لطالما اتسمت مواقف النظام السوري مما يجري في فلسطين المحتلة بالتناقض والمخاتلة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية.
اكتسب نظام الأسد، الأب والابن، الجزء الأكبر من شرعيته أمام الجمهور السوري والعربي من خلال رفع شعارات الدفاع عن القضية، وشعارات المقاومة والصمود والتصدي بدون تنفيذ أي منها. بل على العكس قام خلال العقود الماضية بمنع كل أشكال المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، عبر الأراضي السورية. ووقّع النظام مع المحتل اتفاقاً تكفل من خلاله بحماية حدود إسرائيل من أية عمليات مقاومة.
ففي غمرة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أيام، استغلت وسائل إعلام النظام السوري الحدث للتغني بصمود الشعب الفلسطيني، وبانجازات المقاومة الفلسطينية، لكن من دون أي ذكر لحركة حماس أو أي من الفصائل التي تقود المقاومة ضد الاحتلال، وإنما اكتفت بكلام عام، واستعادة للشعارات التي يرفعها النظام نصرة لفلسطين بدون أي موقف فعلي. ولا يمكن إغفال أن النظام نفسه الذي يتغنّى بإنجازات المقاومة سبق أن دفع بقيادة حركة "حماس" إلى مغادرة الأراضي السورية في بداية الثورة السورية، إثر ضغوط عليها للاصطفاف إلى جانبه ضد الثورة.
وخلال أحداث الثورة السورية منذ عشر سنوات، عمل النظام على التنكيل بالفلسطينيين في سورية، ودمّر، بدون مبررات عسكرية، أكبر تجمعاتهم المتمثلة في مخيم اليرموك، بحجة محاربة تنظيم داعش، وأطبق عليهم حصاراً عبر منع الطعام عنهم ما تسبب في موت عدد منهم جوعاً. كما وضع الشباب الفلسطيني في سورية أمام أحد خيارين، إما محاربة المعارضة السورية أو الاتهام بالخيانة والاعتقال، ما دفع أكثر من نصف عدد الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في سورية إلى مغادرتها، فيما يعيش المتبقون ظروفاً سيئة بعد تدمير مخيماتهم في جنوب دمشق وغربها وفي محافظة درعا جنوب سورية.
طعن النظام القضية الفلسطينية في أكثر من مناسبة خلال العقود الماضية، التي ارتكب خلالها مجازر بحق فصائل المقاومة الفلسطينية، وأنشأ فرعاً أمنياً خاصاً تحت اسم فرع فلسطين مهمته اعتقال كل من ينتسب لفصيل مقاوم لإسرائيل من السوريين والفلسطينيين أو أية جنسيات أخرى.
والآن بينما تشهد الحدود مع لبنان والأردن تحركات شعبية لنصرة القدس وغزة، لم يسمح النظام بمثل هذه التظاهرات، بل لم تشهد جميع مناطق سيطرته تظاهرة واحدة للتضامن مع ما يجري في فلسطين.