استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل الدولية والمحلية:** رئيس الوزراء القطري انتقد الاغتيالات الإسرائيلية، بينما يرى المحللون أن الاغتيال يمثل إعلاناً لحرب مفتوحة من إسرائيل، ويشير إلى إدارة الاحتلال لحرب شاملة بالتعاون مع حلفائه.
- **تداعيات الاغتيال على المقاومة:** اغتيال هنية يأتي ضمن تصعيد إسرائيلي يشمل محاولات اغتيال قادة المقاومة في لبنان وإيران، مما يضع حماس ومحور المقاومة أمام تحديات كبيرة في الرد على العدوان واتخاذ قرارات تتماشى مع مصالح الشعب الفلسطيني.
باتت حركة حماس في وضع صعب لجهة الاستمرار بالمفاوضات من عدمه
ستدرس الحركة خياراتها للرد على اغتيال رئيس مكتبها السياسي
المدهون: اغتيال هنية بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على المفاوضات
وضع اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، فجر اليوم الأربعاء، مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي على المحك، بل ربما حداً لها، وأضاف ضغطاً جديداً على الحركة التي كانت قد قبلت بالمقترح الإسرائيلي الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل التوصل إلى اتفاق يوقف حرب الإبادة المستمرة منذ نحو عشرة أشهر. وعلى الرغم من تعافيها مسبقاً من مثل هذه الضربات والاغتيالات التي طاولت معظم قادتها السياسيين والعسكريين منذ انطلاقتها في عام 1987، فإنّ حركة حماس باتت هذه المرة في وضع أصعب من ذي قبل، في ظل حرب الإبادة المستعرة، خصوصاً لجهة المفاوضات، حيث إنّ إقدامها على إيقافها سيجعلها متهمة أمام العالم والفلسطينيين بعرقلتها وإفشالها، وإذا استمرت فيها سيقول الإسرائيليون إنّ الضغط العسكري والميداني والاغتيالات يمكّنهم من إرباك حسابات الحركة وتحصيل إنجازات وتنازلات أكثر.
ولم يُعلَن بعد موقف حركة حماس من استمرار المفاوضات من عدمه، لكن الحركة ستدرس بالتأكيد خياراتها للرد على اغتيال رئيس مكتبها السياسي، وستضع في حساباتها كل المعطيات الداخلية والخارجية والظروف المحيطة بالحدث، والمواقف المعلنة والمخفية من وراء الحادثة. ولعل الكلام الأبرز عن المفاوضات جاء اليوم من قبل رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي قال عبر منصة إكس، إن "نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض، يدفع إلى التساؤل كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟". وأضاف "السلام الإقليمي والدولي بحاجة لشركاء جادين وموقف دولي ضد التصعيد والاستهتار بأرواح شعوب المنطقة".
وتعليقاً على هذه التطورات، يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ اغتيال هنية بمثابة "إطلاق رصاصة الرحمة على عملية المفاوضات، وهو إعلان من قبل الاحتلال للذهاب إلى مرحلة الحرب المفتوحة التي لا توجد فيها أي كوابح أو خطوط حمراء"، موضحاً أنّ "رسالة (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو من وراء الاغتيال أنه معني بالحرب وغير معني بالمفاوضات". ويشير المدهون إلى أنّ اغتيال هنية جاء في سياق سعي نتنياهو لتأجيج الصراع وزيادته، وكسب نقاط في صراعه الداخلي، ولتقديم نتنياهو بمظهر أنه "قائد كبير يحقق إنجازات كما كان يفعل القادة الذين يغتالون قادة الشعب الفلسطيني، فيعطيه الأمر قوة داخلية".
ويلفت المدهون إلى أنّ اسرائيل أعلنت أنها ترغب في حرب إقليمية، وتدفع الأطراف جميعاً إلى حرب مفتوحة، إن كان في لبنان أو إيران أو اليمن، لكن القرار حالياً "عند محور المقاومة، هل تذهب إيران للرد أم لا؟"، منبهاً إلى أنّ حيثيات الاغتيال تحتم على إيران رد اعتبارها والرد على العدوان والاغتيال. من جهته، يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي صلاح العواودة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ اغتيال هنية ليس منفصلاً عن محاولة اغتيال القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الثلاثاء، فالاحتلال انتقل لمرحلة جديدة من الحرب، وهي الحرب الشاملة والإقليمية ضد حلفاء وأنصار المقاومة، واستفاد من أخطائه في الشهور العشرة الماضية.
ويرى العواودة أنّ الاحتلال بات يدير "حرباً أكثر ذكاء بالتعاون مع كل حلفائه، وكل هدف يقوم بضربه يخبر حلفاءه بالمنطقة، من أجل الاستعداد لإمكانية الرد"، موضحاً أنه "بالنسبة لحماس، الموضوع لا يجب أن يكون مفاجئاً نهائياً، فنتنياهو منذ أشهر أعلن تعليماته لقادة المؤسسة الأمنية، الموساد والشاباك، لاغتيال قادة حماس أينما وجدوا وفي أي مكان أو أي وقت". ويلفت إلى أن الاحتلال "وجد الفرصة للاغتيال في طهران، بعد زيارة ومشاورات نتنياهو للولايات المتحدة، وهو انتقل لتوسيع الحرب بطريقة مدروسة وتعاون كامل مع حلفائه"، مشيراً إلى أنّ "الاغتيال رسالة بحرب شاملة، وأنّ إسرائيل ستطاول كل من تستطيع يدها أن تطوله من قيادات حماس وحزب الله والمقاومة والفصائل، وأسلحتهم ومعسكراتهم ومواقعهم".
وعن تأثير الاغتيال في الصفقة والمفاوضات، يشير العواودة إلى أنّ "الصفقة أساساً موضوع ثانوي وكذلك المفاوضات، وما يبرز على صعيد الكيان داخلياً هو الأسرى الإسرائيليون في غزة، في ظل وجود ضغط شعبي إسرائيلي حول الموضوع، لكن بعد انتهاء الحرب، قد يفكر الاحتلال بصفقة ما، والحرب مستمرة ولم تحقق أهدافها ولن تتوقف إلا بتحقيق ما أعلنه نتنياهو". ويوضح أنّ "حماس، في ظل الاجرام الذي يمارسه الاحتلال في قطاع غزة، لا تملك قرار وقف المفاوضات، ولا تستطيع أن تقول لا نريد أن نفاوض، فالوضع الإنساني وتطلعات الناس تفرض عليها التفاوض، حتى لو كانت هذه المفاوضات لن تؤدي إلى نتيجة بسبب سياسات الاحتلال وإجرامه، كما أنها لا تملك أن تقدم تنازلات تؤدي إلى صفقة واتفاق، فشروط الاحتلال للتوصل إلى اتفاق تتناقض تماماً مع مصالح الشعب الفلسطيني وكمّ التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني".