إيران: واشنطن لا تريد إلغاء "جزء مهم" من العقوبات وأطلعنا السعودية على المفاوضات النووية
أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الأحد، أن "مشكلة المفاوضات النووية تكمن في اللعبة التي تمارسها أميركا"، قائلاً إنها "لم تتخذ أي إجراء عملي في سبيل إلغاء العقوبات"، وكاشفاً في الوقت نفسه عن أن إيران أطلعت السعودية على تفاصيل المفاوضات بشأن الاتفاق النووي أخيراً.
وأضاف عبد اللهيان، في مقابلة مع صحيفة "إيران" الرسمية، أن "لدينا شكوكاً جادة في نية الأميركيين" العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات، مؤكداً أن "السلوك الأميركي لا يتوافق مع أقوالهم، والرسائل التي يرسلونها عبر مختلف القنوات الدبلوماسية".
وأوضح أن النصوص التي كان يقدمها المبعوث الأميركي بشأن إيران روبرت مالي، خلال الجولات الست لمفاوضات فيينا المتعثرة راهناً "أحدثت تعقيدات عملية تتعارض مع ما تزعمه أميركا علناً"، لافتاً إلى أنها تريد "الاحتفاظ بجزء مهم من العقوبات التي فرضها (الرئيس السابق) دونالد ترامب، بحجة أن هذه العقوبات لا علاقة لها بالموضوع النووي، لكننا لن نقبل بذلك".
وفي معرض رده على سؤال عمّا إذا كانت هناك عقبات داخلية أمام مفاوضات فيينا، قال وزير الخارجية الإيراني إنه "لا توجد أي عقبة. البعض يمكن أن يتصوّر أن طريقة تعاطي الفريق الجديد مع المفاوضات سيقودها إلى مأزق، لكن هذا ليس صحيحاً. فالفريق الذي من المقرر أن يتولى المهمة لديه رؤية منفتحة".
يشار إلى أن نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، الذي يتوقع أن يقود فريق إيران التفاوضي خلال مباحثات فيينا، من أشرس المعارضين للاتفاق النووي، وسبق أن أعلن رفضه له، وهو ما أثار تساؤلات عمّا إذا كان هذا الفريق سيبدي حرصاً على إنجاح المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي.
أسهل طريق للمفاوضات هي العودة من النقطة التي خرج منها ترامب
وعن آفاق مفاوضات فيينا، دعا حسين أمير عبد اللهيان إلى التريث لرؤية ما سيحدث خلال المفاوضات وسلوك الأطراف الأوروبية فيها، "لكن حتى الآن، المشكلة الكبرى تتمثل في أن الأميركيين لم يظهروا لنا أن لديهم نية جادة للعودة إلى الاتفاق النووي، وخاصة إلغاء العقوبات".
وبشأن ما يتوقعه الإيرانيون لقياس مدى جدّية الأميركيين وحسن النية لديهم، أشار إلى أنه خلال حديثه مع الأوروبيين، طلب أن تفرج الولايات المتحدة عن 10 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج لـ"إثبات حسن النية".
وأضاف الوزير الإيراني أن ما يهم إيران هو "كيفية التفاوض والنقطة التي ستستأنف منها المفاوضات"، مشيراً إلى أنه أبلغ الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) ومفوّض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أن "أسهل طريق للمفاوضات هو العودة من النقطة التي خرج منها ترامب من الاتفاق النووي"، مضيفاً أن إحياء الاتفاق النووي "لا يحتاج إلى كل هذا التفاوض، فلو كانت لدى أميركا إرادة جادة، لعادت إليه بأمر تنفيذي من الرئيس الأميركي" جو بايدن.
وأكد عبد اللهيان وجود قرار إيراني بعدم استئناف مفاوضات فيينا من "نطقة الانسداد"، عازياً المباحثات مع الاتحاد الأوروبي إلى سياسة الحكومة الإيرانية الجديدة للتمهيد للمفاوضات بغية تحقيق "نتائج ملموسة وأفضل".
