تستعد العديد من الشخصيات السياسية الليبية لعقد اجتماعين منفصلين، اليوم الأحد، برعاية أممية وإيطالية بهدف تقريب وجهات النظر المختلفة حول المسار الدستوري والقانوني للانتخابات.
وفيما يستأنف أعضاء لجنة التوافقات في ملتقى الحوار السياسي، المؤلفة من 13 عضواً، اجتماعهم اليوم الأحد، عبر تقنية "الزوم" وبرعاية البعثة الأممية، بعد أن قرروا الأسبوع الماضي تأجيله إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى، تستضيف روما اجتماعاً منفصلاً يجمع عدد من الشخصيات في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتقريب وجهات النظر الخلافية بشأن الإطار القانوني والدستوري للانتخابات.
ووفقاً لمصادر ليبية من طرابلس وطبرق، فإن روما سعت إلى توجيه دعوة لممثلين عن المجلس الأعلى للدولة للانضمام إلى المحادثات، موضحة أن رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، الذي سيشارك في المحادثات، سيطرح رؤية خاصة بالمفوضية تتضمن حلولاً لتجاوز العراقيل التي تواجه المسار الانتخابي.
وأضافت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن دعوة المجلس الأعلى جاءت بعد بيانه الذي استبق فيه المحادثات في روما، وألمح خلاله لرفضه نتائجها، واصفاً إياها بـ"التصرف الأحادي".
وأكد المجلس الأعلى، في بيان له الخميس الماضي، أن إقرار قانون الانتخابات اختصاص مشترك بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة طبقًا لنصوص الإعلان الدستوري، وأن دور المفوضية العليا للانتخابات والبعثة الأممية استشاري وفني فقط.
ولا يُعرف حتى الآن ما إذا كان رئيس المجلس خالد المشري سيشارك في المحادثات في روما، لكن المصادر أكدت أن وفداً مكوناً من خمس شخصيات من المجلس غادر إلى العاصمة الإيطالية، فيما وصل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، برفقة وفد اللجنة البرلمانية لصياغة قانون الانتخابات، مساء أمس السبت إليها.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية "نوفا" عن مصادرها، الخميس الماضي، أن المحادثات، التي ستبدأ اليوم الأحد في روما بين رئيس مفوضية الانتخابات واللجنة البرلمانية لصياغة قانون الانتخابات، ربما تستمر عدة أيام لـ"إنقاذ الانتخابات الليبية".
كما أكدت المصادر ذاتها أن محادثات لجنة التوافقات لملتقى الحوار ستستمر هي الأخرى لأكثر من يوم، مشيرة إلى أن البعثة الأممية أبلغت أعضاء اللجنة بضرورة استبعاد مقترح تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، بسبب التوافق المحلي والدولي حول الموعد.
ويعول الباحث الليبي في الشأن السياسي، بلقاسم كشادة، على إمكانية نجاح محادثات روما، كونها تجمع قطبي الصراع الحاصل في البلاد، وهما مجلسا النواب والدولة، كأقصر طريق لحل كامل الخلافات داخل ملتقى الحوار، مشيراً إلى أن أساس الخلاف يتمحور حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.
ولم يعلن أي من مجلس النواب أو مجلس الدولة، علاوة على المفوضية العليا، عن الاجتماع المقرر أن يبدأ اليوم الأحد في روما، لكن كشادة يرى أن مقترح رئيس المفوضية عماد السائح، الذي تقدم به إلى مجلس النواب بشأن إعادة توزيع الدوائر الانتخابية في البلاد وأثار جدلاً واسعاً بعد أن سربته وسائل إعلام ليبية، يمكن أن يكشف عن جانب من أجندة محادثات روما.
ويوضح كشادة رأيه بالقول لـ"العربي الجديد" إن "الخلافات بين مجلسي الدولة والنواب تتركز حول شروط الترشح لمنصب الرئيس وكيفية انتخابه، ومقترح توزيع الدوائر الانتخابية على صلة بهذا الخلاف"، رغم الميل الواضح لرئيس المفوضية لسياسات ومصالح مجلس النواب.
ويرى الباحث الليبي أن "مقترح المفوضية حول إعادة توزيع الدوائر يمكن أن يحقق توازناً سكانياً يبعد تأثير الأطراف السياسية على المناطق الانتخابية، إذا تخلص من تبعات المصالح الضيقة.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش قد أكد، خلال إحاطته الأخيرة لأعضاء مجلس الأمن الدولي، وجود "كتل ومجموعات ذات مصالح وانتماءات مختلفة داخل الملتقى"، ساهمت في إخفاق الملتقى في التوصل إلى توافق حول الأساس الدستوري والقانوني للانتخابات، موضحاً أن هذه القوى "تستخدم تكتيكات مختلفة، وغالباً ما تقدم حججا مشروعة، والنتيجة واحدة، وهي عرقلة الانتخابات".
وعلى الرغم من مشاركة رئيس المفوضية العليا عماد السائح في اجتماع روما الحالي، إلا أنه عبّر في كثير من المواقف والتصريحات عن مخاوفه من عرقلة المسار الانتخابي عن الوصول إلى موعده المقرر في ديسمبر/كانون الثاني المقبل، آخرها تصريحاته عبر برنامج "كلوب هاوس"، الأسبوع ما قبل الماضي، والتي أكد فيها أنه "لا توجد مؤشرات على تقديم قاعدة دستورية في الأول من أغسطس/آب"، وهو الموعد الذي شددت قرارات مجلس الأمن على ضرورة أن تلتزم به المكونات السياسية الليبية لتوضيح الأسس القانونية والدستورية للانتخابات.
وحذر السائح، في التصريحات ذاتها، من أن تجاوز الأول من أغسطس/آب من دون التوافق على الأسس الدستورية والقانونية يعني أن المفوضية العليا لن تتمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، بل ستقتصر على إجراء الانتخابات البرلمانية فقط، وتأجيل الرئاسية إلى أجل مفتوح.
ومن المقرر أن تقفل المفوضية العليا باب التسجيل في منظومة السجل الانتخابي في 31 من الشهر الجاري. وفي آخر إعلاناتها، قالت إن العدد الإجمالي للمسجلين في المنظومة بلغ أكثر من مليونين ونصف المليون مواطن.