قالت ثلاثة مصادر سياسية عراقية مطلعة في أربيل وبغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف "السيادة" (يضم حركتي عزم وتقدم بزعامة خميس الخنجر)، وافقا على دعم المرشح الجديد للحزب الديمقراطي الكردستاني، وزير الداخلية في إقليم كردستان العراق، ريبر أحمد خالد، لمنصب رئاسة الجمهورية.
وتمّ تقديم ريبر أحمد خالد من قبل الحزب الحاكم في أربيل، بدلاً عن وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، بعد قرار المحكمة العليا الاتحادية بمنع الأخير من الترشح إثر شكاوى فساد وهدر بالمال العام خلال توليه منصبه الوزاري بين عامي 2004 و2014.
يأتي ذلك على الرغم من استمرار المخاوف من تدخل جديد للمحكمة الاتحادية في الأزمة السياسية، إثر دعوى جديدة رفعها نواب بشأن دستورية قرار البرلمان بإعادة فتح باب الترشيح مجدداً لمنصب رئاسة الجمهورية. ويتهم رافعو الدعوة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبيه حاكم الزاملي وشاخوان عبدالله، بخرق الدستور، لمساعدة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني على تقديم بديل جديد لمنصب رئاسة الجمهورية، بعد إبعاد زيباري.
غادر زعيم "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قاآني العراق دون تحقيق تقدم في خلاف تشكيل الحكومة
ولم تقدم المحكمة الاتحادية في بغداد، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، أي توضيحات لغاية الآن بشأن قبولها شكوى الطعن بقرار البرلمان فتح باب الترشيح مجدداً للرئاسة من عدمه.
قآاني يغادر بغداد بلا تقدم بملف الحكومة
وفي بغداد، حصل "العربي الجديد" على تسريبات تؤكد مغادرة زعيم "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قاآني البلاد منذ الأول من أمس الثلاثاء، من دون تحقيق أي تقدم واضح في الخلاف القائم بين قوى "الإطار التنسيقي" من جهة، و"التيار الصدري" من جهة أخرى، والمتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة.
وأبلغ عضو في "الإطار التنسيقي"، "العربي الجديد"، أن "الحاج قاآني غادر العراق الثلاثاء"، في إشارة إلى زعيم "فيلق القدس" الإيراني، حيث تطلق قوى سياسية حليفة لطهران عبارة "الحاج قاآني" على الجنرال الإيراني، في سياق منحه صفة غير رسمية بتحركاته الحالية.
وأضاف المصدر طالباً عدم ذكر اسمه أن زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، "لا يزال مصراً على إبعاد (رئيس الوزراء العراقي الأسبق) نوري المالكي من المشهد السياسي المقبل". ولفت المصدر إلى أن الصدر "أوصل رسالة أنه يفضل الذهاب إلى المعارضة على أن يكون بحكومة واحدة مع المالكي".
وقال المصدر: "نحن نعلم أن أي حكومة لن تصمد عاماً واحداً، إذا كان الصدر خارجها وسيحرك الشارع ضدها ويعمل على إفشالها، والعكس أيضاً صحيح، إذ يجب ألا يتم إقصاء أي جزء من الإطار التنسيقي، لأن ثقله ليس بعدد ما لديه من مقاعد في البرلمان"، على حد قوله.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت مغادرة قاآني تعني وقف المفاوضات، أجاب العضو في "الإطار التنسيقي" بالنفي، مشيراً إلى أن "الجهود مستمرة، والدور الإيراني مهم ومتواصل في حلحلة الأزمة لما له من مكانة بين القوى السياسية المختلفة، وليس الشيعية فقط كما يحاول البعض تصوير ذلك لغايات معروفة"، على حدّ قوله.
التحالف الصدري يدعم ريبر أحمد للرئاسة
في المقابل، أكدت ثلاثة مصادر في بغداد وأربيل اتفاق القوى المتحالفة الثلاثة (التيار الصدري، تحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني) على دعم المرشح الجديد ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية.
مشعان الجبوري: ريبر أحمد سجله نظيف ولا تقف في وجه فوزه بالمنصب أي عقبات
وقال عضو في "التيار الصدري" في العاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنهم سيدعمون المرشح البديل (ريبر أحمد) مثلما دعموا ترشيح هوشيار زيباري سابقاً، مستدركا بالقول إن "التيار الصدري وتحالف السيادة يأملان بوجود توافق كردي على مرشح واحد، لكن هذا لم يحدث حتى الآن".
وأوضح المصدر أن "الاتحاد الكردستاني مُصر على تجديد ولاية أخرى للرئيس الحالي برهم صالح، وسمعنا أنه يريد صفقة تشمل مناصب في إقليم كردستان وخارجها مقابل تخليه عن منصب رئاسة الجمهورية، ولا نعلم دقة ذلك، لكن نحن ملتزمون بتعهداتنا".
وينتمي المرشح الجديد ريبر أحمد خالد، لأسرة البارزاني، ويجري تعريفه من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، على أنه الناجي الوحيد من عائلته في هجوم للقوات العراقية خلال ما عرف باسم "حملة الأنفال"، عام 1988، التي قادها نظام صدام حسين شمالي العراق. وشغل ريبر أحمد مناصب أمنية عدة، ومنها منصبه الحالي كوزير للداخلية في حكومة إقليم كردستان.
