الأحزاب الإسرائيلية تستهدف أصوات الناخبين سعياً لكسر جمود الأزمة السياسية

31 أكتوبر 2022
دخلت المعركة الانتخابية الإسرائيلية الخامسة منذ إبريل 2019 مرحلتها الأخيرة (Getty)
+ الخط -

دخلت المعركة الانتخابية الإسرائيلية الخامسة منذ إبريل/نيسان 2019 مرحلتها الأخيرة، حيث تبدأ الانتخابات التشريعية غداً الثلاثاء، في ظل استمرار حالة الغموض وفشل الاستطلاعات المختلفة في تحديد وجهة الناخب الإسرائيلي لجهة تغيير محتمل في موازين القوى بين المعسكرين الرئيسيين في الانتخابات، معسكر نتنياهو والمعسكر المناهض له.

كما فشلت الاستطلاعات في التنبؤ بنسبة المشاركة العامة في الانتخابات، وبشكل أدق نسبة التصويت لدى الفلسطينيين في إسرائيل، وإلى أي حد سترتفع هذه النسبة مقارنة بالانتخابات الأخيرة في مارس/آذار من العام الماضي.

حرب على كل صوت

وفي ظل حالة التوازن أو الشلل حالياً وعدم الحسم لصالح معسكر دون الآخر، اتجهت الأحزاب إلى مخاطبة الناخبين بكل الطرق، وسط حرب شديدة داخل المعسكرات نفسها، بين أحزاب نفس المعسكر في محاولة لكل حزب، خصوصاً الأحزاب الصغيرة، وتحديداً في المعسكر المناهض لنتنياهو، المحافظة على تمثيلها في الكنيست، واجتياز نسبة الحسم المحددة بـ3.25% من مجمل الأصوات الصحيحة.

في معسكر اليمين الذي يقوده نتنياهو، كثف الأخير من محاولات إعادة الناخبين إلى حزب الليكود، وتحديدا دفع نحو 200 ألف من أعضاء الحزب ومؤيديه الذين لم يشاركوا في الانتخابات الأخيرة، للمشاركة في الانتخابات هذه المرة لضمان كون "الليكود" أكبر الأحزاب الإسرائيلية، وسط تعهد بإشراك تحالف الصهيونية الدينية مع الكهانية الفاشية في حكومته، بما في ذلك ضمان حقيبة وزير لنجم اليمين الفاشي، إيتمار بن غفير، مبينا أن الشرط الأولي لذلك هو بقاء الليكود أكبر حزب، وتخطي حاجز 81 مقعداً.

وشهد المعسكر حروباً ومعارك وتراشق اتهامات بين نتنياهو وسموطريتش، كما رفض نتنياهو قبل أسبوعين الصعود لنفس المنصة في بلدة كفار حباد الحريدية، لمحاولة خفض ومواجهة الشعبية التي يحظى بها بن غفير، وحث المصوتين في معسكره على التصويت لليكود.

وبالرغم من المعارك داخل معسكر الليكود، فإن الوضع أكثر سوءا في المعسكر المناهض لنتنياهو، وخاصة في الحرب على كل صوت بين حزب رئيس الحكومة الحالية، يئير لبيد، "ييش عتيد" وبين حزبي اليسار الإسرائيلي، حزب العمل، وحزب ميرتس، اللذين اتهما لبيد بمحاولة "افتراس" أصوات من مؤيدي الحزبين مما يهدد إمكانية عبور الحزبين نسبة الحسم، وبالتالي خسارة المعسكر المناهض لنتنياهو 4 مقاعد على الأقل في حالة فشل أي من الحزبين باجتياز نسبة الحسم.

لكن مشاكل معسكر لبيد لا تقف عند هذا الأمر، بل إنه يتعرض لحملة مثابرة ممن يفترض أن يكون الشريك الأكبر في حكومته، وهو الجنرال بني غانتس، زعيم حزب "المعسكر العمومي"، إذ يصرّ الأخير على خط دعائي بأن لبيد لن يتمكن من تشكيل حكومة قادمة، لأنه لا يحظى بتأييد لدى الحريديم، من جهة، ولأنه سيحتاج للاعتماد على أصوات حزبين عربيين، هما القائمة الإسلامية بقيادة منصور عباس، وتحالف جبهة الحزب الشيوعي الإسرائيلي بقيادة أيمن عودة، وفي هذه الحالة لن يكون غانتس شريكا في ائتلاف بقيادة لبيد.

