تتواصل المواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وعدد من الشبان الفلسطينيين، صباح اليوم الخميس، في مناطق مختلفة من الضفة الغربية والقدس المحتلة، ولا سيما في منطقة باب العامود، وذلك بعد مواجهات ليلية عمّت أنحاء القدس.
واندلعت مواجهات، الليلة الماضية، في عدد كبير من أحياء القدس المحتلة، بدءاً من محيط مخيم شعفاط وبلدة عناتا شمالي القدس، وحتى أحياء صور باهر وجبل المكبر جنوبي المدينة على طريق بيت لحم، والأحياء والبلدات الأخرى مثل الشيخ جراح ووادي الجوز وسلوان ورأس العامود والعيسوية.
وتخلل مواجهات ليلة أمس الأربعاء قذف قوات الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة والألعاب النارية، بحسب ما أفادت مواقع إسرائيلية.
وذكر موقع "معاريف" أنّ ضابطين من شرطة الاحتلال في القدس المحتلة أصيبا بجراح بعد مواجهات في قرية العيسوية في القدس، المحاذية للجامعة العبرية على جبل سكوبوس. كذلك اندلعت مواجهات عنيفة في حيّ بيت نينا شمالي القدس.
وأشار الموقع إلى أنّ شرطة الاحتلال دفعت بقوات كبيرة، واستخدمت وسائل عدة لتفريق التظاهرات وتفريق الشبان الذين خاضوا مواجهات مع قوات الاحتلال.
وجاء ذلك بالتزامن مع اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات جيش الاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، ولا سيما بعد اقتحام جيش الاحتلال مدينة نابلس بعشرات الآليات، ومواصلة حصار مخيم شعفاط ومداهمة بيوته واعتقال عدد من أقرباء منفذ عملية شعفاط، السبت الماضي، عدي التميمي.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي حصار مخيم شعفاط شمالي القدس المحتلة، بحثاً عن عدي التميمي (22 عاماً) منفذ عملية إطلاق النار على الحاجز المقام على مدخل المخيم، عدا عن استنفاره في مطاردة منفذي عملية شافيه شومرون، شمال غربيّ نابلس شمالي الضفة.
ومنذ مساء السبت، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام مخيم شعفاط وفرض حصار خانق وإغلاق شديد عليه، بحثاً عن التميمي، الذي تقول إنه نفذ عملية إطلاق نار على حاجز قرب المخيم أدت إلى مقتل مجندة وإصابة حارس أمن بجروح وصفت بالخطرة.
ويأتي هذا التصعيد على أثر عملية، الثلاثاء، قرب مستوطنة شوفي شومرون، التي أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي، وإعلان مجموعة "عرين الأسود" مسؤوليتها عن العملية.
وتعطلت الدراسة اليوم الخميس، وللمرة الثانية على التوالي، في معظم مدارس القدس المحتلة، كما شل الإضراب مرافق عديدة استجابة للنداء الذي أطلقه المحاصرون منذ ستة أيام، وسط دعوات إلى تنظيم المزيد من فعاليات الدعم والإسناد.
وذكرت الشرطة الإسرائيلية أنها اعتقلت 7 فلسطينيين على الأقل من مناطق متفرقة من مدينة القدس، من قرية العيسوية وبيت حنينا وحيّ الطور، فيما أكدت مصادر محلية أنّ قوات الاحتلال شنّت حملة اعتقالات واسعة طاولت نحو 20 شاباً، تركزت في مخيمي شعفاط وقلنديا وفي بلدتي العيسوية وعناتا، حيث تحولت تلك المناطق إلى ما يشبه ساحة حرب بفعل المواجهات التي اندلعت فيها.
من جهته، قال موقع صحيفة "هآرتس" إنه رصد مشاركة مئات الفلسطينيين في المواجهات وأعمال رشق جيش الاحتلال بالحجارة وإشعال الإطارات المطاطية، في مناطق مختلفة من مدينة القدس، مشيراً إلى أنّ قوات الاحتلال استخدمت القنابل الصوتية والقنابل الدخانية في تفريق من وصفتهم بـ"المتظاهرين".
وقالت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، صباح اليوم الخميس، إنّ قوات الاحتلال حشدت أكثر من عشر سرايا من قوات حرس الحدود المعروفة بوحشيتها في قمع الاحتجاجات، إضافة إلى إرسال تعزيزات من قوات جيش الاحتلال على ضوء الاستعدادات ليوم غضب غداً الجمعة، كانت القوى الوطنية والإسلامية في القدس قد أعلنت عنه.
كما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية، صباح اليوم الخميس، أنّ الاحتلال أبقى على حالة التأهب والاستنفار في مختلف أنحاء الضفة الغربية، ولا سيما استمرار الحصار المفروض على مدينة نابلس منذ يوم أمس الأربعاء، مع اقتحام عشرات الآليات المدينة لتأمين صلاة المستوطنين في قبر يوسف.
