الجولاني والتغييرات الشكلية

07 فبراير 2021
قام الجولاني باستبعاد تدريجي للقيادات الأكثر تطرفاً من "الهيئة" (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من تصنيف هيئة تحرير الشام تنظيماً إرهابياً من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وتركيا، إلا أنّ "الهيئة" ومنذ انتصارها على حركة أحرار الشام وسيطرتها المطلقة على محافظة إدلب، وهي تحاول تسويق نفسها بقيادة أبو محمد الجولاني، على أنها تنظيم معتدل يمكن أن يكون شريكاً مستقبلياً في أية تسوية سياسية في سورية. لهذه الغاية، قام الجولاني باستبعاد تدريجي لمعظم القيادات الأكثر تطرفاً من "الهيئة" وبخاصة القياديون الأجانب، ما ساهم بانشقاق قسم منهم بقيادة الشرعي السابق في جبهة النصرة الأردني سامي العريدي وتشكيل تنظيم جديد تحت اسم حراس الدين يرتبط بتنظيم القاعدة بشكل مباشر. كما بدأ الجولاني بالظهور بلباس لا يحمل صبغة دينية عبر المعرّفات الخاصة بالهيئة، ثم بدأت "الهيئة" بالترويج له كشخصية معتدلة تتابع شؤون سكان محافظة إدلب. كذلك أبدى انفتاحاً على الظهور في وسائل الإعلام الغربية وتسويق "الهيئة" كتنظيم معتدل وقابل لتقديم التنازلات التي تضمن بقاءه، في الوقت الذي لم يجر فيه أي تغيير يذكر على مستوى علاقة الهيئة بسكان المنطقة. ولا يزال التشدد مسيطراً والذي يصل إلى حدود التدخل بخصوصيات المواطنين.
أما في ما يخص العلاقة بين "الهيئة" وتركيا "الضامن لمحافظة إدلب"، والمكلفة بحل قضية التنظيمات الإرهابية فيها، فقد كانت الأخيرة تستعين بـ"الهيئة" لحماية كل القوات التركية التي دخلت محافظة إدلب، الأمر الذي ربما ترى فيه "الهيئة" فرصة لمحاولة إقناع المجتمع الدولي وبشكل خاص تركيا والولايات المتحدة لنزع صفة الإرهاب عنها كبديل للحلول التي كانت مطروحة كالقضاء عليها أو إقناعها بالانخراط ضمن الجيش الوطني. وربما وجد الجولاني في استلام إدارة أميركية جديدة بقيادة جو بايدن فرصة لمحاولة إقناعها بالتحول الذي طرأ على "الهيئة" وباستعدادها لتقديم مزيد من التغييرات في بنيتها، فجاء ظهوره أخيراً مستقبلاً صحافياً أميركياً بينما يرتدي لباساً عصرياً. وكل ذلك ترافق مع نصائح "مجموعة الأزمات الدولية" لإدارة بايدن بإعادة النظر في تصنيف "هيئة تحرير الشام" مجموعةً إرهابية.
فهل ينجح الجولاني في إقناع المجتمع الدولي بتحويل التنظيم الذي أسسه من تنظيم يتبع "القاعدة" مباشرة، ومن سبب للمشكلة في إدلب، إلى شريك في الحل السياسي بمجرد إجراء بعض التغييرات الشكلية؟

المساهمون