تواصل إسرائيل حملتها الدبلوماسية المصحوبة بتهديدات باللجوء إلى خيار عسكري ضد إيران، مع ما تسميه بفشل محادثات الجولة الأولى في فيينا التي انتهت الخميس الماضي، داعية الدول المفاوضة إلى التشدد في مواقفها وفرض عقوبات إلى جانب إخراج اليورانيوم المخصب من إيران.
وبحسب مصادر إسرائيلية مختلفة، أمس الأحد، فقد وجدت إسرائيل فرصة تعتبرها "مؤاتية" للتأثير على الموقف الأميركي في الجولة القادمة من المباحثات، في وقت ترى أن أوروبا، ولا سيما فرنسا وبريطانيا، باتتا أقرب إلى الموقف الإسرائيلي الداعي للتشدد في المفاوضات النووية.
رئيس الموساد في واشنطن
ويصل رئيس الموساد الإسرائيلي دافيد برنيع، اليوم الاثنين، إلى واشنطن لإجراء مفاوضات مع المسؤولين في الولايات المتحدة، والتمهيد لزيارة وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس، الذي يفترض فيه أن يصل إلى واشنطن الأربعاء من هذا الأسبوع.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة أن برنيع سيطلع الجانب الأميركي على معلومات استخباراتية جديدة بشأن تقدم المشروع النووي الإيراني.
وسرعان ما انهار الخط الإسرائيلي المتشدد المصحوب بالتهديدات، بعد تأكيد رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود باراك، في مقالة مطولة نشرها أمس في "يديعوت أحرونوت"، عدم وجود خيار عسكري جاهز ضد إيران، الأمر الذي أكده قبله رئيس الموساد الأسبق تامير باردو.
اتفاق جديد
وفي الشأن، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" النقاب عن أن إسرائيل ستطلب من الأميركيين والدول المشاركة في المفاوضات أن ينص الاتفاق الجديد على إخراج كافة كميات اليورانيوم عالية التخصيب التي راكمتها إيران لغاية الآن.
وبحسب ما كتب المحلل العسكري للصحيفة ألون بن دافيد، فإن "إسرائيل ودول الخليج تسعى لضمان أن يشمل الاتفاق الجديد إخراج كل اليورانيوم المخصب الذي أنتجته إيران، وإن فرض قيود وإشراف وتفتيش متشدد على قدرة إيران على التقدم في جوانب مختلفة من برنامجها النووي".
ووفقاً للمحلل العسكري، فإن الجهد الإسرائيلي سينصب هذا الأسبوع (عبر لقاءات رئيس الموساد برنيع ووزير الأمن بني غانتس) على إقناع الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا بفرص عقوبات إضافية على إيران، في حال واصلت المفاوضات المراوحة مكانها.
وبحسب "يسرائيل هيوم"، فإن هذا التوجه جاء بعد فشل جهود إسرائيل في إقناع الولايات المتحدة، في الأشهر الماضية، باللجوء لخيار عسكري.
التلويح بالعصا
ويصر الموقف الأميركي الرسمي، وفق تصريحات الرئيس جو بايدن، على أن يكون الخيار العسكري هو الخيار الأخير، لذلك تتجه إسرائيل اليوم إلى موقف أقل تشدداً، وهو المطالبة بالتهديد بزيادة العقوبات المفروضة على إيران.
ويرى بن دافيد أنهم "في إسرائيل مقتنعون مثلاً بأن التهديد بفرض عقوبات إضافية سيعيد الإيرانيين إلى المفاوضات، وذلك على ضوء استمرار تدهور الاقتصاد الإيراني وانهيار العملة الوطنية، التي تجاوزت أمس حافة 300 ألف ريال للدولار الواحد".
وقال مصدر رفيع المستوى إنه إذا اعتمدت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الشريكة في الاتفاق موقفاً متشدداً وغير متهاون "مع تلويح بالعصا"، فسيتوقف الإيرانيون عن ألاعيبهم.
ويورد بن دافيد أن الحديث عن عقوبات تشمل عمليات مالية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتجميد أصول لكبار قادة الحرس الثوري في مختلف أنحاء العالم، إلى جانب منع رسو السفن الإيرانية في مختلف موانئ الشرق الأوسط، مع إعادة بعض العقوبات على بيع الأسلحة والعتاد العسكري التي تم رفعها العام الماضي.
ونقلت "يسرائيل هيوم" عن مسؤول رفيع المستوى، تطرق إلى الفجوة بين الاتفاق والتفاهمات الأميركية السابقة بشأن عدم قيام إسرائيل بمفاجأة، قوله إن "هذا الموضوع سيتم طرحه في الحوار بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل إعلان إسرائيل أنها ستحتفظ بحق الرد".
وبين أن الهدف هو تخفيف التوتر "وتهدئة الأجواء بما يسمح بإجراء حوار ناجح وسري بين الطرفين، فنحن بحاجة لأن نفعل كل شيء الآن للتأثير من الداخل، وفقط في حال لم ننجح في ذلك، سنعمل بطرق أخرى، الدخول في خصام مع الأميركيين ليس من شأنه ألا يساعد فحسب، بل يضر بالجهود".
بدورها، قالت صحيفة "هآرتس"، في هذا السياق، إن الجهد الإسرائيلي هذا الأسبوع يهدف لإقناع الولايات المتحدة بعدم العودة للاتفاق الأصلي، وعدم التوصل إلى اتفاق جزئي أو مرحلي مع إيران، وإنما بدلاً من ذلك تشديد العقوبات على طهران والتلويح بتهديد عسكري واضح.
ونقلت الصحيفة أن نتائج الجولة الأولى من المفاوضات، وتراجع إيران عن التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقاً، تمهد الأرضية أمام التأثير على واشنطن. وهو ما كانت ذكرته الصحيفة، أمس، عندما قالت إن إسرائيل ترصد إحراجا أميركياً من نتائج الجولة الأولى من مباحثات فينا الأسبوع الماضي، بما يوفر لها فرصة لمحاولة التأثير على الموقف الأميركي.
وبحسب "هآرتس"، فإن إسرائيل تطالب بأن يضاف لتشديد العقوبات التلويح بإمكانيات لاستعراض القوة أمام إيران، وأن تلتزم إيران بالانسحاب من سورية ومن دول أخرى في المنطقة وضمان التفوق العسكري الجوي الإسرائيلي.
ولفت تقرير "هآرتس" في هذا السياق إلى أن تل أبيب تعلق آمالاً على المواقف المتشددة لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان صاحب التأثير على صانعي القرار، مقابل روبرت مالي المعروف بتبنيه موقفاً مؤيداً للعودة إلى الاتفاق النووي.
مع ذلك، أشار التقرير إلى تقديرات إسرائيلية بأن إيران لن تسارع إلى تفجير المفاوضات مع الدول العظمى، لأنها بحاجة لفك جزء من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت قد دعا، أمس، الدول المشاركة في مفاوضات فيينا إلى اعتماد خط متشدد ضد إيران، معتبراً أنه آن الأوان لأن تدفع إيران ثمن خروقاتها الاتفاق.