أظهرت النتائج النهائية لإعادة فرز الأصوات في ولاية جورجيا الأميركية، الخميس، احتفاظ المرشح الديمقراطي جو بايدن بتقدمه على منافسه دونالد ترامب، وفيما يصرّ الأخير على رفض الاعتراف بالخسارة، ملمحاً إلى تغيير في التكتيك وعينه تتجه نحو ميشيغن، حذر بايدن من "رسالة مروعة إلى العالم".
وقال وزير شؤون الولاية براد رافنسبرغر، في بيان أوردته وكالة "فرانس برس"، إن "المراجعة أكدت أن العدّ الآلي الأصلي يجسد بدقة الفائز في الانتخابات".
وبهذا يصبح بايدن رسمياً أول مرشح ديمقراطي يفوز في الانتخابات الرئاسية في هذه الولاية الجنوبية منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، على الرّغم من مزاعم منافسه الجمهوري الخاسر، دونالد ترامب، بأن الانتخابات شابتها عمليات تزوير واسعة النطاق.
ووفقاً للنتائج، فإن بايدن تقدم على ترامب في ولاية جورجيا بفارق 12,284 صوتاً، محرزاً نسبة 49.5 في المائة من الأصوات مقابل 49.3 في المائة لترامب.
وللولاية 16 مقعداً من مجموع مقاعد المجمع الانتخابي الـ538.
وقالت جاكلين روتنبرغ، المتحدثة باسم حملة بايدن، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى وكالة "أسوشييتد برس"، إن "عملية إعادة الفرز ببساطة أعادت تأكيد ما كنا نعرفه بالفعل: اختار الناخبون في جورجيا جو بايدن ليكون رئيسهم المقبل".
وأضافت: "نحن ممتنّون لمسؤولي الانتخابات والمتطوعين والعاملين على العمل الإضافي وفي ظل ظروف غير مسبوقة لإتمام عملية إعادة الفرز هذه، كأقصى شكل من أشكال الخدمة العامة".
وحصل بايدن على ما مجموعه 306 مقاعد من مقاعد المجمع الانتخابي، ما يؤهله للفوز برئاسة البيت الأبيض.
ترامب يرفض الهزيمة
وما زال ترامب يرفض الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، ما يعرقل الانتقال السلس إلى إدارة جديدة.
وكانت حملة ترامب قد رفعت دعاوى قضائية في عدد من الولايات الأخرى، بما في ذلك ميشيغن، من دون تحقيق أي نجاح يذكر حتى الآن، ورُفضت هذه الدعاوى من قبل حملة بايدن، وتمّ اعتبارها "مسرحية" لا تستند إلى أسس قانونية سليمة.
كذلك انسحب العديد من مكاتب المحاماة البارزة من عملية التقاضي، تاركة المحامي الشخصي لترامب رودي جولياني يقود تلك الجهود.
ويقول مسؤولون في لجان الانتخابات وخبراء أجانب إن ادعاءات ترامب بأن الانتخابات سُرقت منه بسبب تزوير الناخبين على نطاق واسع لا أساس لها في الواقع.
وواصل ترامب، صباح الأربعاء، مهاجمة نزاهة نظام الانتخابات الأميركية على تويتر، مركّزاً غضبه على إعادة فرز الأصوات الجارية في جورجيا.
وقال ترامب في تغريدة إن "إعادة فرز الأصوات في جورجيا "نكتة" وأُجرِيَت بسبب الاحتجاج"، في إشارة إلى حالتين وُجد فيهما أنه لم يجرِ تضمين 5000 صوت في عملية الفرز الرئيسة في جورجيا.
كذلك دعا نواب الكونغرس إلى البيت الأبيض، ملمحاً إلى تغيير محتمل في التكتيكات التي سيعتمدها في المرحلة المقبلة.
وقد طُلبت من المشرعين الجمهوريين في ميشيغن مقابلته في البيت الأبيض يوم الجمعة.
في المقابل، استنكر بايدن رفض ترامب قبول الهزيمة في الانتخابات الرئاسية، قائلاً إنّ ذلك يبعث للعالم "رسالة مروعة عمّن قد نكونه كدولة".
وقال بايدن، بحسب موقع "بي بي سي"، إنه واثق من أنّ ترامب يعلم أنه لن يفوز وأنه أظهر "قدراً لا يصدّق من عدم المسؤولية".
وتابع: "من الصعب أن نفهم كيف يفكر هذا الرجل"، مضيفاً: "ما يفعله أمر شائن". وعن نتيجة الانتخابات قال بايدن: "الغالبية العظمى من الناس تعتقد أنها شرعية".
