاولة معرفة مدى الرد المتوقع على عملية القنصلية".
وفي السياق، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار الغباشي، في حديث لـ"العربي الجديد، إن "ارتدادات أي تصعيد بين إسرائيل وإيران مقلقة لمنطقة الشرق الأوسط بالمجمل"، مشيراً إلى أن "مصر معنية بقطاع غزة والتوتر الموجود هناك، خصوصاً (احتمال تنفيذ) عملية اجتياح رفح، لكن مسألة التوتر ما بين إسرائيل وإيران سيكون حجم تأثيرها كبيراً على الدول الموجودة فيها أجنحة لإيران".
وحول الاتصالات التي تجريها مصر، قال المحلل السياسي المصري إن "الجميع في مصر يتمنى أن تنجح القاهرة في احتواء التصعيد في الإقليم، لأن مصر الأكثر عرضة إلى مخاطر التصعيد، ومعنية إلى حد كبير بتهدئة الأوضاع، بحكم أن التوترات في البحر الأحمر لها تأثير كبير على حركة الملاحة في قناة السويس". وأضاف أن "المشكلة الأساسية هي أن هذا الصراع وهذه التوترات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالعدوان الغاشم والقاتل والمدمر على قطاع غزة، وجماعة الحوثيين مصرة على عدم وقف استهداف البواخر الملاحية المتجهة إلى إسرائيل أو القادمة منها فقط، وليس حركة الملاحة بشكل عام".
وحول مدى الرد الإيراني المتوقع، أعرب الأستاذ في العلوم السياسية والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية مأمون أبو عامر، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن "الرد الإيراني سيكون صاروخياً متواضعاً على بعض الأهداف الاستراتيجية ذات الوزن العسكري، ولن يكون باستهداف مواقع مدنية وحضرية، وربما يكون لأهداف استراتيجية حساسة، مثل مراكز التدريب والمعلومات، أو المراكز الاستخبارية الحسّاسة، بمسّيرات"، مضيفاً أنه "سواء نجح الرد أم لا، لكنه سينفذ".
زحالقة: أتصور أننا مقبلون على تصعيد مؤقت، على مستوى الضربات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة، أو أن يكون أشبه بانزلاق نحو حافة الهاوية
تصعيد مضبوط أم مواجهة واسعة؟
من جهته، قال السياسي الفلسطيني النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي جمال زحالقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "التصعيد الإيراني الإسرائيلي بعد ضربة القنصلية يضع المنطقة على شفير هاوية، وفي تقديري أن الرد الإيراني سيكون حتمياً بحسب المؤشرات المتاحة، لكنه بوضوح، سيميل إلى أن يكون رداً لا يُمكّن من انفلات الأوضاع إلى مواجهة إقليمية مفتوحة". وتابع: "على هذا الأساس، أتصور أننا مقبلون على تصعيد مؤقت، يمكن أن ينتهي بهدوء إقليمي، على مستوى الضربات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة، أو أن يكون هذا أشبه بانزلاق نحو حافة الهاوية، التي تدفع بالأمور إلى خارج نطاق التحكم والضبط والسيطرة أو قواعد الاشتباك التي يمكن أن نفترضها".
بدوره، قال الكاتب ومحلل الشؤون الأوروبية والدولية حسام شاكر، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الواضح أن قيادة الحرب الإسرائيلية، وخصوصاً (رئيس الحكومة الإسرائيلية) بنيامين نتنياهو، معنية باستمرار الحرب، ومن الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة تريد تهدئة لمدة معينة من أجل تمرير مجموعة من المصالح والاهتمامات التي تراها، وأيضاً تخفيض التصعيد في المنطقة، ومراعاة للظروف الداخلية والاعتبارات الانتخابية" للرئيس الأميركي جو بايدن.