أدخلت الهدنة في اليمن هذا البلد الفقير الذي مزّقته الحرب في حالة من السلام المؤقت، لكن إغلاق الطرق ما زال يمثل قضية إنسانية رئيسية، بحسب نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في البلاد دييغو زوريلا.
وأودى الصراع بين الحكومة اليمنية المدعومة من تحالف تقوده السعودية والحوثيين القريبين من إيران والذين يسيطرون على العاصمة ومناطق أخرى، بحياة مئات الآلاف منذ 2014، ودفع أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية إلى أتون المجاعة.
لكن منذ 2 إبريل/نيسان، سمحت الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة بوقف الأعمال العدائية واتّخاذ تدابير تهدف إلى التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة للسكان، في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وقال زوريلا في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" إن "الوضع تحسن بشكل عام" خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مستشهدا بانخفاض عدد الضحايا المدنيين وزيادة الإمداد المنتظم بالوقود واستئناف بعض الرحلات التجارية من العاصمة.
غير أنّه أضاف أنّه "بما أن الطرق لا تزال مغلقة، فإنّ التحسن الذي طرأ (على الوضع الأمني) لا يرقى إلى مستوى توقّعات السكان"، في إشارة إلى أن أحد العناصر الرئيسية للهدنة لم يتم تنفيذه بعد.
وعقدت عدّة جولات من المحادثات في الأردن من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، لكن المتحاربين يترددون في إعادة فتح الطرق خوفًا من أن يفيد ذلك الجانب الآخر عسكريًا.
وحركة المرور صعبة للغاية بين المناطق الشمالية التي يسيطر عليها المتمردون والتي تمثل 30 بالمائة من اليمن ويعيش فيها 70 بالمائة من السكان، وبين المناطق الموالية حيث تصل غالبية البضائع.
وتؤدي حواجز الطرق والتحويلات العديدة إلى مضاعفة تكاليف النقل أربع مرات وتعقيد إيصال المساعدات الإنسانية وتحرم العديد من اليمنيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وضع خطير
ذكر زوريلا أنّ "الوضع خطير بشكل خاص في تعز" في جنوب غرب البلاد وهي مدينة محاطة بالجبال ويعيش فيها "ما بين 1,5 و2 مليون شخص". ويحيط بالمنطقة التي كانت مركزًا ثقافيًا وأكاديميًا وتاريخيًا مهمًا، خط نار يبلغ طوله 16 كيلومترًا.
ويعيش حوالي 80 بالمائة من السكان في الجزء الذي تسيطر عليه الحكومة، لكن الحوثيين يسيطرون على المناطق المرتفعة حيث توجد آبار المياه التي تغذي المدينة، لذلك يتعين على غالبية السكان شراء المياه من صهاريج "أكثر تكلفة بكثير"، فيما "لا يستطيع 16 ألف عامل من الجانبين رؤية عائلاتهم"، بحسب المسؤول الأممي.
ومن التبعات الأخرى عرقلة الوصول إلى المستشفيات، "فبدلاً من القيام برحلة مدتها 20 دقيقة لغسيل الكلى، يضطر المرضى أحيانًا إلى الذهاب إلى عدن"، مقر الحكومة المؤقت والواقعة في الجنوب.
لكن تعز ليست منقسمة إلى جزأين فحسب، بل إنّها معزولة أيضًا عن بقية البلاد. ويجب على سكانها أن يسلكوا طرقا جبلية خطيرة للغاية للوصول إلى عدن في ثماني أو تسع ساعات، مقارنة بثلاث ساعات في الأوقات العادية.
ويؤكد زوريلا أنّ إعادة فتح الطرق "قضية إنسانية واقتصادية وتنموية رئيسية"، مشيرًا إلى أنّ أكثر من ثلثي 30 مليون يمني أو 23 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وتستهدف الأمم المتحدة مساعدة 17 مليون شخص وتحتاج إلى 4.3 مليارات دولار هذا العام تم التبرع بربعها حتى الآن، خصوصا بسبب انخفاض المساهمات من السعودية والإمارات اللتين تقولان إنّهما تفضّلان قنواتهما الخاصة لتقديم المساعدات.
وقد أعلنتا في إبريل/نيسان عن مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار لليمن، لكن لم يتم توزيعها بعد.
ويحذّر زوريلا من أنه إذا لم يتم الحصول على التمويل اللازم "فسيموت الناس"، مضيفا أنه "كلما طال أمد الأزمة، تراجع ما نوليه لها من انتباه، لكن هذا لا يعني أن الوضع لم يزدد سوءًا".
(فرانس برس)