الأمم المتحدة تتبنى قراراً حول تعويض روسيا خسائر أوكرانيا من الحرب

15 نوفمبر 2022
أوصى القرار بإنشاء سجل دولي توثق فيه الأدلة والمعلومات بشأن الأضرار في أوكرانيا (Getty)
+ الخط -

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً حول إنشاء آلية للتعويض عن الخسائر الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا، دون تحديد تفاصيل واضحة حول عمل تلك الآلية. 

وصوتت 94 دولة لصالح القرار مقابل تصويت 14 دولة ضده وامتناع 73 دولة أخرى عن التصويت. وامتنعت أغلب الدول العربية عن التصويت باستثناء الكويت وقطر اللتين صوتتا لصالح القرار في حين صوتت سورية ضده. 

ومن أبرز ما جاء في نص القرار تأكيده من جديد على التزام الجمعية العامة "بسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، ومطالبة الاتحاد الروسي بالكف الفوري عن استخدام القوة ضد أوكرانيا وسحب، بشكل كامل وغير مشروط، جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دوليا وعلى امتداد مياهها الإقليمية بشكل فوري.

كما سلم القرار بأنه من الواجب محاسبة الاتحاد الروسي على أي انتهاكات للقانون الدولي يرتكبها في أوكرانيا أو ضدها، ويشمل ذلك: "التعويض عن الإصابات الناجمة عن تلك الأفعال، بما في ذلك أي أضرار تقع". وأكدت الجمعية العامة "ضرورة القيام، بالتعاون مع أوكرانيا، بإنشاء آلية دولية تعنى بمسألة جبر الأضرار والخسائر أو الإصابات الناجمة عن الأفعال غير المشروعة دوليا المرتكبة من جانب الاتحاد الروسي في أوكرانيا أو ضدها". 

وأوصى القرار "بإنشاء الدول الأعضاء، بالتعاون مع أوكرانيا، سجلا دوليا للأضرار ليكون بمثابة وثيقة في شكل مستندي، تدون فيها الأدلة والمعلومات المتصلة بالمطالبات المتعلقة بالأضرار أو الخسائر أو الإصابات التي لحقت بجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المعنيين وبدولة أوكرانيا بسبب أفعال الاتحاد الروسي غير المشروعة دوليا في أوكرانيا أو ضدها، وكذلك لتعزيز عملية جمع الأدلة وتنسيقها".  

وقال ممثل أوكرانيا لدى الأمم المتحدة في نيويورك سيرغي كيستيلسا، قبل التصويت، متحدثا للدول الأعضاء في تقديمه لمشروع القرار: "دمرت أراض كبيرة من دولة ذات سيادة... لا تقارن أي خسارة مادية بخسارة الأرواح... تبذل روسيا قصارى جهدها لتفادي دفع التعويضات والمساءلة، وستفشل كما حدث على أرض المعركة".

وأشار السفير الأوكراني إلى "الاجتياح العراقي للكويت واعتماد مجلس الآمن آنذاك عددا من القرارات بما فيها القرار 687 (عام 1991) الذي أكد على إنشاء اللجنة والصندوق المعني بالتعامل مع أي أضرار وخسارات ناتجة عن ذلك الاحتلال غير القانوني". 

وقال إن "المقترح الذي أمامكم هو إعلان بضرورة مساءلة روسيا على انتهاكاتها للقانون الدولي في أوكرانيا، ويعيد التأكيد على ضرورة اعتماد آلية ملموسة للانتصاف، تضخ زخما جديدا في هذا المسعى، وهي دعوة للدول الأعضاء كي تجتمع لبناء بنى تحتية دولية ذات مصداقية ومشروعية تتعامل مع تبعات الاعتداء الروسي على أوكرانيا والفظائع الكبيرة على أمل تحقيق العدالة للملايين الذين تغيرت حياتهم للأبد".

 وختم السفير الأوكراني مداخلته أمام الجمعية العامة بالحديث عن الشروط المسبقة لأي مفاوضات والتي شدد عليها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ولخلصها بثلاث نقاط، وهي: "استعادة الأراضي الأوكرانية، والتعويض عن الأضرار، ومحاكمة مجرمي الحرب".

 من جهته، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا، متحدثا أيضاً للدول الأعضاء في الجمعية العامة قبل التصويت، إن "الدول المشاركة في رعاية القرار يجب أن تفهم أن اعتماده سيؤثر عليها في المستقبل... هذه الدول تقول إنها تلتزم بالقانون الدولي وتحاول في الوقت نفسه أن تنتهكه".

وأضاف "مشروع القرار ينص على إنشاء ما يسمى بآلية دولية لانتصاف وجبر الضرر، ولكن يقولون إن هذه مسألة فنية، وهذه مسألة ستحدد من خلال مجموعة من الدول، التي ستحدد من الطرف المذنب ومن يحق له الانتصاف". ورأى الدبلوماسي الروسي أنه ومن خلال القرار "لا يمكن للأمم المتحدة أن تضطلع بدور في العملية بسبب اقتراح إنشاء الآلية خارجها دون التخطيط بإبلاغ الجمعية العامة بأعمالها".

ومن الملاحظ أن الكثير من دول الجنوب العالمي امتنعت عن التصويت أو صوتت ضد القرار (87 بين ممتنع ومعارض) على الرغم من معارضة أغلبها للاجتياح الروسي لأوكرانيا وتصويتها في قرارات سابقة ضد ذلك الاجتياح. 

وأشار مندوبو عدد من الدول التي عارضت أو امتنعت عن التصويت، كالهند وإندونيسيا ومصر والبرازيل وغيرها، إلى عدد من النقاط التي رأوا أنها إشكالية، ومن بينها أن نص القرار غير واضح في الحديث عن تقديم "جبر الضرر والتعويضات". كما شددت بعض الدول على ضرورة ألا يسمح القرار بالقيام بإجراءات أحادية الطرف، بما فيها الاستيلاء على الأصول في سبيل التعويضات. 

وقال السفير المصري أسامة عبد الخالق، الذي امتنعت بلاده عن التصويت، في تعليل لتصويتها بعد تبني القرار: "يمثل طرح هذا القرار بصياغته الحالية سابقة خطيرة، حيث يقوم بإقحام الجمعية العامة بتطوير آلية هي عبارة عن سجل للأضرار تخرج عن الإطار المؤسسي للأمم المتحدة دون توضيح القواعد المحددة لها أو آليات عملها أو الخطوات اللاحقة على إنشائها، أو دور الأمم المتحدة في متابعتها، وهو ما لا يستند إلى سوابق معتبرة ولا يتسق مع دور الجمعية العامة".

وأكد دعم بلاده لجهود تحقيق المسؤولية الدولية عن الأفعال غير المشروعة، معربًا في الوقت ذاته عن قلق بلاده من "تحمس الدول بدرجة عالية لاستحداث آلية للتعويض خارج إطار الأمم المتحدة في سياق نزاع محدد تقوم المجموعة ذاتها تقريبا (الدول الغربية في أغلبها) بالامتناع وأحيانا التصويت ضد قرارات لا تهدف سوى لإعمال القانون الدولي وإقرار الشرعية الدولية في سياق صراعات أخرى".

المساهمون