الجيش الوطني السوري وعقلية الاحتكام للسلاح

03 ابريل 2022
يسود الضعف والمحسوبية في جهازي الأمن والشرطة (بكير قاسم/الأناضول)
+ الخط -

تشير الموجة الجديدة من الاشتباكات بين فصائل تتبع لـ"الجيش الوطني" شمالي سورية، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين خلال اليومين الماضيين، إلى تواصل عقلية الاحتكام للسلاح في فضّ معظم الخلافات بين تلك الفصائل. كما يكون السلاح هو الخيار الأول لدى هذه العناصر، في حل أي مشكلة قد تعترضهم مع الأهالي. وتترافق تلك العقلية مع سلبية ملحوظة من الجانب التركي، الراعي الرسمي لتلك الفصائل حيال مثل هذا الاقتتال المتكرر.

والاشتباكات التي شهدتها قرية عولان بريف حلب الشرقي بين فصيلين يعملان تحت راية "الجيش الوطني السوري"، وهما "الجبهة الشامية" وحركة "أحرار الشام"، وبغضّ النظر عن أسبابها المباشرة، باتت تشكل ظاهرة مقلقة للمدنيين في تلك المناطق، وتشير إلى خلل مزمن في آليات عمل الجيش الوطني السوري.

إذ يسهل اتخاذ قرار استخدام السلاح لفضّ أي خلاف، في ظل غياب التراتبية العسكرية التي يفترض أن يخضع لها الأفراد والقادة والفصائل. ويأتي ذلك باعتبار أن هناك أركاناً مشتركة مفترضة لهذا الجيش، وعليها أن تبت في أي خلافات، ويكون لها وحدها القرار في استخدام القوة إذا اقتضت الضرورة.  

ويشير تكرار حالات الاقتتال إلى غياب المساءلة والمحاسبة لأسباب منها ما يتعلق بعجز القادة العسكريين عن السيطرة على عناصرهم، ومنها ما يتعلق بعدم وجود دور للمؤسسة القضائية، وتعدد المرجعيات القضائية لارتباطها بالفصائل المسلحة. كما أن من الأسباب ضعف جهازي الأمن والشرطة العسكرية، ومحسوبية كل جهاز على فصيل بعينه، ما يبقي الكلمة العليا للفصائل وقادتها.

ويأتي ذلك بالإضافة إلى أن دخول جهازي الشرطة والشرطة العسكرية في أي خلاف يحسب كتدخل لصالح طرف ضد آخر أو ضد أطراف أخرى. ومن أسباب استمرار هذه الحالة، أيضاً، غياب الرؤية الاستراتيجية المشتركة لمواجهة التحديات الأمنية التي تعاني منها مناطق سيطرة الجيش الوطني، وعدم فاعلية هذا الجيش كمؤسسة جامعة للقوى العسكرية، حيث ما زالت الفصائلية سائدة. وبالتالي، فإن عدم وجود قوة عسكرية نافذة وموحدة القرار سيؤدي إلى استمرار حالات الاقتتال.

وإلى كلّ ذلك، يضاف التنافس على الموارد والمعابر، والذي يدفع بعض قادة الفصائل دائماً إلى محاولة توسيع مناطق نفوذهم للاستفادة من الحركة التجارية، في ظل عدم وجود آليات لتوزيع تلك الموارد بشكل عادل بين مكونات الجيش الوطني.

كما يسهم في هذا التهلهل، غياب دور المجالس المحلية، وهو ما يعزز من دور الفصائل العسكرية في المؤسسات الخدمية، فضلاً عن رخاوة الموقف التركي حيال تجاوزات الفصائل وحالات الاقتتال، حيث يكتفي الضباط الأتراك بالتدخل أحياناً لفضّ الاشتباك وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، دون محاسبة المخطئين.