مستوطنون يقتحمون الأقصى
إلى ذلك، استأنف المستوطنون اقتحاماتهم المسجد الأقصى في القدس المحتلة صباح اليوم الخميس.
وكان نحو 1033 مستوطناً قد اقتحموا المسجد يوم أمس الأربعاء، ليرتفع عدد المقتحمين في غضون احتفالات "عيد العرش" على مدى الأيام الثلاثة الماضية إلى أكثر من 3 آلاف مستوطن.
واعتقلت شرطة الاحتلال، صباح اليوم، فتاة من داخل ساحات الأقصى واقتادتها إلى أحد مراكزها خارج ساحات المسجد.
مخاوف من فقدان السيطرة
من جهة أخرى، أفادت الإذاعة الإسرائيلية، صباح اليوم الخميس، بأنّ وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، سيجري مشاورات مع قيادة الشرطة وحرس الحدود، لتقدير الموقف بما يتعلق باشتعال الأوضاع في القدس على وجه التحديد، حيث ينتظر أن يشارك في المشاورات أيضاً القائد العام للشرطة الإسرائيلية يعقوب شبتاي، وقائد شرطة الاحتلال في القدس المحتلة، دورون ترجمان، وقيادات جهاز الأمن العام "الشاباك".
وأشارت تقارير إسرائيلية إلى تصاعد المخاوف في الأجهزة الأمنية والعسكرية للاحتلال من فقدان السيطرة على الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة ككل وفي مدينة القدس على وجه الخصوص، ولا سيما بعد أن امتدت عمليات المداهمة جراء إطلاق النار من محافظة جنين، شماليّ الضفة الغربية، إلى محافظة نابلس ووصولها إلى حاجز شعفاط شماليّ القدس المحتلة.
وترصد قوات الاحتلال وأجهزتها تنامي أعداد مجموعات المقاومة المختلفة في الضفة الغربية، بدءاً من ظهور "كتيبة جنين"، ومروراً بـ"عرين الأسود" في نابلس.
ويحاول الاحتلال وأجهزته باستمرار رسم ملف لهذه المجموعات وأفرادها، بعد أن حاول في البداية وصفها بـ"مجموعات تك توك"، ولا سيما مجموعة الشهيد إبراهيم النابلسي التي تمكّن الاحتلال من تصفية ثلاثة من أفرادها في فبراير/ شباط في عملية خاصة بقلب نابلس، ثم اغتيال النابلسي، في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد قصف بيت في مدينة نابلس بصواريخ "لاو".
وتراجع الاحتلال عن تصوراته حول هذه المجموعة، إذ بدأ الاحتلال يتحدث، أمس الأربعاء، في تقارير إعلامية لمراسليه العسكريين، عن وجود عشرات الأفراد في مجموعة "عرين الأسود" الذين تراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة، مع التأكيد أنّ هذه الفئة العمرية تلقى تشجيعاً شعبياً وتسعى في انخراطها العابر للفصائل، وحتى عدم وجود تنظيم رسمي لأفرادها، لمواجهة الاحتلال والسعي لهذه المواجهة مع عناصره ومستوطنيه.
وفي هذا السياق، تأخذ هذه المحاولات لرسم ملف هذه المجموعات، بالحسبان حقيقة تصاعد وتنامي عمليات إطلاق النار في محاور الطرق في الضفة الغربية، سواء استهدفت هذه العمليات جنود الاحتلال ومركباته أو مركبات مستوطنيه على الطرق الالتفافية والطرق العادية في الضفة الغربية المحتلة، التي تربط بين شبكة مستوطنات الاحتلال مع البلدات الفلسطينية في الضفة.
وبحسب ما أشارت إليه المراسلة العسكرية لهيئة الإذاعة الإسرائيلية، كرميلا منشيه، فإنّ الاحتلال يتحسّب من فقدان السيطرة الأمنية على نطاق واسع، ولا سيما مع استمرار ما يقول الاحتلال إنه "تحريض" من "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بينما لم يعد الاحتلال يشير إلى تراجع نشاط وهيبة السلطة الفلسطينية، وعدم اتجاهها لتعزيز التنسيق الأمني، أو كبح نشاط المجموعات العسكرية المختلفة في الضفة، وخصوصاً بعد ما شهدته نابلس قبل نحو ثلاثة أسابيع.
وتشير الدلائل الميدانية، ولا سيما اشتعال الأوضاع في القدس المحتلة الليلة الماضية، واستمرار حصار مخيم شعفاط، وفشل الاحتلال في اعتقال منفذ عملية حاجز شعفاط، عدي التميمي، واستمرار محاولاته لمعرفة والكشف عن هوية منفذ عملية إطلاق النار قرب دير شرف على طريق نابلس، إلى احتمالات تصعيد إسرائيلي وحشي إضافي في الضفة الغربية، والدفع بقوات إضافية خاصة، بعد أن أشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى اتجاه الجيش وحرس الحدود للدفع بأربع كتائب إضافية من قوات الاحتياط إلى محيط القدس، تبعاً لما ستتمخض عنه اليوم المشاورات الأمنية.