أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الخميس، استعداد الجزائر وإيطاليا لمساعدة تونس على الخروج مما وصفه بـ"المأزق"، ولأجل ما اعتبره "العودة إلى الطريق الديمقراطي"، وكشف عن توافق جزائري إيطالي بشأن ضرورة إجراء انتخابات نيابية في ليبيا.
وقال الرئيس تبون، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في روما: "نتقاسم مشكلات تونس، مستعدون للمساعدة لكي تخرج من المأزق الذي دخلت فيه، وترجع إلى الطريق الديمقراطي"، مضيفا: "نفس الشيء بالنسبة لليبيا، نحن مستعدون للمساعدة في ليبيا على استقرار أكثر (..) لكي تبنى ليييا من جديد على أساس الديمقراطية".
ويعطي تصريح الرئيس تبون وضوحا أكبر لموقف الجزائر إزاء التطورات السياسية في تونس، ويفهم منه إعادة الجزائر "تقدير موقفها" من خيارات الرئيس قيس سعيد، حيث يصف الرئيس الوضع الذي انتهت إليه تونس بعد قرارات 25 يوليو بـ"المأزق"، بعد فترة أولى كانت أظهرت فيها الجزائر حماسة لهذه القرارات.
ويفترض أن حديث الرئيس الجزائري عن ضرورة "عودة تونس إلى الطريق الديمقراطي" يعني تحفظها على المسلك السياسي الحالي للرئيس قيس سعيد، وهو ما يفسر غياب زيارات المسؤولين الجزائريين إلى تونس، وخاصة وزير الخارجية رمطان لعمامرة، منذ زيارة الرئيس تبون إلى تونس منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وعلى صعيد آخر، قال الرئيس تبون إن هناك استعدادا لافتا للتعاون بين الجزائر وإيطاليا على تطوير الصناعات العسكرية، خاصة في مجال القوات البحرية، سواء المدنية أو العسكرية، حيث سبق للجزائر أن اقتنت غواصات من إيطاليا لدعم ترسانتها البحرية.
من جهته قال الرئيس الإيطالي إن الملفات الدولية أخذت حيزا كبيرا من المحادثات مع الرئيس تبون، أفضت إلى تقارب في وجهات النظر حول ضرورة دعم الاقتصاد التونسي في هذه الظروف لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وحول الوضع في ليبيا، والمتمثل في دعم جهود الأمم المتحدة للحوار بين الليبيين، وضرورة تنظيم انتخابات جامعة لبناء مؤسسات الدولة الليبية، مشيدا بعلاقة الصداقة التي تربط بين الجزائر وإيطاليا.
الطاقة والكهرباء
وعلى صعيد العلاقات الجزائرية الإيطالية في مجال الطاقة، أكد الرئيس تبون أن "هناك ارتباطا عضويا في مجال الطاقة بين الجزائر وإيطاليا، وهناك مشاريع تنقيب مشتركة بين سوناطراك وإيني"، مشيرا إلى أن "الجزائر ستلتزم بكل ما تتطلبه إيطاليا من الطاقة"، في إشارة إلى استعداد الجزائر لزيادة إمدادات الغاز الموجه إلى إيطاليا، خاصة بعد التوقيع على اتفاق في 11 إبريل/نيسان الماضي بين سوناطراك الجزائرية وإيني الإيطالية، لزيادة كميات الغاز المصدرة نحو هذا البلد، لتبلغ تسعة مليارات متر مكعب سنويا ابتداء من العام المقبل 2023.
وتسيطر الجزائر على سوق يربط أنبوب الغاز العابر للبحر المتوسط (ترانسماد) بين الجزائر وايطاليا، والذي يربط البلدين منذ سنة 1983 مرورا بتونس، ويمتلك قدرة إمداد تقدر بـ33,15 مليار متر مكعب في السنة، (يحمل اسم إنريكو ماتي، الذي يعتبر مؤسس الصناعة البترولية الإيطالية، وهو مناهض للاستعمار وصديق الثورة الجزائرية).
وسمح هذا الأنبوب للجزائر بتصدير 14,8 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي نحو إيطاليا سنة 2020، بزيادة تقدر بـ12 في المائة مقارنة بسنة 2019، ما سمح لها بأن تصنف كثاني مورد للسوق الإيطالية بحصة تقدر بـ22 في المائة.
وكشف الرئيس الجزائري عن مقترح بشأن إقامة خط بحري لتزويد إيطاليا بالكهرباء، وانطلاقا منه يمكن تزويد أوروبا، وأعلن إطلاق مشاريع في قطاع الطاقات المتجددة بدءا بإنتاج اللوحات الشمسية في بلعباس (غربي الجزائر)، مشيرا إلى أن الجزائر تتطلع إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر معا وتصديره إلى إيطاليا، إضافة إلى الاستفادة من تجربة إيطاليا في المؤسسات الناشئة .
بدوره، قال الرئيس الإيطالي "تباحثنا حول التعاون في مجال الطاقة والانتقال التكنولوجي لتطوير أشكال جديدة للطاقة المتجددة التي تسمح بالتجاوب مع الأزمة المناخية، وهناك تكثيف للتعاون بين البلدين، على غرار ما حصل خلال الأشهر الماضية بفعل التواصل بين الحكومتين". ولمح الرئيس ماتاريلا إلى أن روما ستأخذ على عاتقها الدفاع عن العلاقات مع الجزائر داخل الاتحاد الأوروبي.
وبدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الأربعاء، زيارة إلى إيطاليا تدوم ثلاثة أيام، يرافقه وفد يضم وزراء الخارجية والطاقة والمناجم والأشغال العمومية والنقل والثقافة واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة.