الاختراق الإلكتروني لأجهزة حكومية عراقية: اتهامات بتورط مليشيات

30 ابريل 2021
ترتبط الجهة المتورطة بالاختراق بفصائل ضمن "الحشد" (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من نفي وزارة الداخلية العراقية بشكل رسمي وجود أي عمليات اختراق إلكترونية لأجهزة أمنية عراقية، وتحديداً الاستخبارية منها، فإن منصات تابعة لفصائل مسلحة على تطبيق "تلغرام"، تواصل منذ أكثر من أسبوع نشر معلومات وتفاصيل أمنية تقول إنها استولت عليها من أجهزة أمنية تمت قرصنة أنظمتها الإلكترونية. وذكرت، في أحد تعليقاتها، أن "هاكر" صينياً تولى مهمة الاختراق لقاعدة بيانات وكالة شؤون الاستخبارات والتحقيقات في وزارة الداخلية، التي يديرها الفريق أحمد أبو رغيف، المقرب من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

وأصدر مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية اللواء سعد معن، بياناً الأسبوع الماضي، نفى فيه وجود اختراق، الأمر الذي دفع المتبنين للهجمات الإلكترونية تلك إلى نشر البيانات الشخصية الكاملة للواء معن، بما فيها عنوان سكنه الموجود في قاعدة معلومات وزارة الداخلية، وضمت اسمه الكامل واسم والدته، وعمره ومحل إقامته الحالي.

أكدت مصادر أمنية أن الهجمات أسفرت عن اختراق مؤقت لعدد من أنظمة وكالة الاستخبارات تحديداً

وأكدت مصادر أمنية عراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، تعرّض عدد من أنظمة المعلومات والبيانات في مؤسسات وأجهزة وزارة الداخلية لهجمات أدت لاختراقها، بما فيها عناوين بريد رسمية في الوزارة، لكن تمت استعادة السيطرة عليها بعد ساعات من ذلك. وأوضحت أنه "منذ مطلع الشهر الحالي، شهد العراق هجمات إلكترونية طاولت جهازي المخابرات والأمانة العامة لمجلس الوزراء ووكالة الاستخبارات والتحقيقات في وزارة الداخلية، استهدفت بيانات ضباط ومصادر تلك الأجهزة وإيميلات لمسؤولين بارزين فيها، ومعلومات أمنية واستخبارية تتعلق بأهداف تتابعها القوات العراقية". وبحسب المصادر ذاتها، فإن تلك الهجمات أسفرت فعلاً عن اختراق مؤقت لعدد من أنظمة وكالة الاستخبارات تحديداً، وكذلك الاستيلاء على إيميلات حكومية، لكن تمت استعادتها بعد ساعات.

وكشفت المصادر ذاتها عن أن الجهة التي نفذت الهجمات الإلكترونية كانت تعمل من داخل العراق بحسب ما أسفرت عنه التحقيقات لغاية الآن، كما جرى التوصل إلى معلومات مهمة حيال المشتبه بهم تقود جميعها إلى أن الجهة المتورطة ترتبط بفصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي"، وتمتلك مقرات في منطقتي الكرادة وعرصات الهندية، وكانت إحدى عمليات الاختراق التي استهدفت جهازاً أمنياً حساساً في الدولة، قد تمت من مبنى ملحق بمكتب قناة فضائية تعود لأحد الفصائل المسلحة البارزة بمنطقة الكرادة في بغداد. وأكدت أن "هدف تلك العمليات كان ابتزاز الحكومة، وكذلك قيادات أمنية مهمة تتقاطع مع الفصائل المسلحة تلك، وأبرزها اللواء أحمد أبو رغيف رئيس وكالة الاستخبارات، وقيادات أمنية مهمة بوزارة الداخلية، وكذلك مدير مكتب رئيس الوزراء رائد جوحي".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتتولى "الوحدة 1000"، و"صابرين نيوز"، و"نيو سايبر"، وقنوات أخرى على تطبيق "تلغرام"، باتت تطلق على نفسها اسم "فريق الإعلام المقاوم"، عملياً نشر أخبار آخر الاختراقات الإلكترونية لمواقع حكومية، وتنشر معلومات بشأنها بين وقت وآخر، من بينها قاعدة معلومات عن أعضاء حزب "البعث" المحظور، وأيضاً أسماء ضباط في جهاز المخابرات ومعلومات عن تنقلاتهم في دوائر أمنية بالأسماء الحقيقية لهم، فضلاً عن عمليات اختراق مواقع إلكترونية، بعضها يعود إلى فضائيات عراقية ومواقع إخبارية تعتبرها تلك المنصات معادية لها، وتشترك في كونها مناهضة للنفوذ الإيراني في العراق.

وأمس الخميس، طالب عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بدر الزيادي السلطات الأمنية بـ"الكشف عن دقة معلومات الخروقات الحاصلة لمواقع إلكترونية حساسة في أجهزة الأمن في البلاد". وقال إنه "ليس من الممكن أن تكون بيانات العراقيين عرضة لفرق قراصنة المواقع، إلى الحد الذي يجعل معلومات المواطنين سهلة المنال بهذا الشكل". ولفت، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "اللجوء إلى الحكومة الإلكترونية جعل العراق يتخلص من ظاهرة الحرائق التي كانت تصيب بعض دوائر الدولة، وبالتالي تؤدي إلى مشاكل على مستوى ضياع بيانات العراقيين أو معلوماتهم الشخصية. لكن تعرُّض المواقع الخاصة ببيانات العراقيين لاختراق هو ظاهرة جديدة، لا بد من التأكد منها ووضع حد لها، حتى لو كان من خلال الاستعانة بالخبرات العالمية المعروفة في هذا المجال".

بدر الزيادي: اختراق المواقع الخاصة ببيانات العراقيين ظاهرة جديدة، لا بد من التأكد منها ووضع حد لها

من جهته، اعتبر المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية خالد المحنا أن الحديث عن اختراق إلكتروني لصفحات ومواقع أجهزة أمنية تابعة للدولة العراقية "مجرد شائعات". وأضاف، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "وزارة الداخلية لا تنخرط في الرد على كل شائعة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ولو كان هذا الاختراق حقيقياً لأعلنت السلطات في البلاد في بيان رسمي عن هذا الأمر". وبيّن أن "نشر هذه الشائعات يندرج ضمن المناكفات السياسية بين الأحزاب، التي تسعى للحصول على مكاسب معينة"، رافضاً التعليق على الملفات والوثائق التي نشرتها تلك المنصات على تطبيق "تلغرام".

الخبير في الشأن الأمني العراقي، سعد الحديثي، اعتبر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مسألة الاختراقات الإلكترونية امتداد لمشكلة تسرّب الوثائق والكتب الرسمية ونشرها على مواقع التواصل، وقد أحرجت الحكومات المتعاقبة أكثر من مرة، بما فيها تسريب أخبار إطلاق الحملات العسكرية والعمليات الأمنية قبل حصولها بساعات، أو حتى يوم أو يومين. وأضاف الحديثي أن "السلطات العراقية تعاني من تخلّف واضح في مجال التقنيات، وكيفية الحفاظ على سرية البيانات والمعلومات. وقد تعرضت مواقع حكومية عدة لاختراقات كثيرة من قبل شبان غاضبين خلال فترة التظاهرات ضد حكومة عادل عبد المهدي، وتبين أنهم مجرد هواة. لذا، فإن مسألة نجاح هجوم منظم من قبل فرق هاكرز غير مستغربة". واعتبر أن "تركيز المخترقين على نشر معلومات حول أنشطة حزب البعث، وبعض التلميحات الأخرى، قد يأتي من باب الابتزاز للحكومة، كون المعلومات الأخرى متعلقة بتنظيم داعش، وتسريبها يصب في صالح الإرهاب بطبيعة الحال". وأضاف أن "نفي الوزارة لا يكفي، وعليها أيضاً توضيح مصدر المعلومات التي تقوم تلك الجهات بنشرها، في حال كانت تهدف لإقناع الرأي العام بعدم وجود اختراق".

المساهمون