وأوضح أن إحدى القضايا التي وضعت المفاوضات السابقة أمام مأزق، هي الرفض الأميركي لإجراء إيران صفقات بيع الأسلحة وشرائها، بينما ينص القرار 2231، المكمل للاتفاق النووي، على انتهاء الحظر التسليحي اعتباراً من 18 أكتوبر/تشرین الأول 2020.
إيران: أطلعنا السعودية على المفاوضات النووية
وعلى صعيد آخر، أكد حسين أمير عبد اللهيان "ضرورة إطلاع دول المنطقة على تفاصيل المفاوضات النووية"، قائلاً إن أعضاء فريق إيران التفاوضي سيطلعون "الجيران واللاعبين المؤثرين" في المنطقة على مسار المفاوضات.
وفي السياق، كشف عن أنه خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، طلب منه أن يبلغ الدول التي قطعت علاقاتها مع إيران "مواقفنا بشأن المفاوضات النووية، وأن تُوضع هذه الدول في صورة المفاوضات"، عازياً الهدف من ذلك إلى وجوب أن "تعلم هذه الدول أن الاتفاق النووي ليس ضد المنطقة أو أي من الجيران".
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن زيارة نائبه للشؤون السياسية علي باقري كني، أخيراً، إلى دول خليجية، وإجراءه "لقاءات مكثفة"، جاءا لشرح مواقف إيران وتفاصيل المفاوضات.
يشار إلى أن إيران سبق أن رفضت انضمام السعودية ومجلس التعاون الخليجي إلى مباحثات فيينا بعد أن طلبت الرياض ذلك.
وكشف حسين أمير عبد اللهيان عن زيارته المرتقبة لدول إقليمية، من دون تسميتها، قائلاً إنه سيطلع خلال الجولة "الجيران وأصدقاءنا على المفاوضات النووية"، مؤكداً أنه "لن نسكت أمام الأميركيين الساعين إلى إشاعة إيرانوفوبيا في المنطقة من خلال ضخ معلومات خاطئة".
إيران: السعودية غير مستعدة لاستئناف العلاقات الثنائية
وفي إشارة إلى الحوارات الإيرانية السعودية في بغداد، قال عبد اللهيان إن السعودية "تتحرك بالتدرج وببطء، لكنهم، بسبب هيكلية السلطة لديهم، يمكن أن يتخذوا قراراً مفاجئاً على المستويات العالية، ليؤدي ذلك إلى انفراجة سريعة في العلاقات".
ولمّح إلى أن السعودية "غير مستعدة لاستئناف العلاقات الثنائية"، إذ قال إن "السعوديين يحتاجون إلى المزيد من الوقت والاستعداد، ونحن فتحنا أمامهم الطريق للعودة إلى العلاقات الطبيعية مع إيران وقتما شاؤوا"، مؤكداً أن الحوارات الراهنة مع الرياض "إيجابية وتمضي إلى الأمام".
من جهته، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة حصول "اتفاقات أولية" مع السعودية خلال أربع جولات من الحوارات بين البلدين في بغداد، غير أنه قال في الوقت ذاته إن "هناك مسافة حتى إعادة فتح السفارات".
وأضاف خطيب زادة، في حديث لوكالة "مهر" للأنباء الإيرانية شبه الرسمية، اليوم الأحد، أن "الاتصالات وتبادل الرسائل بين إيران والسعودية مستمران ولم ينقطعا"، قائلاً: "إننا ننتظر إكمال الاتفاقات الأولية".
وعن موعد استئناف العلاقات وإعادة فتح السفارات، قال: "يمكن أن يكون قريباً".
وانطلق الحوار بين إيران والسعودية في إبريل/نيسان الماضي في بغداد، بعد أن تكللت جهود الحكومة العراقية بالنجاح لجمع الطرفين على طاولة واحدة. وعقدت طهران والرياض حتى الآن أربع جولات، ثلاث منها في عهد الحكومة الإيرانية السابقة، والجولة الرابعة هي الأولى في عهد حكومة الرئيس الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي، الذي تسلم الرئاسة الإيرانية مطلع أغسطس/آب الماضي.