الثورة السورية واليأس من القوانين الأميركية

25 ديسمبر 2022
طفلان في عفرين خلال إحياء ذكرى مجزرة نفّذها النظام بدير الزور، سبتمبر الماضي (Getty)
+ الخط -

في أغسطس/آب من عام 2013، ظنّ الكثير من السوريين المناصرين للثورة السورية، أن أرواح 1400 إنسان قتلهم النظام بالسلاح الكيميائي في غوطة دمشق، ستنقذ من تبقى من السوريين من بطش النظام، وذلك بعد أن حرّكت واشنطن فرقاطاتها وبوارجها البحرية لمحاسبة النظام، قبل أن تغيّر رأيها وتعود من حيث أتت، ليبقى النظام ويعود بشار الأسد أكثر بطشاً من ذي قبل.

وظنّ السوريون أن ضغط الولايات المتحدة لفرض القرار 2254 في مجلس الأمن في عام 2015، سيكون بداية الطريق الذي يفضي إلى حلّ في البلاد يقود إلى نهاية النظام، لكن واشنطن تراخت في تطبيق القرار الذي تمّ تمييعه وتحويره إلى مراحل لم يطبق أياً منها.

وكذلك كان الوضع حين توقيع قانون قيصر في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ تفاءل الكثير من أنصار الثورة في أن يؤدي القانون إلى هزّ أركان النظام وبنيته السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية ما يؤدي إلى نهايته، إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث.

ولذلك لم يعر سوريون كثر اهتماماً لـ"قانون الكبتاغون"، وذلك منذ صياغته وحتى مروره من غرفتي النواب والشيوخ إلى توقيعه من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن أول من أمس.

فحتى وسائل الإعلام المحلية المعارضة لم تعر أدنى اهتمام لهذا القرار، وذلك بسبب يأس أنصار الثورة بعد 11 عاماً من مطالبة المجتمع الدولي والغرب باتخاذ خطوات جدية لمحاسبة الأسد على جرائمه، محاسبة تكون الحلول العسكرية والأمنية في مقدمتها، لعدم جدوى التحركات السياسية والقوانين في إرغام النظام حتى على تقديم تنازلات حقيقة.

وعلى الرغم من أن مسودة القانون الذي أقرّه الكونغرس ووقعه بايدن، تتيح للإدارة الأميركية اتخاذ أدوات محاسبة ذات مفاعيل قوية لتحجيم تجارة الأسد بالمخدرات التي ملأت العالم، ووصلت أوروبا وآسيا وأفريقيا مع خشية الأميركيين من وصولها إلى شواطئهم، وقد يفضي ذلك إلى توجيه ضربات عسكرية نحو مصانع الكبتاغون التي تديرها الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد بالشراكة مع حزب الله، وشبكة واسعة من التجار المنتمين للأجهزة الأمنية والعسكرية والمليشيات، إلا أن السوريين حتى في مناطق سيطرة النظام من صامتين وحتى مؤيدين تعاطوا ببرود مع توقيع القانون.

فالصامتون في مناطق سيطرة النظام يدركون أن هذا القانون لن يغير شيئاً من معيشتهم ما لم يساهم في تبدلها للأسوأ إثر قانون قيصر الذي كان أحد أهم الأسباب في جعلهم يعيشون أقسى الظروف المعيشية على وقع الانهيار اليومي للاقتصاد. كما أنّ مؤيدي النظام، وبمن فيهم المتورطون بتجارة الكبتاغون، يدركون أن القانون الأميركي لن يطاولهم ولن يؤثر على تجارتهم طالما أنّ تطبيقه سيكون عن بعد، هذا في حال توافرت النية لتطبيقه.