استراتيجية ترامب
على الرغم من أنّ ترامب يواصل الضغط مستخدماً الطعون القانونية، إلا أنها لم تحقق أي نجاح تقريباً حتى الآن.
وتقول وسائل الإعلام الأميركية إنّ الرئيس قد يحاول الاستعانة بالمشرعين الجمهوريين في الولايات التي يحتاج إلى تغيير نتائجها؛ ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا على سبيل المثال، لاستهداف نظام المجمع الانتخابي.
وكتب ترامب في تغريدة على "تويتر"، منذ قليل، يقول: "انظر إلى هذا في ميشيغن! بعد يوم من الانتخابات، حصل بايدن على 134.886 صوتاً في الساعة 6:31 صباحاً!". وأرفق ذلك برسم بياني.
Look at this in Michigan! A day AFTER the election, Biden receives a dump of 134,886 votes at 6:31AM! https://t.co/CTDaWTNs29 pic.twitter.com/nSmc2olraF
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) November 20, 2020
الولايات المتحدة هي جمهورية ديمقراطية، والرئيس لا يفوز بالتصويت الشعبي، ولكنه يحتاج بدلاً من ذلك إلى أغلبية "الناخبين"، الذين يتم تعيينهم عن كل ولاية وفقاً لتمثيلها في الكونغرس.
وتحدد كل ولاية هؤلاء عادةً وفقاً لمن فاز في التصويت الشعبي فيها.
لكنّ القانون الفيدرالي ينصّ على أن المشرعين في مجلس الولاية يتمتعون بسلطة تعيين الناخبين إذا فشلت الولاية في اتخاذ قرار.
وقد يبدو هذا بعيد المنال، لأنه من الصعب للغاية إثباته، ولم يظهر أي دليل على وجود تزوير انتخابي، ومن المحتمل أن يؤدي حرمان تمثيل ملايين الناخبين إلى إثارة احتجاجات وطنية.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع على استراتيجية ترامب قوله إنها أصبحت الآن "تصب أكثر نحو إشراك المشرعين".
لكن حتى أحد نواب ميشيغن الذين ذهبوا إلى البيت الأبيض، مايك شيركي، قال في وقت سابق من هذا الأسبوع إن تعيين الهيئة التشريعية للناخبين "لن يحدث".
وفي مؤتمر صحافي يوم الخميس، قال محامي الرئيس الأميركي، رودي جولياني، إنه يعتزم رفع المزيد من الدعاوى القضائية وإن الديمقراطيين تورطوا في "مؤامرة على مستوى البلاد" للتلاعب بإجمالي الأصوات، رغم أنه اعترف بأنه ليس لديه أي دليل.
وقال جولياني، بحسب ما نقلته "رويترز"، "لا يمكننا السماح لهؤلاء المحتالين - لأن هذا ما هم عليه - بسرقة هذه الانتخابات. لقد انتخبوا دونالد ترامب. ولم ينتخبوا جو بايدن".
ويقول منتقدون إن رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة له تداعيات خطيرة على الأمن.
ولا يتلقّى بايدن معلومات المخابرات السرية المفترض أن يحصل عليها رئيس منتخب، ولم يتلق فريقه الانتقالي التمويل أو المساحات المكتبية أو الإفادات من المسؤولين الحكوميين الحاليين التي تُمنح عادة للإدارة المقبلة.
وحذّر من أن التأخير قد يتسبب في وفيات إضافية مع ارتفاع الوباء إلى مستويات قياسية في جميع أنحاء البلاد.
وقال في مسقط رأسه ويلمنغتون بولاية ديلاوير "لا يوجد عذر لعدم إطلاعنا على البيانات ولنبدأ التخطيط، لأن الأمر سيستغرق منا بعض الوقت إذا لم نستطع الوصول إلى كل هذه البيانات. سيؤخرنا ذلك شهراً أو أكثر، وهذه أرواح".
وركز نائب الرئيس السابق على إعداد إدارته المقبلة وتسمية كبار الموظفين والحصول على إفادات من مستشاريه. وقال يوم الخميس إنه اختار وزيراً للخزانة وسيعلن عن اختياره في وقت قريب؛ ربما الأسبوع المقبل.
وبعث الزعماء الديمقراطيون في الكونغرس برسالة أمس الخميس إلى إميلي ميرفي، المسؤولة بالإدارة المكلفة بالإفراج عن الأموال الخاصة بفترة الانتقال الرئاسي، يطالبونها فيها بشرح سبب عدم اعترافها ببايدن كرئيس منتخب.
وقال مسؤول كبير في حملة ترامب إن جزءاً من المساعي الجديدة التي تبذلها الحملة يتضمن محاولة تأخير التصديق على فوز بايدن.