بدوره، أكد النائب العراقي والقيادي في تحالف "السيادة"، مشعان الجبوري، لـ"العربي الجديد"، أن "الكيانات السياسية المتفقة على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية، ستصوّت لصالح مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبر أحمد، بعد منع هوشيار زيباري بقرار قضائي، وهناك تأييد من هذه الأحزاب على ترشيحه ودفعه للمنصب، عدا الجهات الخاسرة في الانتخابات التي تريد العودة بالعراق إلى حكومات التوافقات الضعيفة".
وبيّن الجبوري أن "منصب رئيس الجمهورية وفقاً لحكومة الأغلبية الوطنية محسوم للحزب الديمقراطي الكردستاني، كما أن الحزب قدّم مرشحاً (ريبر أحمد)، وهو من شباب الديمقراطي الكردستاني، وسجله نظيف وليس هناك أي عقبات قد تواجهه في سبيل الفوز بالمنصب".
محمود خوشناو: التفاهمات السياسية بين الاتحاد الوطني الكردستاني وبقية الكيانات متواصلة
من جهته، لفت المستشار السابق في رئاسة إقليم كردستان، كفاح محمود، في اتصال مع "العربي الجديد" من مدينة أربيل، إلى أن المرشح ريبر أحمد "يحظى بعلاقات عسكرية جيدة مع القادة الأمنيين في بغداد، إضافة إلى علاقاته الخارجية الواسعة، وهو شخصية متزنة وتحظى باهتمام بالغ لدى الصدريين والتحالف السني حالياً".
وذكّر محمود بأن "الأطراف المتحالفة على تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، أعلنت عن دعمها لمرشح الديمقراطي الكردستاني لرئاسة الدولة العراقية". لكنه أشار إلى أن "الصراع لا يزال محتدماً مع الإطار التنسيقي، الذي يريد تعطيل عملية اختيار رئيس الجمهورية بأي شكلٍ، إلى حدٍ أنها وصلت للتهديد باتباع آلية الثلث المعطل في البرلمان، لضمان عدم تمرير رئيس الجمهورية".
واعتبر المستشار السابق في رئاسة إقليم كردستان، أن "المخاوف لدى الإطار التنسيقي ليست من رئيس الجمهورية الجديد، بل من صلاحيته في اختيار رئيس الحكومة في المرحلة المقبلة، الذي قد يُهدد مصالح الفصائل المسلحة ويحد من هيمنتها، وإغلاق المكاتب الاقتصادية وفتح ملفات الفساد المتورطة بها".
لكن عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، لفت إلى أن "سياسة كسر العظم والتجاوز على العرف السياسي المعمول به في العراق، والاتفاقات السياسية الكردية بشأن المناصب، مرفوضة"، معتبراً أن "الحديث عن الاتفاقات السياسية بشأن تمرير مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لا تزال غير منطقية، لأن التفاهمات السياسية بين الاتحاد الوطني وبقية الكيانات متواصلة".
وأكد خوشناو لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الجمهورية برهم صالح، لا يزال هو المرشح الوحيد، وأن الثقل السياسي لمرشحنا وحزبنا هو الذي سيفرض نفسه على بقية الأحزاب وتعاملها معنا".
جلسة انتخاب الرئيس: تعطيل جديد؟
وتتوجه قوى "الإطار التنسيقي"، وهي تضم القوى الشيعية الخاسرة بالانتخابات، إلى تعطيل جلسة اختيار رئيس الجمهورية، وفقاً للقيادي في "الإطار" محمد مهدي البياتي، الذي أكد ذلك في تصريحات صحافية، مبيناً أن "الثلث المعطل في البرلمان سيكون له دور أساسي بمنع تسمية رئيس الجمهورية، فهم (يقصد تحالف الأغلبية) لا يستطيعون دون هذا الثلث انتخاب الرئيس، كما أنهم لا يمتلكون ثلثي البرلمان الذي يستطيعون به تمشية الرئيس الذي يحتاج تمريره أكثر من 220 عضواً".
وعلى الرغم من أن الحوارات السياسية قد اقتصرت في اليومين الماضيين حول منصب رئيس الجمهورية على اسمي برهم صالح وريبر أحمد، إلا أن هناك مرشحين جدداً دخلوا ساحة المنافسة. وأكد البرلمان العراقي وصول عدد المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية إلى 60 اسما، بعد فتح باب الترشيح مرة أخرى الأسبوع الماضي، فيما لم يحدَّد موعد لانتخاب الرئيس.
ولا يتمتع منصب رئاسة الجمهورية في العراق بأي صلاحيات تنفيذية، بحسب الدستور الذي أقر سنة 2005 باستفتاء شعبي عقب نحو عامين من الغزو الأميركي. وحصر الدستور الصلاحيات التنفيذية بشكل كامل بيد رئيس الحكومة. في المقابل منح رئيس الجمهورية مهمات تشريفية، مثل التوقيع على المراسيم الجمهورية، وتقليد الأوسمة والأنواط وتقديم مقترحات للقوانين والتشريعات وتمثيل العراق في المحافل الدولية.