دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الشعب إلى تزكية مسودة الدستور التي ستعرض على الاستفتاء في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ورد على تحفظات المعارضة السياسية بشأن أولوية المجتمع المدني.
وقال تبون، في كلمة ألقاها خلال زيارته إلى مكتبه كوزير للدفاع في مقر الوزارة، ولقائه كبار قادة الجيش والدرك والحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية، إنّ "استفتاء نوفمبر هو عودة للشعب ليعبر بصوته وبكل حرية وسيادة عن قناعته تجاه التعديلات الدستورية المطروحة، والتي نتمنى أن تنال تزكية الشعب الجزائري، لنضع معاً أسس جزائر جديدة".
ورد تبون على تحفظات قوى المعارضة ومن وصفهم بـ"المنزعجين من ضم بنود في الدستور تخص المجتمع المدني وبيان أول نوفمبر، الذي يمثل الوثيقة السياسية لإطلاق ثورة التحرير الجزائرية عام 1954". وكان تبون يعلق على مواقف أحزاب سياسية اتهمت السلطة بمحاولة استغلال المجتمع المدني لتحييد الأحزاب السياسية.
وداهن الرئيس الجزائري المؤسسة العسكرية، وخصص الجزء الغالب من خطابه للجيش، وقال إنّ "الجيش يملك من التجارب والخبرات التي اكتسبها في صراعه المرير مع الإرهاب والظروف القاسية التي مر بها وتكيفه الإيجابي مع مستجدات العصر العلمية والتكنولوجية، ما يجعله قادراً على أن يؤدي الأمانة".
من جهته، توقّع قائد أركان الجيش، الفريق السعيد شنقريحة، مشاركة شعبية واسعة في الاستفتاء الشعبي المقبل على مشروع تعديل الدستور، واعتبر أنّ موعد الاستفتاء الشعبي، "لن يكون كَسائر الأيام، بل سيكون دون شك يوم انتصار آخر للشعب الجزائري، وبمثابة تتويج لهَبَّتِه السِّلمية الحضارية التي رافقه فيها الجيش، من دون أية طموحات تحدوه، سِوى خدمة الجزائر".
وأضاف أنّ "الشعب الأصيل، يدرك تمام الإدراك أَنَّه هو وحده من سيصنع هذا الموعد، بمشاركته القوية في هذا الاستفتاء، لتكون هذه المشاركة ردّاً قاطعاً وحاسماً على كل المتربصين ببلادنا والمتآمرين عليها".
وتثير دعوة قائد الجيش للجزائريين إلى المشاركة في الاستفتاء، وتطرقه لمواضيع سياسية تخص الاستفتاء الشعبي، للمرة الثانية في ظرف أسبوع، جدلاً حول تناقض تطرقه لقضايا سياسية، برغم تصريحات أدلى بها، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أكد فيها ألا علاقة للجيش بممارسة السياسة.
وجدد قائد الجيش مساعي "بناء جيش قوي واحترافي، قادر على السيطرة على زمام الأمور على المستوى الإقليمي، وفرض قراره السيد من خلال السهر على ضمان أمن وحماية كافة حدودنا الوطنية، والحفاظ على سلامة التراب الوطني".
وقال "نؤكد لكم السيد الرئيس أنّ الجيش المتمسك بأداء مهامه الدستورية جاهز تحت قيادتكم لرفع كافة التحديات والتصدي لكل مشروع معادٍ لبلدنا، فالجيش سيظل الحصن المنيع والدرع الواقي، الذي تتحطم عليه كل المحاولات المعادية".
ويقرأ مراقبون في زيارة الرئيس إلى مقر وزارة الدفاع وتصريحات قائد الجيش بأنها رسالة سياسية موجهة لأطراف في الداخل والخارج، تتضمن التأكيد بأنّ مسار الإصلاح السياسي والدستوري الذي يباشره الرئيس تبون يتم بتزكية تامة من قبل المؤسسة العسكرية، وأن هناك انسجاماً وتوافقاً كبيراً بين الرئاسة والجيش إزاء هذه القضايا، لكن ذلك قد يعطي أيضاً مؤشرات على وجود ثقة كبيرة لدى السلطة السياسية والمؤسسة العسكرية بشأن حسم مسبق لنتائج الاستفتاء الشعبي باتجاه تزكية المسودة الدستورية.