استطلاع يظهر تحفظ الأوروبيين على مساندة واشنطن عسكرياً في تايوان ودعم عقوبات على بكين

07 يونيو 2023
تأييد أوروبي واضح لمساعي الغرب في مواجهة روسيا في أوكرانيا (Getty)
+ الخط -

رغم أن الحرب في أوكرانيا قرّبت بعض المجتمعات الأوروبية أكثر من الولايات المتحدة الأميركية، فإنه في مسألة مواجهة واشنطن المحتملة مع بكين، وتحديداً فيما يتعلق بتايوان، تبدي مجتمعات أوروبية تحفظاً واضحاً على المساهمة الأوروبية التلقائية إلى جانب حليفها الأميركي، لكن ذلك لا يمنع من فرض عقوبات على بكين وموسكو لموقفهما من تايوان وأوكرانيا.

وبحسب ما يوضح استطلاع شامل نُشرت نتائجه اليوم الأربعاء، عن مركز أبحاث "المجلس الأوروبي حول العلاقات الخارجية (ECFR)"، فإن التقارب الدفاعي بين القارة الأوروبية وواشنطن قد يكون خبراً جيّداً للأخيرة. فقد انتقلت مجتمعات أوروبية إلى تأييد واضح لمساعي الغرب في مواجهة روسيا في أوكرانيا، وبزيادة ملحوظة باعتبار واشنطن حليفاً استراتيجياً وضرورياً.

فعلى سبيل المثال بات ما يقرب من 54 في المائة من الشارع الدنماركي يؤيد التحالف الوثيق مع الضفة الأخرى من التحالف عبر الأطلسي، بينما لم تحظ واشنطن قبل عامين سوى بنسبة 35 في المائة على مستوى التحالف الاستراتيجي الوثيق.

وفي إبريل/ نيسان الماضي، أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن ضرورة "الاستقلال الأوروبي" عن واشنطن زوبعةً في أوروبا. ومع النتائج التي نُشرت اليوم يبدو أن الشوارع الأوروبية تأخذ نفس مسار ماكرون في ما يخص الصين.

وعلى الرغم من أن نسبة من يعتقدون بأن أوروبا عليها ألا تعتمد دائماً على واشنطن في الدفاع عن نفسها تراجعت من 74 في المائة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى 66 في المائة مع جو بايدن، إلا أنه من الواضح أن الخبر السيئ لواشنطن هو عدم حماسة الرأي العام في القارة العجوز لدعم شريكهم الأميركي عسكرياً، إذا ما حصلت المواجهة على تايوان.

ففي المتوسط يذهب فقط نحو 23 في المائة من الأوروبيين المستطلعين إلى دعم واشنطن بحال اندلع نزاع عسكري مع الصين، وفي المقابل يؤيد 62 في المائة البقاء على الحياد. ومن الواضح أن تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا قبل أكثر من 15 شهراً يؤثر على المجتمعات التي على تماس مع موسكو، لعلاقة جيدة بواشنطن.

فعلى سبيل المثال سجّلت في بولندا 31 في المائة رغبة في دعم أميركا عسكرياً في مواجهة مع الصين، بينما ارتفعت النسبة إلى 35 في المائة لدى السويديين، الذين باتوا يؤيدون انضمام بلدهم إلى حلف شمال الأطلسي وإنهاء 200 عام من الحياد بين الأحلاف. وبينما تراوحت نسب تأييد واشنطن في ألمانيا وإسبانيا وفرنسا بين 23 و24 في المائة سجّل الشارع الإيطالي تأييداً متراجعاً بواقع 18 في المائة، وأدنى نسبة تأييد لواشنطن سجلتها النمسا وبلجيكا بـ9 و8 في المائة، ورغبة قوية في البقاء على الحياد.

واشنطن "حليف ضروري"

عدم رغبة الأوروبيين في الانخراط في المواجهة المحتملة بين الصين وأميركا لا يعني أن الأوروبيين ليسوا مؤيّدين لحليفهم طويل الأمد، على مدار أكثر من ثلاثة أرباع القرن منذ الحرب العالمية الثانية.

ففي الأرقام يبدو أن واشنطن اعتبرت "حليفاً يشاركنا مصالحنا وقيمنا" و"حليفاً ضرورياً يجب أن نتعاون معه استراتيجيّاً"، وبواقع 32 في المائة للأولى و43 للثانية، في المتوسط، وذلك إذا جُمع يؤدي إلى ما لا يقل عن 75 في المائة في المتوسط ممن يحافظون على نظرتهم التي ترى في واشنطن حليفاً.

بالطبع، ولأسباب تاريخية وعلاقات معقّدة ومتشعبة، احتلت أميركا مكانة متقدمة في كل من الدنمارك وبولندا بأكثر من 50 في المائة "كحليف" يشارك أوروبا مصالحها، وإذا جُمعت الأرقام بالنسبة لشقي مفهوم التحالف فهي لا تقل عن 80 في المائة، وهي ذات النسبة في دول مثل هولندا والسويد، بينما تتراجع في ألمانيا إلى 69 في المائة، وتسجل أدنى نسبة في إيطاليا وبلجيكا، بواقع 17 في المائة و13 في المائة. وفي البلدين يلاحظ أن نحو 42 في المائة من الشارع الإيطالي يرون أميركا حليفاً "ضرورياً"، بينما البلجيكيون بنسبة 40 في المائة.

مستقبل العلاقة مع روسيا

في مسألة أخرى حساسة للأوروبيين ومستقبل العلاقة مع روسيا يكشف الاستطلاع عدم رغبة الأوروبيين في توثيق العلاقة بموسكو أو العودة بها إلى ما قبل غزو أوكرانيا. ففي المتوسط يرغب 48 في المائة بعلاقات مقيّدة ومتدنية بموسكو في فترة "ما بعد الحرب" أو "التوصل إلى اتفاق سلام". وفي المتوسط يطالب نحو 18 في المائة بقطع العلاقات تماماً، وبالطبع أكبر نسب سجّلتها الدول نفسها التي على تماس وتعيش خوفاً من روسيا، مثل بولندا والسويد والدنمارك، بما يشكل نمطاً واضحاّ في أن المواقف تحددها مستويات التماس والخوف من مشاريع روسيا، التي خضعت لضخ إعلامي وسياسي كبيرين على مدار عامين ماضيين، وخصوصاً مع الحديث عن حشود عسكرية روسية على حدود أوكرانيا.

في المجمل، يبدو أن الاستطلاع الشامل، وفقاً لباحثين عقّبوا على نتائجه، سيفرض على السياسيين الأوروبيين والأميركيين "العمل أكثر" لأجل تهيئة الشوارع الأوروبية لإمكانية انخراط بعض دول القارة في مواجهة محتملة مع الصين في بحر الصين الجنوبي. فنسبة كبيرة من الأوروبيين تفضّل "فرض عقوبات" على بكين في حال أقدمت على غزو تايوان. وترفض نسبة لا بأس بها منع الشركات الصينية من تملك شركات أوروبية حساسة، أو الدخول إلى مشاريع البنى التحتية المهمة، بواقع 65 في المائة في المتوسط. ويطالب 41 في المائة بفرض عقوبات مشدّدة على بكين في حال قدمت السلاح إلى روسيا، حتى وإن أثرت على الاقتصاد الأوروبي.

المساهمون