كشف التلفزيون الدنماركي الرسمي، "دي آر"، مساء الأحد، قيام أجهزة الاستخبارات الأميركية ووكالة الأمن القومي الأميركية (إن سي آي) بالتجسس على الحلفاء الأوروبيين، داخل الدنمارك وفي دول أوروبية أخرى، عبر قنوات سرية للتواصل.
وبحسب ما ورد من تفاصيل في التقرير، فإن وزارات الدفاع والمالية والخارجية كانت من بين الأهداف التي تجسس عليها الحليف الأميركي "مستغلا قنوات التعاون السرية بين الطرفين"، بحسب مصادر التلفزيون الدنماركي في جهاز الاستخبارات العسكرية وغيرها من الأجهزة الأمنية الدنماركية.
واستند التحقيق الصحافي الدنماركي إلى تقرير رسمي داخلي معتم على معظم فقراته للتحدث مع "مصادر عديدة، رفضت ذكر أسمائها، من جهاز الاستخبارات العسكرية، الذين أكدوا وجود هذا التجسس ومعرفة الاستخبارات العسكرية به في 2015، بعد تحذير أحد المسربين من استغلال الأميركيين لخطوط كابلات سرية للغاية للتواصل بين الجانبين (الأميركي والدنماركي)".
ولم تسلم شركة "تيرما" للصناعات العسكرية، المعروفة بتعاونها مع البنتاغون، من تجسس الحليف. وكُشف أيضا أن التجسس الأميركي شمل بعض دول الجوار، من بينها السويد وألمانيا والنرويج، بالإضافة إلى فرنسا وهولندا، وهو ما أشار إليه تقرير "سري للغاية"، وضع على طاولة قيادة الاستخبارات العسكرية الدنماركية في 2015.
ومن بعض تفاصيل ما نشر يتبين أن الأميركيين تجسسوا على الحلفاء الأوروبيين من خلال "برنامج تجسس إلكتروني أتاحته وكالة الأمن القومي الأميركي واستخدام كابلات اتصالات سرية خاصة بأجهزة الاستخبارات"، وبدل أن يؤمن البرنامج تواصلا آمنا بين الحلفاء يبدو أنه استخدم لتجسس أميركي على الحلفاء الأوروبيين. وكان قد كُشف النقاب في عهد الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، عن قيام الأميركيين بالتجسس على هواتف قادة أوروبيين، بمن فيهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بيد أن التحقيق الجديد يكشف أن "إن سي آي" مارست مع أجهزة أميركية أخرى تجسسا أوسع مما عرف حتى اليوم.
واعتبر أستاذ القانون الدستوري في جامعة كوبنهاغن، ينس إلو روتر، أن كشف أحد عملاء الاستخبارات العسكرية الدنماركية لمعلومات عن عمليات التجسس الأميركي "يشكل هزة حقيقية، لأنه بالأساس سلطات يفترض بها مع جهاز الاستخبارات (بيت) أن تحمي الدنمارك، وما جرى يقوض تلك الحماية والمصالح الوطنية"، بحسب ما أوردت عنه "دي آر".
وقالت القناة إنها حاولت حتى صباح الاثنين الحصول على تعقيب من وزيرة الدفاع الدنماركية، ترينا برامسن، رغم أن عملية التجسس المفترضة وقعت في فترة حكم يمين الوسط بزعامة لارس لوكا راسموسن.
في الجهة المقابلة عبر رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الدنماركية في الفترة من 2015 وحتى أغسطس/آب الماضي، لارس فيندسن، في تعقيب خطي للقناة عن ترحيبه بـ"إجراء تحقيق شامل في قضية التجسس"، فيما لم يرغب في التعقيب حتى اللحظة قادة الأجهزة الأمنية والدفاع الدنماركية على التقرير الذي تناولته القناة التلفزيونية.
ويرى أستاذ القانون الجنائي في جامعة كوبنهاغن، يورن فيسترغورد، في تصريح له أن "القانون الدنماركي يعاقب على قيام أجهزة أجنبية بالتجسس على الدنمارك، وخصوصا حين يتعلق الأمر بمعلومات عسكرية وسياسية حساسة".
مسربو المعلومات، والمصادر التي تحدثت إليها القناة الدنماركية، أكدوا أن التجسس الأميركي حدث بين 2015 و2016 وطاول شركة "تيرما" التي تزود الطائرات المقاتلة الأميركية بتقنيات حساسة من بينها (أف 16) و(أف 35)، وهي طائرات دخلت الخدمة الدنماركية منذ العام الماضي بعد صفقة استمرت منذ 2016 ومساهمة الشركة بتقنياتها، بالإضافة إلى التجسس المباشر على المصالح والأهداف الدنماركية ودول مجاورة.
ومن بين البرامج التجسسية التي استخدمها الأميركيون برنامج "Xkeyscore" المتقدم والسريع جدا الذي تستخدمه وكالة "إن سي آي" الأميركية في التجسس حول العالم.
ويبدو أن تجسس الأميركيين على الحلفاء في الضفة الأوروبية للأطلسي أعمق بكثير من مجرد تجسس داخلي. فقد كشفت القناة من خلال مصادرها أن "التجسس الأميركي واسع وشمل استغلال العلاقة الأمنية بالدنمارك للتجسس على صناعة الطائرات العسكرية الأوروبية، المقاتلة الأوروبية يوروفايتر، وشركة المقتلات السويدية ساب غريبن". ومن هنا يعتقد معدو التحقيق الدنماركي أن الكشف ستكون له تداعيات أمنية، رغم تلقي القناة من المستويين السياسي والأمني جملة "لا تعليق" حتى اللحظة.