توجد الحكومة الجزائرية، برئاسة أيمن بن عبد الرحمن، في مرمى انتقادات الشارع والرئاسة والبرلمان ورجال الأعمال، الذين يبدون عدم رضاهم عن أدائها، خاصة في بعض القطاعات، كالنقل والصناعة والزراعة والتجارة والصناعات الدوائية.
وصب غالبية نواب البرلمان الجزائري، خلال الجلسات المنعقدة منذ أمس لمناقشة قانون العلاقة بين البرلمان والحكومة، غضبهم وبلهجة شديدة على الحكومة وعدد من الوزراء، على خلفية ضعف أداء الحكومة واستمرار عدد من مشكلات التموين بالمواد، والارتباك في بعض القرارات، وسوء إدارة العلاقة بين الحكومة والنواب، وكذا تهجّم وزراء على نواب البرلمان من دون التقيد بالعلاقة الوظيفية بين المؤسسة النيابية والقطاعات الوزارية.
وقال نائب رئيس البرلمان علال بوثلجة، الذي ينتمي لـ"حركة البناء الوطني" (من الحزام الحكومي): "أنا لست راضيا من موقعي كنائب لرئيس البرلمان على الحكومة وعلاقتها بالبرلمان، وهناك وزراء فوق العادة، يمارسون تقاليد فوقية بالية، باتت مرفوضة كليا".
أما النائب عن حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" (من الحزام الداعم للحكومة) فايد سفيان، فأكد أن "الحكومة عاجزة عن الرد على الأسئلة والاستجوابات النيابية، وهناك قطاعات وزارية لا ندري ماذا يفعل فيها هؤلاء الوزراء".
بدوره، قال النائب عن كتلة "حركة مجتمع السلم" عبد الله حرشاية إن "وزراء في الحكومة يتعاملون بطريقة غير مقبولة، ويوصدون أبواب الحوار في وجه النواب، وهذا أمر غير مقبول، لقد بقيت مدة سنة كاملة لأجل الحصول على موعد مع وزيرين لطرح مشكلات تخص المواطنين".
وقبل نواب البرلمان، كشفت الرئاسة الجزائرية عن "غضب" الرئيس عبد المجيد تبون من عدد من الوزراء خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد الاثنين الماضي، ولمحت إلى توجه نحو اتخاذ "إجراءات صارمة" ضد وزراء ومسؤولين حكوميين وصفتهم بـ"المتقاعسين"، قد يشمل "تغييراً حكومياً وشيكاً، وتغييراً في عدد من المؤسسات الحكومية التي لم تساير القرارات الرئاسية".
وأفاد تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية، التي تتحكم فيها الرئاسة، أن "بيان مجلس الوزراء ليوم أمس (الاثنين) وجب تحليله، بل قراءة ما بين الأسطر، ويليق له عنوان مثل غضب الرئيس"، مضيفاً أن "الرئيس غاضب حقاً وغير راض على وتيرة معالجة الحكومة للعديد من الملفات".
وتطرق التقرير إلى مسألة تشدد الحكومة واتخاذها قرارات متشددة في مجالات اقتصادية واجتماعية، حيث أكد التقرير تحفظ تبون على "قرارات حكومية تحدث الاختلال والارتباك على يوميات المواطنين وعلى المتعاملين الاقتصاديين".
وأشار التقرير إلى أن "الرئيس لم يأمر أبدا بهدم بنايات غير قانونية، ولم يأمر قط بمنع الاستيراد"، ما يعني وجود سوء فهم واضح بين الرئيس والحكومة.
واتخذت وزارة التجارة سلسلة قرارات مؤخراً بمنع توريد عشرات المواد والسلع، كان آخرها قرار منع توريد الأحذية والملابس الجاهزة بحجة حماية المنتوج الوطني، فيما قررت وزارة الداخلية هدم عشرات العمارات والبنايات، بحجة إنشائها من دون رخصة قانونية، فضلا عن تأخير بدء إنجاز خطوط السكة الحديدية المطلوبة لاستغلال المناجم.
كما يبدي قطاع واسع من الجزائريين تذمرا من قرارات حكومية توصف بـ"العشوائية"، خاصة أن لها صلة مباشرة بالحياة اليومية للمواطنين، على غرار عجزها عن ضبط السوق وتنظيمه والحد من ارتفاع الأسعار، ونقص الأدوية، والتماطل في السماح بتوريد السيارات الأقل من ثلاث سنوات.
كما يوجد رجال المال والأعمال ومدراء المؤسسات الاقتصادية والصناعية كطرف رابع يبدي استياءه إزاء بعض القرارات الحكومية التي أضرّت بالمؤسسات الاقتصادية، وبحركة التصدير والتوريد، خاصة في مجال قطع الغيار والمواد الأولية الموجهة للتصنيع.
تعليقاً على ذلك، قال المحلل السياسي عبد الحكيم سعودي، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الواضح أن الحكومة دخلت مساحة التصويب ضدها من جميع الأطراف"، مضيفاً: "أعتقد أن هناك إجماعا على أن الحكومة، بشكلها الحالي وبالفريق القائم على تدبير الشأن العام، لم تعد محل إجماع، وأن كل هذا الغضب اتجاهها هو تمهيد لتغيير حكومي، خاصة في القطاعات التي لمحت إليها الرئاسة مؤخرا".
وتابع قائلا: "إعلان الرئيس الغضب على قطاعات حكومية سيزيد من حجم الضغط على الحكومة ويشدد التصويب ضدها، وهذا ما تمت ملاحظته في وسائل الإعلام وفي البرلمان، رغم أن ذلك يمكن أن يقرأ كمحاولة من الرئيس تبون للتنصل من بعض الإخفاقات في بعض القرارات والقطاعات الوزارية، وتحميل مسؤولياتها إلى وزراء بعينهم".
في المقابل، أبدى الخبير الاقتصادي، رياض حاوي، رفضه تحميل الحكومة وحدها مسؤولية المشكلات القائمة، سواء نتيجة قرارات غير مدروسة أو خيارات غير ناجعة.
وقال حاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "مشكلة الحكومة توجد على مستويين، على مستوى الرؤية التي تتداخل فيها أفكار الاقتصاد الاشتراكي والأفكار الليبرالية، وهذا يخلق مشكلة حقيقية على المستوى الاقتصادي، ومن جانب آخر هناك أمر يرتبط بالمسؤولين والوزراء في حد ذاتهم، وهذا ما أفرز وجود فريق حكومي غير منسجم".