البرلمان التونسي يقر عقوبات على نواب "متسببين" بالعنف

06 يوليو 2021
قرر إيقاع أقصى العقوبة بحق نائبين متهمين بالاعتداء على عبير موسي (فيسبوك)
+ الخط -

دان مكتب البرلمان التونسي المجتمع بصفة استثنائية مساء الإثنين، بإشراف رئيسه راشد الغنوشي، أعمال العنف بجميع أشكاله، قاضياً بتسليط أقصى عقوبات على المخالفين. 
ودان المكتب في بلاغ رسمي "ما أقدم عليه النائبان الصحبي صمارة وسيف الدين مخلوف تجاه النائب عبير موسي"، مجدداً رفضه المطلق اللجوء إلى العنف، مشدداً على أن هذا التصرف فردي مرفوض وغير مسؤول، كما يتعارض مع ما سنّته المؤسسة البرلمانية من تشريعات تجرّم كافة أشكال العنف وخاصة ضد المرأة التونسية.
وقرّر المكتب بحسب نفس البلاغ "إيقاع أقصى العقوبة التي يسمح بها النظام الداخلي على النائبين المعنيين"، كما أوصى الجميع بضرورة الالتزام بالاحترام المتبادل والتعاون بما فيه خير للمؤسسة والبلاد.

في المقابل، ندد مكتب المجلس "بأشد العبارات بما دأبت عليه كتلة الدستوري الحر ورئيستها عبير موسي منذ بدء المدة النيابية الحالية من تعطيل ممنهج وعن سابق إصرار لحسن سير المرفق العمومي البرلماني في مختلف هياكله، وخاصة أشغال الجلسة العامة التي يتابعها مباشرة كل التونسيين ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وكذلك الاعتداء على الحق في المعطيات الشخصية، والمنع بالقوة لموظفي التلفزة التونسية من القيام بواجبهم المهني".
ودعا المكتب النواب إلى النأي بالمجلس عن كل ما يسيء إلى سمعته ويشوّه صورته لدى الرأي العام ويزعزع ثقة الناخبين فيه، مديناً ما "وصفه بالتصرفات المشينة التي مست من هيبة المؤسسة التشريعية وسمعة نواب الشعب".
وبعد اجتماع مطول طالبت خلاله بعض الكتل بمقاضاة المعتدين، أعلنت كتلة الإصلاح رفضها لبيان مكتب المجلس، مستنكرة في بيان لها "مساواة مكتب البرلمان بين الاحتجاج والعنف المادي المُسلط على النواب"، مؤكدة  قرارها مقاطعة اجتماعات مكتب البرلمان واجتماعات رؤساء الكتل إلى حين اتخاذ قرار بمتابعة النواب الذين مارسوا العنف على زملائهم قضائياً.
وأكدت أستاذة القانون الدستوري وخبيرة الشأن البرلماني منى كريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الإمكانيات القانونية لحفظ النظام وضمان حسن سير المؤسسة التشريعية على مستوى النظام الداخلي للمجلس محدودة، حيث لا يمكّن القانون الداخلي رئيس المجلس ورئيس الجلسة من الصلاحيات الكافية لذلك، بحسب قولها. 

وأوضحت أن الفصلين 131 و132 من النظام الداخلي يتضمنان أقصى العقوبات الممكنة بالنظام الداخلي بحق كل نائب قام بعرقلة النظام أو الإخلال به أو الحديث دون إذن الرئيس أو الشتم والثلب أو تهديد عضو أو أكثر، حيث ينص القانون على توجيه تنبيه أولاً، ثم تذكيره بالنظام الداخلي ثم سحب الكلمة، وأقصاها الحرمان من التدخل وأخذ الكلمة وتسجيل ذلك في محضر رسمي.
وأضافت أن "أقصى عقوبة يتخذها المكتب باقتراح من رئيس المجلس، هي حرمان من مارس العنف من أخذ الكلمة دون منعه من التصويت، على أن لا تتعدى مدة الحرمان 3 جلسات، فيما يمكن للنائب أن يعترض أو يرسل من ينوبه لذلك"، موضحة أن أقصى صلاحيات الرئيس خلال الجلسة هي الأمر بإخراج النائب المخل بالنظام، غير أن هذا الإجراء الوارد في الفصل 131 لا يتم تطبيقه لأنه لا وجود لقوة تفرض النظام في حالات عدم امتثال النائب. 
وبينت أنه في حالة عدم تعديل القانون الداخلي للبرلمان في أقرب وقت، فإنه لا مجال لضمان حسن سير المجلس في مثل هذه الظروف.
وأقر المكتب عقد جلسة عامة الإثنين المقبل  لإجراء حوار مع الحكومة حول المستجدات الوطنية والصحية بحضور وزراء الصحة والعدل والتجارة.
ونظر المكتب أيضا في استقالة كل من زياد العذاري من كتلة حركة النهضة، والنائب جمالي بوضوافي من كتلة قلب تونس، فيما جرى تعيين نعمان العش رئيساً للكتلة الديمقراطية، ولطيفة الحباشي نائباً لرئيس كتلة حركة النهضة، فيما انضمت النائبة منجية بوغانمي إلى كتلة حركة النهضة عوضاً عن النائب مختار اللموشي الذي توفي جراء كورونا.

من جانبه، دان فريق الأمم المتحدة في تونس، ما وصفه "بأعمال العنف" التي ارتكبت في البرلمان التونسي، مشيرًا إلى أن "الحالة لم تكن مجرد حالة منعزلة، ولكنها جاءت في أعقاب حالات أخرى حديثة للعنف والكراهية ضد النساء البرلمانيات وبشكل أوسع ضد النساء الناشطات في مجال السياسة في تونس".
وأكد الفريق في بيان رسمي، أن أي عمل عنف ضد النساء السياسيات سواء كان جسديا أو لفظيا لا يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان فحسب، بل يشكل تهديدا خطيرا للديمقراطية ولمشاركة المرأة في الحياة العامة، داعيا السلطات التونسية لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد الجناة، كما دعا النواب إلى "الاسترشاد في سلوكهم بأعلى المعايير الأخلاقية".
 

المساهمون