ويطرح غانتس، في المقابل، نفسه، بأنه الوحيد القادر على كسر معادلة بقاء الحريديم في معسكر نتنياهو، مدعيا أن بمقدوره إقناع حزبي الحريديم، شاس ويهدوت هتوراة، اللذين تمنحهما الاستطلاعات 16 مقعدا، بالانضمام لائتلاف تحت رئاسته، في حال لم يتمكن معسكر نتنياهو مع الحريديم والصهيونية الدينية، تحقيق 61 مقعدا على الأقل من أصل 120 مقعداً في الكنيست.

وفي السياق، أعلن غانتس، في مقابلات مع المواقع الإسرائيلية أنه يعارض حل الدولتين، ويعتبر الأغوار الفلسطينية منطقة استراتيجية مهمة لإسرائيل، وبالتالي فهو يقترح مساعي وخطوات لتقليص "حدود الصراع" مع الفلسطينيين، بزعم أنه لا يمكن حله حاليا.

الصوت العربي وتأثيره المحتمل

يشكل الفلسطينيون في داخل أراضي 48 الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية20%  من مجمل أصحاب حق الاقتراع، ويقدر عدد المصوتين عندهم أكثر من مليون ومائة ألف صوت بقليل، إلا أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة تدنت في الانتخابات الأخيرة إلى نحو 42% فقط، وسط تفكك القائمة المشتركة نهائيا، في المعركة الانتخابية الآلية، في الدقيقة التسعين، من مساء 15 سبتمبر، عند تقديم اللوائح الانتخابية.

وقتذاك قرر الحزب الشيوعي الإسرائيلي وجبهته بقيادة أيمن عودة، فك القائمة المشتركة الثلاثية: الجبهة والحزب الشيوعي، والحركة العربية للتغيير، والتجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، واستبعاد الأخير من القائمة، والذهاب للانتخابات في قائمة ثنائية.

جاء ذلك بعد إعلان التجمع بقيادة أبو شحادة، عن رفضه مسبقا، وكشرط أساسي، الدخول مجددا في مسألة التوصية على من سيكون رئيس الحكومة القادمة، مقابل إعلان كل من عودة وطيبي، أن قائمتهما الثنائية ستكون بقوة 6 مقاعد قادرة على حسم الصراع بين المعسكرين ضد نتنياهو ولصالح المعسكر الذي يقوده يئير لبيد.

فرض هذا الإعلان على حزب التجمع الوطني بقيادة سامي أبو شحادة على خوض الانتخابات منفردا، وسط شكوك بقدرته على اجتياز نسبة الحسم، لكن الحزب حظي بشكل لافت بالتفاف شعبي واسع، حتى الآن، لدرجة تجعله قريبا جدا من اجتياز نسبة الحسم، وفق ما أعلنه رئيس الطاقم الإعلامي للحزب، بكر عواودة، أمس، مبينا في بيان ومنشورات على الشبكة الاجتماعية، أن الحزب يلامس نسبة الحسم وتنقصه بضعة آلاف من الأصوات.

وشهد المجتمع الفلسطيني في الداخل حرباً ضروساً، وبالأساس من قبل خصمي التجمع، تحالف الجبهة والعربية للتغيير بقيادة عودة، والقائمة الإسلامية الموحدة بقيادة منصور عباس، والأخيرة جزء من الائتلاف الحكومي في دولة الاحتلال، من خلال الادعاء المسبق ومنذ بدء المعركة الانتخابية أن التصويت للتجمع يعني حرق أصوات الناخبين، لأن التجمع لا يجتاز نسبة الحسم.

لكن هذه الدعاية جاءت حتى الآن بنتائج عكسية وزادت وفق الاستطلاعات الإسرائيلية الأخيرة من نسبة التأييد لحزب التجمع، ومن نسبة المشاركة المتوقعة للعرب في إسرائيل في الانتخابات.

ووفقاً لما تذكره الاستطلاعات الإسرائيلية العامة، والاستطلاعات الداخلية للأحزاب العربية، فإن هناك حاجة ضرورية لرفع نسبة التصويت للعرب في إسرائيل إلى نحو 60% لضمان عبور الأحزاب الثلاثة نسبة الحسم، وفي هذه الحالة سيدخل 12 نائبا عربيا الكنيست، مما سيعني عمليا استحالة وصول معسكر نتنياهو لأغلبية 61 مقعدا لتشكيل حكومة قادمة. مع ذلك، لا يبدو أن هناك تفاؤلا كبيرا في تحقيق هذه النسبة من المشاركة العربية في الانتخابات.

المساهمون