ما زالت التفاعلات السياسية في الجزائر تتصاعد إزاء التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، وإقراره بتلقيه ومجموعة من المسؤولين في الدولة عمولات وهدايا تمثلت في سبائك ذهب من أمراء ومسؤولين خليجيين مقابل مصالح مختلفة واستغلال الصحراء الجزائرية للصيد.
وتتزايد مطالبات القوى السياسية والمدنية للقضاء الجزائري بالتحرك وفتح تحقيقات قضائية موسعة في تصريحاته، وتتبعها لكشف كل الحقائق والوقائع، ومعرفة باقي المسؤولين المستفيدين من هذه الامتيازات نفسها التي أقر أويحيى بالاستفادة منها.
وطالب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، أبرز أحزاب المعارضة الجزائرية، بـ"فتح تحقيق قضائي لتحديد المسؤولين المستفيدين من هذه العمولات، وتقدير قيمة هذه الرشاوى وتحديد المسؤوليات... وكشف مدى الفساد الذي شهدته البلاد لطي صفحة عشرين عامًا من إهدار موارد الأمة والفساد المخزي، والانحرافات التي حدثت على جميع المستويات، وتدمير النسيج الاجتماعي، كحد أدنى من التدابير التي يتعين اتخاذها".
وكان أويحيى قد أقر خلال استجوابه السبت في مجلس قضاء الجزائر بأنه تلقى ما مجموعه 60 سبيكة ذهب، على غرار كثير من المسؤولين في الدولة، من أمراء ومسؤولين للترخيص لهم لصيد الحبارى والغزلان في الصحراء الجزائرية، وأكد أنه قام ببيع تلك السبائك في السوق السوداء للعملة في العاصمة الجزائرية، مشيرا إلى أنه لم يكن يريد أن يعلن عن هذه المعلومات سابقا لعدم تعريض مصالح البلاد للخطر، في سياق تبرير مبالغ باهظة وجدت في حساباته.
وفي نفس السياق، دعت حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، في بيان نشرته أمس الخميس، إلى "ضرورة توسيع التحقيقات للكشف عن جميع المستفيدين والتأمل في التصريحات الخطيرة والمهولة التي صدرت عن رئيس الحكومة السابق وبعض رجال الأعمال، بما يبين حجم الانحراف الذي تعرضت له مؤسسات الدولة"، كما طالبت تنظيمات مدنية عديدة القضاء بفتح قضية جديدة في الملف وإجراء تحقيق قضائي لكشف الحقائق.
لكن المحامي أمين كراودة، رئيس هيئة الدفاع عن أحمد أويحيى، دافع اليوم الخميس، خلال جلسة محاكمة الأخير وباقي المتهمين في قضية "تركيب السيارات وتمويل الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة"، أمام مجلس قضاء الجزائر، عن الظروف التي أدلى فيها أويحيى بهذه التصريحات.
وقال كراودة إن "التصريحات حول السبائك الذهبية جاءت من سجن العبادلة ببشار (جنوبي الجزائر، والذي نقل إليه أويحيى منذ شهرين)، ولو كانت من مجلس قضاء العاصمة لما (صدرت)، هناك ما يعرف بالكذب المشروع مراعاة للظروف، ولهذا فضل موكلي الحديث عن السوق السوداء وليس الغرفة السوداء"، واعتبر أن السبائك الذهبية كانت عبارة عن هدايا منحت لموكله وليست رشوة، وقال "لم أشاهد رشوة دون راشٍ، هذه التهمة التي نسبت لموكلي لديها عناصر لتحديدها ، أين العلاقة السببية أو الرشوة بحد ذاتها؟"، وطالب بالبراءة لرئيس الحكومة السابق قائلا "أويحيى ليس من العصابة، وهو إنسان شريف، والتاريخ سينصفه مثلما أنصف مصالي الحاج (أب الحركة الوطنية) و(الرئيس الراحل أحمد) بن بلة".